لا للثلث المعطِّل… فليفهم مَن لا يريد أن يفهم
أبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون،وفد مجلس الشيوخ الأميركي برئاسة رئيس اللجنة الفرعية لشؤون الشرق الأوسط في المجلس السيناتور كريس مورفي، الذي جال على المسؤولين، أن عملية تشكيل الحكومة الجديدة قطعت شوطًا كبيرًا، وأن الكثير من العقبات قد ذللت، معربًا عن أمله في أن تُشكّل الحكومة هذا الاسبوع، لافتًا الى أن من أبرز المهمات المطلوبة منها هي اجراء إصلاحات واطلاق عملية النهوض الإقتصادي لمواجهة تداعيات ما شهده لبنان خلال الأعوام الماضية من احداث تراكمت فوق بعضها البعض، وأدّت الى الوضع الصعب الذي يعيشه اللبنانيون راهنًا.
هذا الكلام الصادر رسميًا عن المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية، والذي قيل أمام وفد أميركي رسمي لا يحتاج إلى تأكيد من أي مصدر آخر. هو يعني، كما جاء في الكلام الرسمي أنه لا تزال بعض التفاصيل في ما خصّ التشكيلة الحكومية عالقة، وهي تحتاج إلى المزيد من الإتصالات، التي يقوم بها أكثر من طرف، على أمل أن تتشكّل الحكومة هذا الأسبوع.
فإستعمال تعبير “على أمل” لا يوحي بكثير من الإرتياح، ويؤشّر إلى أن الأمور لم تصل بعد إلى خواتيمها بعد. فلو كانت هذه العقد قد حُلّت لكان تحدّد موعد لجولة المفاوضات الـ 14 بين الرئيس عون والرئيس المكّلف نجيب ميقاتي، الذي سبق أن قدّم تشكيلته في اللقاء الثالث عشر، مع تركه باب الأخذ والردّ مفتوحًا بالنسبة إلى تبديل بعض الأسماء بالتوافق بين الرئيسين، من دون أن يعني ذلك التسليم بما يُحكى عن ثلث معطّل في أي شكل من الأشكال، لا بالمباشر ولا مواربةً.
فتذليل العقبات محصور فقط ببعض الحقائب والأسماء كما بات معلومًا. وإذا كان الأمر كذلك فإن لا شيء يمنع أن تبصر الحكومة النور. أمّا إذا ثبُت العكس فإن ذلك يعني أن وراء الأكمة ما وراءها من أسباب قد تكون مجهولة وقد تكون معلومة في آن.
فالمعلوم، وإن بصيغة المجهول، هو أن ثمة من لا يريد لهذه الحكومة المعروفة مهمتها أن تولد من رحم المعاناة، وبالتالي لا يريد قيامة للبلاد والعباد من تحت الإنقاض والردّم، مع ما خلّفه الفساد على كل المستويات من كوارث بنيوية في التركيبة اللبنانية الهشّة.
فأمام هؤلاء الذين يختلقون الحجج والأعذار في كل مرّة تلوح فيها بوادر أمل في حلحلة ما، وفي إحداث خرق في جدار الأزمة السميك، فرصة قد لا تتكرر. فلا الثلث المعطّل سيفيد هؤلاء متى أصبحت هذه الفرص غير متاحة، ولا أي شيء آخر، لأن كل شيء في البلد قد يصبح معطّلًا، ولن تعود تنفع آنذاك الشفاعات والوساطات والأثلاث والمخمس المردود وضرب الأخماس بالأسداس.
الوضع المأزوم أخطر من أن يُترك بين أيدي بعض المغامرين أو المقامرين بمصير وطن وشعب بأكملهما.
قد تكون مشكلة المشاكل، وهذا ما تبيّن للذين قلبهم على لبنان، من الداخل ومن الخارج، أن البعض لا يزال يراهن على متغيّرات ما في المعادلات القائمة، وذلك ظنًّا منه أن الأمور قد تنقلب لمصلحته، وأن أسهمه الشخصية قد تعود إلى الإرتفاع.
هذه التوقعات – الأوهام غير موجودة سوى في الرؤوس، التي لا تزال حامية، على رغم الأهوال التي يعيشها الوطن ومعه المواطن.
ما يفيد هؤلاء أن يتواضعوا قليلًا، حتى ولو لم يكن ذلك يُحسب من طباعهم وعاداتهم. وغير ذلك فإن الأمور باقية على حالها، ولن يحصلوا على مرادهم. فما يطالبون به وما يسعون إليه غير مقبول لا اليوم ولا الأمس ولا غدًا.
lebanon24