ميقاتي: لدي ثلثان..
كتب منير الربيع في “المدن”:
الثلث المعطّل، إنه القطبة الأساسية التي تتفاعل معها القوى السياسية على اختلافاتها. هو كلمة السرّ لتشكيل الحكومة، والمعادلة الثابتة في كل الحكومات السابقة وتحديداً منذ ما بعد العام 2008، كانت تتضمن الثلث المعطل. وهذا ما تكرّس في اتفاق الدوحة. وحكومات التسوية بين الحريري وعون كان الثلث عرفً مسلماً به. أعيد النقاش فيه بمرحلة انتهاء التسوية بين الطرفين، مع تبرير عودة الحريري إلى السلطة بعد استقالته، بأنه يخوض المعركة في مواجهة هذا الثلث. كذلك افتعل الحريري هذا العنوان (لا للثلث المعطل) في محاولة لإرضاء القوى الدولية والعربية، وأن تشكيل الحكومة ليس عملية إنهزامية جديدة للحريري، أو لمن يشكل الحكومة. ولكن خروج الحريري من السباق أخرج معه كل هذه الأثقال، من بينها موضوع الثلث المعطل. وأصبح مسار تشكيل الحكومة مرتبطاً بالحقائب وكيفية إدارة التفاوض، لترتيب الأوضاع السياسية والاقتصادية للمرحلة المقبلة.
قرار حزب الله أولاً
في المقابل، كان فريق رئيس الجمهورية يعتبر أن الثلث المعطل هو أمر طبيعي، يتوجب المطالبة به، لأن هناك قوى معارضة له في الحكومة، ولا يمكن الإستسلام لها. وبهذا الثلث يصبح الجميع متساوين في مجلس الوزراء. وهنا، لا بد من اعتبار أن مسؤولية إنجاح هذه الحكومة يرتبط بأداء ميقاتي، الذي سيدير الحكومة بين قوى معارضة لرئيس الجمهورية وفريق هذا الرئيس.
كذلك، أُوجدت بدعة الثلث المعطل لحسابات داخلية، تتعلق بالملفات التنفيذية. ولذا، أصر عون عليه. فيما لايمكن احتساب العلاقة بين هذا الثلث والقرار الاستراتيجي في الحكومة، لأنه خاضع لحزب الله الذي لديه ثلثين وليس ثلثاً واحداً. وبالتالي، هو لا يتعلق بموقع لبنان في المنطقة أو السياسة الخارجية، لأنها لا يمكن أن تتعارض مع وجهة حزب الله. أما فيما يتعلق بقرار الاستقالة من الحكومة، فهو أمر سيكون خاضعاً أيضاً لحسابات الحزب وتقديراته.
منهجية جديدة
بين كل هذه التوازنات والحسابات الدقيقة والمصالح المتضاربة، أراد نجيب ميقاتي سلوك طريق تشكيل حكومته الثالثة، فحرص على السير بين النقاط، وبين الألغام القابلة للتفجّر. لذلك يؤكد ميقاتي لـ”المدن”: “أنا، منذ اليوم الأول لتكليفي بتشكيل الحكومة، أبلغت الجميع بأنني لا يمكن أن أمنح الثلث المعطل لأي فريق ولأي طرف. صحيح أنه كانت هناك محاولات كثيرة للحصول عليه، لكنني نجحت في تجاوزها، بالتركيز على آلية عمل مجلس الوزراء، والبرنامج الذي لا بد من وضعه، والعمل بناء عليه، لتحقيق الإصلاحات والحصول على المساعدات الدولية.
ويضيف ميقاتي: “إنطلاقاً من التنسيق والإنسجام بيني وبين الوزراء، فإن معادلة الثلث المعطل تسقط بشكل كامل. وأستطيع أن أقول إن لدي في هذه الحكومة أكثر من ثلثي وزرائها، إنطلاقاً من دوافع العمل والتنسيق”.
ويؤكد ميقاتي لـ”المدن”: “الآن، ليس وقت الاحتساب السياسي بالنقاط أو بالحصص، إنما وقت إطلاق ورشة عمل للنهوض بلبنان من أزماته المتوالية، والحدّ من الإنهيار، والإسراع في العمل على إنجاز ملفات أساسية تتعلق بأزمة الكهرباء وإيجاد الحلول السريعة لها. بالإضافة إلى ملف المحروقات وتوفيرها، لتسهيل انطلاق العام الدراسي”.
أما سياسياً، فيفضل ميقاتي عدم الدخول في تفاصيل العناوين السياسية، لأنها قد تكون عاملاً إنقسامياً. هو يركز على التعاون بينه وبين الرئيس ميشال عون لتحقيق الإنجازات المطلوبة. ويقول: “هذا يجب أن يبدأ من اتباع منهجية حكومية وسياسية جديدة، عنوانها استعادة العلاقات مع كل الدول، وخصوصاً الدول العربية. وهذا ما يجب التركيز عليه في البيان الوزاري، وفي المنهجية السياسية التي ستتبعها الحكومة”.