هل تهزم الضائقة المعيشية الجيش الابيض؟
كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
لم تمض ايام قليلة على نيل حكومة “معاً للانقاذ” الثقة، حتى عادت معاناة المستشفيات الحكومية في لبنان الى واجهة الاهتمام، من باب ضرورة ايلاء القطاع الصحي اهتماماً خاصة منعاً لانهياره، مع ارتفاع نسب هجرة الاطباء والممرضين من لبنان، وتفاقم الظروف الصعبة للموظفين الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ اشهر، او المنح المدرسية. ما يميز تحرّكهم هذه المرة هو ان وزير الصحة الدكتور فراس الابيض جاء من قلب هذه المستشفيات وعلى رأس الهرم في مستشفى بيروت الحكومي (رفيق الحريري الجامعي) الذي خاض اولى المعارك ضد وباء “كورونا” في لبنان منذ انتشاره في شباط من العام 2020، وكثيراً ما طالب بإنصافها وبإنصاف الموظفين والعاملين فيها وهؤلاء يعوّلون على دوره وهو الخبير في شجونها وشؤونها.
مستشفى صيدا الحكومي واحد من المستشفيات التي تعاني من تفاقم الازمات الاقتصادية والمالية والصحية والنقص الحاد في مستلزمات تشغيلها، وتعتبر ملاذ المرضى الفقراء وذوي العائلات المستورة والطبقات الشعبية، وتكتسب اهمية خاصة كونها ايضاً ملجأ هؤلاء، ليس من صيدا وحسب وانما من قرى قضائها ومن الاقليم ومن مختلف مناطق الجنوب. وفي خطوة لتحريك ملفهم مجدداً، اعلنت لجنة موظفي مستشفى صيدا الحكومي عدم استقبال اي مريض بإستثناء مرضى الكلى وحالات انقاذ الحياة ابتداء من صباح اليوم لعدم قدرتها على تلبية حاجات المرضى الأساسية، على ان تُنظّم وقفة عند الساعة الحادية عشرة امام مدخل الطوارئ لرفع الصوت عالياً والمطالبة بدفع الرواتب والمنح المدرسية، لمواجهة الغلاء الفاحش والحالة الاقتصادية والمالية السيئة.
ويقول رئيس اللجنة خليل كاعين لـ”نداء الوطن”: “ان اعلان التوقف عن استقبال المرضى مردّه الى نفاد قدرتنا على الصمود ومواجهة الازمة المعيشية والاقتصادية الخانقة، كنا موعودين ان نقبض رواتب متأخرة عن ثلاثة اشهر ولكن ابلغنا ان ذلك صعب، فعقدت جمعية عمومية ولجنة الموظفين وتقرّر السير بعدم استقبال المرضى بدءاً من يوم الخميس (اليوم) بإستثناء مرضى الكلى وحالات انقاذ الحياة. لم نعد قادرين على الوصول الى المستشفى للعمل امام شحّ البنزين وارتفاع اسعاره وعدم دفع بدلات نقل، وبحساب بسيط فإن رواتبنا لا تكفي لبدل النقل والطعام اليوم”.
وطالب بـ”دفع الرواتب المتأخرة فوراً، وبدل نقل وزيادة عادلة لغلاء المعيشة”، قائلاً: “لقد صمد الجيش الابيض امام “كورونا” ومؤسف ان نقول انه سيهزم امام الضائقة المعيشية”، كاشفاً عن لقاء سيعقد اليوم بين مدراء المستشفيات الحكومية ووزير الصحة، وهو لقاء روتيني والاول بعد توليه مهامه الرسمية، و”سيحملون رسالة واضحة عن تفاقم معاناتنا ونأمل ان يتجاوب معها باعتباره ابن المؤسسة الحكومية ويعرف التفاصيل الدقيقة لكل ما يجري وما هو مطلوب، لذلك نعوّل كثيراً على تلبية مطالبنا بما يشعرنا اننا نحظى باهتمام دولتنا”.
ويطالب موظفو المستشفى بالإسراع في إقرار إقتراح قانون إعادتهم إلى كنف الإدارة العامة في المجلس النيابي والذي يعتبر خشبة خلاص لكل مشاكلهم، وصرف مساهمة مالية عاجلة لقبض الرواتب المتأخرة والمنح المدرسية والمفعول الرجعي، وصرف مساهمة مالية خاصة للزيادة على الرواتب بدل غلاء معيشة كي يتمكنوا من تأمين أبسط ضرورات الحياة، وبصرف كامل المصالحات المالية المتراكمة من العام 2008 من دون تأخير أسوة بالمستشفيات الحكومية الأخرى وصرف المستحقات المالية للمرضى العاديين ومرضى “كورونا” في وزارة الصحة لكي يتم تأمين المواد الضرورية لمعالجة المرضى ومطالبة وزير الصحة بالعمل على قوننة فتح حسابات للمستشفيات الحكومية بالعملات الأجنبية للإستفادة من مساعدات الجمعيات أوالأفراد ومن بعض الجهات الضامنة التي تدفع بالعملات الأجنبية والإسراع بضمّ بقية الموظفين إلى الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي.