من المستفيد من عدم تشكيل الحكومة؟
سنة ونحو الشهرين مرت على استقالة الرئيس حسان دياب من الحكومة. منذ ذلك الحين شهد لبنان ثلاثة تكاليف كان آخرها التكليف الحالي للرئيس نجيب ميقاتي الذي قبل بمهمة انتحارية بعد فشل تشكيل الحكومة في مرتين سابقتين .
سنة ونحو الشهرين ولا يزال الشعب اللبناني محرومًا من أمواله ودوائه ووقوده وأبسط حقوقه، وفي ظل وصول نسبة الفقر إلى حدود الـ 74% وفق دراسة للإسكوا، لم يعد اللبناني يستطيع أن يأكل شيئًا،”إلا أصابعه” ندامة على انتخاب أطراف سياسية لم تنجح بإنقاذه من الاصطفاف في طوابير الذل.
أكثر من عام وسؤال الكثيرين: من المستفيد من عدم تشكيل الحكومة؟
مصادر سياسية بعيدة عن الخط السياسي الذي يعرف بـ8 آذار سابقًا أشارت لـ”لبنان 24″ إلى أن “الصراع الظاهر هو خلاف على الصلاحيات ، بينما الخلاف الأساسي هو بين حزب الله وقسم كبير من الشعب اللبناني لأن حزب الله لديه الأجندة الخاصة به وقد قالها السيد نصرالله سابقًا إننا نريد حكومة تحمي ضهر المقاومة فهذا يعني حكومة بيد حزبية وليس حكومة تستطيع أن تتخذ قرارات تناسب اللبنانيين”
وقالت المصادر: “المطلوب أن تكون هوية الحكومة جزءًا من محور المقاومة ورئيس الحكومة لا يستطيع أن يحمل هذا الأمر ورئيس الجمهورية لا يستطيع أن يقدمها مجانًا فهو لا يوقع على التشكيلة الحكومية من دون أن يحقق مكاسب معينة، وهي إما الثلث المعطل، أو مفاوضة المجتمع الدولي لرفع العقوبات عن جبران باسيل”، مؤكدة أن الحكومة لم تتشكل لحد الآن “لأن حزب الله لا يريد أن تتشكل إذ إنه ينتظر التطورات في المنطقة”.
من جهتها، نفت مصادر سياسية مؤيدة لحزب الله هذا الكلام، مشيرة لـ”لبنان 24″ إلى أن “حزب الله قام بالعديد من المحاولات أيام تكليف الرئيس سعد الحريري لتسهيل عملية التشكيل ومع بداية تكليف الرئيس ميقاتي إلا أنه مل من هذه الطريقة في التعاطي مع تشكيل الحكومات خصوصًا في ظل الوضع الذي نشهده، ففي آخر خطاب للسيد نصرلله استشاط غضبًا وقال “أنا لا أفهم لماذا لم يتم الوصول إلى تشكيل الحكومة” فلو كان هو المعرقل ولم يمارس ضغوطًا لما وجه هذه الملاحظة”، مستدركة بالقول: “في الوقت نفسه فهو لا يمكنه أن يمارس عملية إجبار أو إكراه للتشكيل الحكومي”.
في السياق، لفتت المصادر إلى أنه “من المفترض أن الكل غير مستفيد من عدم تشكيل الحكومة وأن هذا الأمر ينعكس سلبًا على كل اللبنانيين”، متسائلةً: “هل يعقل أن هناك بعض القوى السياسية في لبنان تفكر في مثل هذا الأمر؟”.
وأضافت: “هذا شيء عجيب لكن الوقائع تشير إلى أن بعض القوى فعلًا لا تريد تشكيل الحكومة”، مؤكدة أن “كل الذين يطلقون أسهمهم على العهد والرئيس ميشال عون لهم مصلحة بعدم تشكيل الحكومة لأنهم يريدون إكمال حلقة الفشل وإلصاقها برئيس الجمهورية من دون أن يتحملوا اي مسؤولية”، مستطردة بالقول: “”يوجد العديد من القوى التي تتصرف بهذا الإطار وإن صرحت بغير ذلك وممكن أن يشمل ذلك تيار المستقبل ونادي رؤساء الحكومات السابقين وربما الرئيس بري في مكان ما وربما أيضًا القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية باعتبار أنهما معارضين تمامًا لما يجري، وبالتالي الحلقة الأضعف في هذا الإطار هما حزب الله والتيار الوطني الحر اللذين يصران على تشكيل الحكومة وإن اختلفت المقاربة بين كل منهما حول طبيعة ما يجري ومن يتحمل المسؤولية”.
وفي حين شددت المصادر على إصرار العونيين على تشكيل الحكومة، لفتت من جهة أخرى إلى أن “هناك من يعمل في التيار على تقوية العصب باعتبار أن هذا الأمر يشكل حكمًا أخيرًا للمسيحيين في لبنان”، وبمعنى آخر فإن التيار العوني “لا يريد أن يعطي الرئيس المكلف ما لم يعطه للرئيس الحريري وبشكل أوضح ربما هناك تمسك بالتسمية المسيحية أو أن يكون لهم الموافقة على التسمية المسيحية باعتبار أن السنة استأثروا في التسمية السنية والشيعة استأثروا بالتسمية الشيعية والدروز استأثروا بالتسمية الدرزية فلماذا يكون هناك تشارك في التسمية المسيحية؟ وهنا تكمن العقدة المتبقية”.
فهل يعني هذا الكلام محاولة الحصول على الثلث المعطل؟
هنا تقول المصادر لعملية التأليف الحكومي “إن التسميات اختلفت حول هذا الموضوع ولكن رئيس الجمهورية ربما يريد أن يقول لماذا لا يصح لنا ما يصح لغيرنا؟”.
وتضيف أن “الرئيس المكلف هنا بات واقعًا بين العديد من المشكلات فهو يحاول أن يوازن بين كل هذه المطبات وبالتالي وجد نفسه في مكان صعب” مشيرةً إلى أن “الأمور تذهب باتجاه التصعيد أكثر بكثير مما تذهب باتجاه الحلحلة”.
وشددت المصادر على أن “التوافق هو اللغة التي يمكن أن تحكم هذا المسار فلو كان هناك نية سليمة بين الأطراف التي تشكل الحكومة لما وجدنا عائقًا بتسمية وزير من هنا أو هناك فالمسألة ليست بالعدد بل لها علاقة بالنوايا”، مشددة على أنه “لتفادي الوقوع في مشكلة الثلث المعطل يجب أن تكون التسمية توافقية بين الطرفين”.
وفي حين يكثر الحديث عن أن التيار الوطني الحر هو المستفيد من عدم تشكيل الحكومة لكي لا تكون مشرفة على الانتخابات النيابية المقبلة، أشارت المصادر إلى أن “هذا أيضًا مطروح لكن عمليًّا سيبقى مدونًا في تاريخنا المعاصر أن الرئيس عون انتهى عهده من دون أن يشكل حكومة ومثل هذا الأمر قد يكون سيئًا جداً في مستقبل الأيام على التيار الوطني الحر كحالة سياسية، فالمسألة ليست في الانتصار اللحظوي بل في أن تنتظم الحياة السياسية للأطراف السياسية التي أصيبت بخسارات كبيرة”.
وأكدت المصادر أن “ميقاتي سيكون الرابح الأكبر إذا ما تمكن بتشكيل الحكومة فسيصبح بنظر اللبنانيين أكثر شخصية تحظى بالاهتمام والتقدير لأنه كان رئيسًا انتحاريًّا كما فعل في فترة سابقة”.
lebanon24