خطوط النفط والغاز في عكار: قنابل موقوتة!
كتبت نجلة حمود في “الأخبار”:
مع الإعلان عن الاتفاق لدخول الغاز الطبيعي المصري إلى لبنان عبر الأراضي الأردنية والسورية، من خلال خط الغاز العربي، عادت الى الواجهة التساؤلات حول وضع الشبكة داخل الأراضي اللبنانية، وخصوصاً عقب كثرة التعدّيات التي أدّت مراراً الى ثقب الشبكة في أكثر من منطقة، وسط إهمال واضح من قبل الوزارات المعنية وتواطؤ وتغطية سياسية للمتورطين بأعمال التعديات.
منذ عام 2011، وشبكة الخطوط النفطية وخط الغاز في محافظة عكار تتعرض لاعتداءات بالجملة، وهو ما أدّى مراراً الى اشتعال النار في أنبوب النفط (عبارة عن 4 أنابيب، ثلاثة للنفط، والرابع للغاز).
من النهر الكبير شمالاً إلى نهر البارد، أي على مسافة 30 كيلومتراً داخل الأراضي اللبنانية، وبعرض 30 متراً، علب صفراء تحدد مسار الخط وتنبّه من خطورته، فضلاً عن إنشاء جسور لتمكين المواطنين من العبور من دون السير فوق الأنابيب… لكن من دون جدوى.
«التعديات قديمة، لجهة إقامة بيوت بلاستيكية وأعمال زراعية على جوانب الأنابيب، إضافة إلى إنشاء مزارع للحيوانات، وغرف ومستودعات وكاراجات لركن الشاحنات فوق مسار خط الغاز، أضيفت إليها خيم النازحين وقد قمنا بإزالتها»، يقول محافظ عكار عماد لبكي، مؤكدا أنه «جرى للغاية منذ عامين التنسيق مع المنظمات الأجنبية التي تهتم بإيواء النازحين، وتمت إزالة عشرات المخيمات القائمة ضمن حرم المنشآت، من دون التمكن من إزالة كل التعديات المزمنة العائدة للبنانيين من أبناء تلك المناطق».
حرائق بالجملة اندلعت في منطقة البقيعة والعبودية، وقبة بشمرا… نتيجة التعديات وسعي مافيا المحروقات لثقب الأنبوب واستخراج المواد النفطية، وهي مهنة راجت في الآونة الأخيرة تحديداً في البلدات الحدودية.
ترتفع صرخة الأهالي والمواطنين في منطقة العبدة ـ ببنين جراء التسرب النفطي المتكرر من الخط الذي انفجر العام الفائت وأدى حينها الى ضخ كميات هائلة من النفط قدرت بأكثر من 30 صهريجاً، وتسبب باندلاع حريق هائل، حيث تبيّن حينها وفق ما أعلنت المديرة العامة للمنشآت النفطية أورور فغالي «أنه ناجم عن خطأ تقني من الجانب السوري، الذي عمد الى ضخ النفط في الأنبوب المغلق منذ الثمانينيّات، ما أدى الى انفجار «السكر» على الحدود وتسرب المواد النفطية داخل الأراضي اللبنانية نتيجة الضغط، لأن الأنبوب الذي يبلغ قطره 16 إنشاً، مغلق داخل الأراضي اللبنانية وداخل المنشآت».
عودة التسربات مجدداً على طريق عام العبدة البحري، تثير الرعب في نفوس المواطنين الذين أعربوا عن مخاوفهم من اندلاع حرائق في المكان على بعد أمتار من المنازل السكنية، ما سيتسبب بكارثة إنسانية، فضلاً عن الأضرار البيئية والزراعية حيث انفجرت الأنابيب داخل البيوت الزراعية.
«الاعتداءات المتكررة على الخط في بلدات العبودية، وقبة بشمرا تتسبب بعودة تسرب المواد النفطية»، بحسب بعض سكان المنطقة، مؤكدين أن أبناء بعض البلدات المجاورة يحقنون الأنبوب بالمياه لسحب كميات من النفط الخام بهدف بيعها في المناطق الحدودية، أو في الداخل السوري.
وعمدت فرق الصيانة التابعة للمنشآت إلى إغلاق الثقوب، وإعادة طمرها. «أما الأنبوب الرئيسيّ الذي انفجر العام المنصرم، فجرى حفره وتركه مكشوفاً، وقمنا على نفقتنا الخاصة بنقل التراب وفلشه أمام منازلنا للتخلص من الترسبات والروائح، وعندما تواصلنا مع البلدية لنقل التراب الملوث رفضت الأمر، والمنشآت تطلب منا إيجاد مكان بالتنسيق مع البلدية، والنتيجة أن صحتنا وصحة أطفالنا مهددة ولا أحد يهتم، ونحن نقطن بجوار قنابل موقوتة في حال عدم توقف الاعتداءات»، يقول أحد أبناء المنطقة، مؤكداً وجود فيديوات توثّق الاعتداء على الخطوط، ولكن للأسف من يقوم بهذه الأعمال محميّون سياسياً ولا يتم توقيفهم من قبل الأمن».
ويؤكد أحد مهندسي منشآت النفط في الشمال لـ«الأخبار» أن «عدم معرفة الناس بخطورة هذه الأنابيب يجعل منها قنبلة موقوتة في حال حدوث أي تعدٍّ عليها»، مشدداً على «أن الخوف الكبير هو من خط الغاز المضغوط». فهل تعمد الحكومة الى تفعيل الأنابيب وصيانتها ومنع التعديات عنها بشكل كلي، وبالتالي حماية المواطنين ومنع التسبب بكارثة إنسانية، على أبواب عقد الاتفاقيات لاستجرار الغاز الى دير عمار عبر سوريا؟