تنازع الأهداف.. والحكومة مجهولة المصير
لن ينجلي المشهد الحكومي هذا الاسبوع لان الخلافات التي تكمن حول الأسماء وتوزيع الحقائب لا تزال عائقا امام بلوغ الهدف المنشود..
التعقيدات على قدم وساق، ومنسوب التفاؤل الشكلي تراجع، بالنسبة الى قصر بعبدا، لا كلام يقال سوى أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ملتزم بما جرى الاتفاق عليه بينه وبين الرئيس المكلف وأنه لم يطالب على الإطلاق بثلث ضامن أو معطل وإذا كان لدى الرئيس المكلف كلام آخر فليقدمه للإعلام سواء بنفسه أو عبر مستشاريه.
بيد ان الواقع مناقض لما تدلي به مصادر بعبدا، تقول مصادر الثنائي الشيعي لـ”لبنان24″، فصحيح أن الرئيس عون لم يتحدث صراحة عن الثلث الضامن، بيد أنه ، ومن خلال الأسماء التي طرحها للحقائب التي ستعود إليه والأسماء التي تمنى على الرئيس المكلف استبدالها بأخرى اقترحها الرئيس ميقاتي، ثبت انه يبغي الحصول على عشرة وزراء مواربة، الأمر الذي خلق تضاربا في الرؤى تجاه عملية تشكيل حكومة جديدة للبنان وفق الأسس المعروفة، علما أن الرئيس ميقاتي تمنى أمس ، عقب بيان بعبدا، على الجميع إقران الإيجابيات المعلنة بخطوات عملية لتسهيل مهمته وتشكيل الحكومة في أسرع وقت. ويأتي ذلك ردا على بيان القصر الجمهوري الذي اعتبر أن الرئيس عون “قدم ويقدم… لميقاتي كل التسهيلات اللازمة من دون التوقف عند حقيبة أو اسم، طالما تنازل منذ البدء عن الثلث الضامن وغيره، إدراكا منه لعمل عدة قوى على منع تأليف الحكومة وتصميمها على اخذ البلد باتجاه الفوضى، تحقيقا لغاياتها السياسية”.
امام كل ذلك، لا يخفي” التيار الوطني الحر” قناعته “من أن الرئيس سعد الحريري لا يريد ورئيس المجلس النيابي نبيه بري تأليف حكومة، وهما يواظبان على فتح صدام مع رئيس الجمهورية بهدف تطويق العهد، وخلق عقد وفتح ملفات من شأنها ان تدفع الرئيس المكلف الى الاعتذار، وصولا الى اتهام العهد بعرقلة تأليف ثلاث حكومات، اذا لم تؤلف الحكومة العتيدة” . فالحريري ، وفق المصادر العونية ، “فتح هجوما على الحكومة قبل ان تتشكل، حين سأل امس ردا على وصول سفينة وقود إيرانية خلال ساعات الى لبنان، “أي حكومة هذه التي يريدونها ان تفتتح عملها باستقبال السفن الايرانية والاصطدام مع المجتمع الدولي”.
وتجدر الإشارة إلى أن الحريري تعمد الهجوم على حزب الله، فقال امس هل نحن في دولة تسلم فيها حزب الله كل الحقائب الوزارية، من الصحة الى الاقتصاد الى الدفاع الى المرافئ والاشغال العامة، له ساعة يشاء ان يطلب الدواء من إيران، وان يستدعي السفن الايرانية المحملة بالمازوت والبنزين وان يهدد بإدخالها بحراً وبراً وجهاراً نهاراً، رغماً عن السلطات العسكرية والامنية؟!”
وعلى رغم تأكيد الرئيس ميقاتي علاقته الوطيدة بالرئيس سعد الحريري والرئيسين السنيورة وسلام، يصر بعض المتابعين السياسيين من خصوم الحريري على القول ” ان الاخير لا يريد للرئيس ميقاتي أن ينجح في تأليف حكومة، عطفا عن أنه يبدي انزعاجا من حزب الله ظناً منه ان الحزب يدأب على تسهيل التشكيل في الوقت الراهن ويظهر حماسة لذلك، في حين أنه لم يكن على هذه الحال اثناء تكليف الحريري”.
أمام كل ذلك، تبدي أوساط سياسية محايدة ريبة مما يجري على خط التأليف، معتبرة أن الرئيس ميقاتي يكاد يكون محاصرا بين جبهتين: جبهة عون- باسيل، وجبهة الحريري – بري، مبينة أن الرئيس ميقاتي الذي يستشعر خطر الأزمة ويسعى الى تأليف حكومة متجانسة من اختصاصيين من خلال اختيار وزراء قادرين على العمل معا بعيدا عن الكيدية والصراعات الحزبية، يواجه عقدة الثلث الضامن وتشدد الرئيس عون في موقفه تجاه تسمية الوزيرين الذين سيتوليان وزارتي الداخلية والعدل، فهو يريد ان تكون له حصة في هاتين الحقيبتين لارتباطهما بانتخابات ايار 2022 كونه يخوض معركة وجود في الاستحقاقين المقبلين، وبالتالي، فإنه لو رفض ميقاتي المطلب العوني المبطن(10وزراء)، من يضمن أن يوافق الرئيس عون على التشكيلة، وإذا قرر التنازل لمصلحة البلد، من يضمن ردة فعل الرئيس الحريري وكيفية تعاطيه في مجلس النواب خلال جلسة الثقة، وماذا عن الشارع والاحاطة السنية له؟
ما تقدم يظهر حجم التريث الذي يحيط بحركة تقدم مسار التأليف، علما ان الرئيس ميقاتي ليس في وارد الاعتذار في الوقت الراهن فهو بحسب عارفيه لن يستسلم وسيتابع في مساعيه، وعلى تواصل مع القوى السياسية كافة، ويرفض التكهنات والافتراضات التي يطرحها البعض ويقدمها حول نيات البعض تجاهه، خاصة وان علاقة قوية ومتينة تربطه بهم بمعزل عن ان لكل منهم طريقة عمله واسلوبه في حل الأزمات.
ومع ذلك تبقى الاسئلة مشروعة هل سينجح الرئيس المكلف في فك العقد، وإذا تجاوز هذه المطبات،فهل سيسمح لحكومته بالعمل في ظل تنازع المقرات الرسمية والحزبية والتراشق السياسي ؟ الاجابة عن هذه الاسئلة تنتظر الأيام القليلة المقبلة ليبنى على الشيء مقتضاه.