المنسّقة الخاصّة للأمم المتّحدة يونا فرونتسكا لموقع mtv: لا وقت بعد الآن… أنقذوا لبنان!
كتب ريكاردو الشدياق في موقع mtv:
تراكمت الأحداث على المستوى الأقصى من الخطورة مع بداية آب. من خلدة، فـ4 آب، مروراً بشويّا، العتمة الشاملة وفضائح تخزين المحروقات، وصولاً إلى انفجار عكار. مشهد إستثنائيّ دفع المنسّقة الخاصّة للأمم المتّحدة في لبنان يوانّا فرونتسكا إلى التحدّث في أوّل حوار مفصّل منذ تعيينها في نيسان.
تقف الأمم المتّحدة بحالة من المسؤوليّة أمام عكار المنكوبة، حيث تنطلق فرونتسكا بـ”التقدم بأحر التعازي من أسر ضحايا هذا الإنفجار المريع ونتمنّى الشفاء العاجل لجميع الجرحى”، معلنةً أنّ “الأمم المتحدة على استعداد لتقديم المساعدة، على المستوى الإنساني، وهي حشدت مواردها لمساعدة المستشفيات والضحايا، عبر منظمة الصحة العالمية التي أرسلت الأدوية والمعدّات والإمدادات الطبية لمعالجة 250 حالة تعاني من الحروق و3000 مصاباً، ليتمّتوزيعها على المستشفيات التي تستقبل المصابين”.
أمّا عن الأحداث الأمنيّة التي تتالت مع مطلع آب، فترى، لموقع mtv، أنّ “ما حدث منذ أسبوعين كان مقلقاً للغاية وهو نموذج ملموس عن مدى سرعة إمكانية التصعيد، وأهمية أن تمارس الجهات المعنية أعلى درجات ضبط النفس وتتجنب الأفعال التي من شأنها أن تفاقم التوترات أو أن تؤدّي إلى سوء التقدير”، معتبرةً أنّ “إطلاق الصواريخ من لبنان والرد من الجهة الإسرائيلية حادثتان خطيرتان كان يُمكن أن تؤدّي إلى مزيد من التصعيد مع عواقب وخيمة”، ومُشدّدةً على أنّ “تطبيق القرار 1701 بكامل مندرجاته هو أفضل ضمانة لحماية سيادة لبنان ولصَون أمنه واستقرار لبنان والمنطقة”.
وتلفت فرونتسكا إلى أنّه “يوجد آليات لتسهيل ذلك وللحث على وقف التصعيد ومنع انتهاكات وقف الأعمال العدائية، بما في ذلك مساعي للمنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان ودور اليونيفيل في تحقيق الإستقرار، في ضوء آلية الإجتماعات الثلاثية التي تناقش الإنتهاكات الجوية والبرية ضمن نطاق ولاية اليونيفيل بموجب القرار 1701”.
“رسم إنفجار التليل، وكذلك تبعاته المأساوية، صورة واضحة جداً بأن الحلول لمشاكل لبنان المتراكمة لا يمكن أن تنتظر، وإعادة لبنان إلى مسار التعافي والاستقرار أمر ملح”، تقول، واضعةً كأولويّة “تشكيل حكومة ذات وجهة إصلاحية ومتمكّنة بشكل كامل، ويجب ألا يتأخر ذلك، فهذا هو الوقت المناسب لوضع الدولة فوق المصالح الحزبية والشخصية ولتلبية احتياجات الناس، فالبلد بلا حكومة فاعلة منذ عامٍ كامل، وتدهورت الأزمة الإجتماعية والإقتصادية إلى مستويات غير مسبوقة”، مضيئةً على أنّ “التأثير الأكبر للأسف يصيب اللبنانيين، سيّما عبر ارتفاع معدلات الفقر وتزايد الاحتياجات الإنسانية والشح الحاصل في الوقود والأدوية والسلع الأساسية الأخرى، والإحتجاجات اليومية وقطع الطرقات في جميع أنحاء البلاد عبارة عن رسالة تذكيرية صارخة عن إحباط السكان”.
وبالنسبة إلى الإجتماعات التي تُعقد بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي لتأليف الحكومة، تُكرّر المنسّقة الخاصّة “الحاجة إلى حكومة متمكّنة وذات وجهة إصلاحية، ولن نحكم مسبقاً على جهود ميقاتي، ومسؤولين آخرين، لكن الأمم المتحدة تواصل حث القيادة السياسية على الإرتقاء فوق المصالح الضيقة والإسراع بتشكيل حكومة قادرة على اتخاذ إجراءات وتطبيق إصلاحات لوضع البلاد على طريق التعافي”.
وبالنظر إلى انتخابات العام 2022 التي توليها الأمم المتّحدة أهميّة كبرى، تؤكّد على “الأهمية القصوى لإجراء الانتخابات البلدية والنيابية لعام 2022 ضمن المهل الدستورية، وهذا أمر بالغ الأهمية للحفاظ على الممارسات الديموقراطية في لبنان ولإعطاء اللبنانيين فرصة للتعبير عن آرائهم حول كيفية عمل النظام بالنسبة لهم، فالإنتخابات عبارة عن وسيلة مُهمّة يمكن للشعب من خلالها اختيار ومساءلة ممثليه المنتخبين، كما أنّ تحسين تمثيل المرأة في مناصب صنع القرار هو أيضاً عامل يجب أخذه في عين الاعتبار”، مضيفةً: “بإمكان الأمم المتحدة أن تعرض مساعدة خبراء وهي ناشطة في تقديم الدعم الانتخابي التقني للسلطات اللبنانية”.
نسألها: “هل لدى الأمم المتحدة مبادرة استثنائية لتأمين الإحتياجات الغذائيّة والطبيّة والدوائيّة للبنانيين؟”، فتُعلن أنّ “الأمم المتحدة وضعت، مع المنظمات غير الحكومية، تحت قيادة منسقة الشؤون الانسانية والفريق القطري الإنساني، خطة إستجابة طارئة لمدة 12 شهراً من أجل تقديم الدعم الإنساني المنقذ للأرواح إلى 1.1 مليون شخصاً من اللبنانيين الأكثر هشاشةً، والمهاجرين المتأثرين بالأزمة الحالية في قطاعات الأمن الغذائي والصحة والتغذية والمياه والتعليم وحماية الأطفال”.
وتشرح أنّ “الخطة البالغة قيمتها 378.5 مليون دولار أميركي والتي تمّ نشرها على هامش المؤتمر الدولي لدعم الشعب اللبناني الذي ترأسته فرنسا والأمم المتحدة في 4 آب 2021 تتكامل مع برامج الأونروا وخطة لبنان للاستجابة للأزمة التي تستهدف النازحين السوريين والفلسطينيين والمجتمعات المضيفة لهم”.
وتهدف خطة الإستجابة الطارئة إلى الترابط مع الحلول التي تعالج الأسباب الجذرية للأزمة والتحضير لها، وهذا الحل يجب أن يأتي عن طريق الإصلاحات الهيكلية والمبادرات الإنمائية الحكومية، بما في ذلك تطبيق استراتيجية حماية اجتماعية متكاملة وشاملة، تبعاً لفرونتسكا.
وعطفاً على كل ذلك، تُطلق فرونتسكا نداءً في نهاية حديثنا معها، مفاده: “لم يعد هناك مزيدٌ من الوقت بعد الآن لإضاعته، ومسؤولية إنقاذ لبنان تقع على عاتق قادة البلاد فقط”.