لبنان

بعد سيطرتها على وادي بنجشير.. هل تعيد طالبان حكم التسعينيات؟

أكد المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد، في مؤتمر صحافي يوم الإثنين، أن قوات حركة طالبان استولت على وادي بنجشير. ومع ذلك، ما من توقعات، في الوقت الحالي، أن تصمد مناطق البلاد المعزولة أمام استيلاء طالبان السريع على كامل فغانستان.
وبحسب صحيفة “ذا ناشونال” الإماراتية، سيحقق الاستيلاء على وادي بنجشير انتصاراً كبيراً وحتى تاريخياً لطالبان. وقام الاتحاد السوفياتي، بين عامي 1979 و1989، بتسع محاولات للاستيلاء على الوادي اثناء احتلاله للبلاد، إلا أن محاولة واحدة فقط نجحت. والآن، وبعد استيلاء الحركة على الوادي، باتت جلية صعوبة السيطرة على المنطقة خاصة وأنها، وبفضل طبيعتها الجبلية، توفر غطاءً جيداً لقوات المقاومة المحلية.
والآن، يبدو أن طالبان سيطرت بشكل شبه كامل على أفغانستان، وباتت جاهزة لأخذ قرارها بشأن نوع الحكومة التي تريد تشكيلها، خاصة بعد أن تراجعت قوات الجبهة الوطنية للمقاومة في الوادي. ويخوض مسؤولو طالبان مناقشات مغلقة بشأن موضوع الحكومة منذ عدة أيام.
ولطالما شدد كبار المسؤولين في طالبان على استعدادهم للحكم سلمياً، سعياً لتهدئة المخاوف التي انتشرت بين السكان من أنهم سيعيدون عهد الإرهاب، وهي الصفة التي اتسمت بها الحركة في فترة حكمها لأفغانستان في تسعينيات القرن الماضي.

وفي تسجيل صوتي ردا على تصريحات مجاهد، ادعى زعيم الجبهة الوطنية للمقاومة أحمد مسعود أن طالبان، في احتلالها المزعوم لبنجشير، قد انتهكت دعوة رجال الدين البارزين الأفغان لوقف إطلاق النار. كما وتعهد مسعود بمواصلة المقاومة وحث الأفغان على الانتفاض، مشددا على ان طالبان لم تتغير.

وتظهر، كل يوم تقريبا، أدلة جديدة تؤكد نظرية مسعود. وجاءت التقارير التي تثبت انتهاكات الحركة لتزيد الطين بلة. ففي الأسبوعين الماضيين، اتهمت المجموعة بمطاردة وقتل موظفي الخدمة المدنية الذين عملوا في الحكومة السابقة. أما في الأسبوع الماضي، فورد أنه تم إعدام مجموعة من الجنود السابقين لدى استسلامهم لطالبان في مقاطعة دايكوندي.

ويثير التناقض الحاصل بين مزاعم الحركة بإرساء عصر جديد أكثر تسامحا وأفعال المسلحين على الأرض تساؤلات حول نوايا طالبان، ويضيء على مشكلة أكثر تعقيداً، وهي ما يحكى من أن قيادة الحركة لا تملك القدرة على السيطرة على جنودها، وإن كان هذا الأمر صحيحاً، فسيشكل عائقاً رئيسياً على طريق تشكيل حكومة مستدامة.

في نهاية المطاف، فإن الخطوة الأكثر ضمانة والتي يمكن أن تستفيد منها حركة طالبان لضمان موقعها في السلطة وبالتالي كسب ثقة الجميع في أفغانستان، هي اظهار مدى تفهمها لمبدأ “السلام”، ما يعني إعطاء الأولوية وإحكام الانضباط والقانون والنظام بين صفوفها، كما وتحقيق العدالة بأسرع وقت ممكن لضحايا الجرائم المرتكبة بإسمها، بالإضافة إلى وضع حد لأية محاولات تهدف لهزيمة معاقل المقاومة باستخدام العنف، واختيار الدبلوماسية كبديل، بغض النظر عن المدة التي يستغرقها ذلك.

سيزيد سقوط وادي بنجشير بين أيدي طالبان من مآسي أفغانستان. وتشكل هذه المرحلة بأكملها انعكاسا للقضايا التي ستواجهها الحركة، خاصة تلك المتعلقة بالشرعية الشعبية والدولية، كما ورفض العديد من الأفغان الخضوع للحكم الأصولي. والأهم من ذلك، فان القرار الذي ستتخذه الحركة ما بين انهاء او استمرار سياستها المتسمة بإراقة الدماء في بنجشير، سيقدم للأفغان فكرة عما يمكن توقعه حالما يتم الإعلان عن حكومة طالبان الجديدة.
lebanon24

مقالات ذات صلة