خاص

“حزب الله” يضربُ مبادرةَ ماكرون

“ليبانون ديبايت” – وليد الخوري

بطريقة استعراضية لافتة، حشداً وسلاحاً منتشراً، نبرة عالية، خرج اسماعيل هنية من عاصمة الشتات الفلسطيني، بمواقف نارية، بعد ساعات من لقائه امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله على رأس وفد موسع، تقصّد اعلام حارة حريك تظهيره للعلن، في دلالة واضحة الى عودة الامور الى مجاريها بين حماس وطهران، بعدما فرّقت بينهما الثورة السورية.

وبعيداً عن سبب اختيار لبنان أرضاً لمؤتمر الفصائل بتشكيلتها المعارضة، في وقت يبدو لبنان الرسمي في غنى عن مشاكل جديدة مع الدول العربية وواشنطن، عشية تشكيل حكومة جديدة راغبة بجر الخليجيين الى مساعدتها، تبدو زيارة ضيف حماس منسّقة ومبرمجة بالاتفاق مع جهات داخلية في لبنان لايصال رسائل “إلهية” بصوت فلسطيني للعالم، خصوصاً مع دخول لبنان فلك مبادرة فرنسية تبدو غارقة في عملية شدّ حبال اطرافها داخليون وخارجيون.

مناسبة هذا الكلام، ان المصادفة جعلت من الزيارة بالتزامن مع وجود مساعد وزير الخارجية الاميركية دايفيد شينكر الى بيروت، وبعد ايام من مغادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ببيروت الى بغداد، معتزاً بانتصار وهمي يظن انه حقّقه.

في مطلق الاحوال من الواضح ان اسماعيل هنية، الذي غادر مربّعه في غزة “بتأشيرة” اسرائيلية، اطلق النار باتجاه الضيفَين الغربيين ومساعيهما لانقاذ ما تبقى من لبنان، في وقت يبدو ان طهران ومن خلفها حزب المقاومة قد قررا كسب الوقت الضائع وعدم التنازل لصالح باريس مقابل ثمن زهيد، طالما ان الوقت يسمح للترف في انتظار جلاء نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية.

هنا يمكن التوقّف عند نقطتين اساسييتين في كلام رئيس حكومة حماس، الذي في المناسبة أثار مخاوف الكثير من القوى السياسية الفلسطينية واللبنانية، نتيجة الاستقبال الحاشد له في عين الحلوة، الذي بات دون ادنى شك بؤرة للمتطرفين المدعومين من حركة حماس. اما النقطتان اللافتتان فهما:

اولاً، رؤيته لبيروت على انها غزة، وفي ذلك دلالات كبيرة، علماً ان لا احد من اللبنانيين يغفل عن ان حزب الله قد حوّل لبنان الى غزة ثانية، بكل المعايير.
ثانياً، حديثه عن امتلاكه لصواريخ قادرة على ضرب اسرائيل من لبنان، في الوقت الذي ابرمت فيه حركته اتفاقاً مع اسرائيل في خصوص صواريخه الغزاوية.
وهنا بيت القصيد، حيث ان تلك المسألة ترتبط بموضوع ترسيم الحدود الذي يسعى الاميركيون لانجازه قبيل انتخاباتهم اذا أمكن.

نقطة تطرح الكثير من الاسئلة، ما هو موقف الدولة الرسمي؟ وهل يوافق ما تبقى من تلك الدولة على تحويل الجنوب من جديد الى ساحة صراع؟ هل في ذلك عملية تقاسم أدوار بين غزة وحارة حريك بإدارة المايسترو الايراني؟

واضح ان كلام هنية شكّل ضربة قاسية للمبادرة الفرنسية، بتغطية ودعم من حزب المقاومة. أمر منتظر، بعدما عرض الصحافي مالبرونو مشروع ماكرون للخطر، عبر كشفه مضمون المحادثات بين الرئيس الفرنسي ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة، وما خفي منها كان أفظع، ما دفع بساكن الاليزيه الى تأنيب مالبرونو علناً، واضطره الى الاعلان عن ان سلاح حزب الله سيكون على الطاولة مطلع العام المقبل، بعد انجاز المرحلة الاولى من الاصلاحات، الامر الذي فاجأ حزب الله ومن خلفه طهران.

من هنا يمكن الاستنتاج ان كلام هنية “المنسّق” شكّل طوق نجاة لحزب الله لخلق تعقيدات جديدة على الساحة اللبنانية عبر عودة السلاح الفلسطيني الى الواجهة، ما سيسمح له بإبعاد كأس سلاحه عن الطاولة بعد ثلاث أشهر.

ولكن ماذا لو بادر الاميركيون الى الهجوم، عبر حشر الحكومة الجديدة من بوابة القرار1559؟ وماذا لو نفّذ محور المقاومة تهديداته بضرب اسرائيل من لبنان؟ هل تتحمل الدولة نتائج وتبعات ذلك؟

الواضح ان النظريات التي تتحدث عن حوادث أمنية قادمة وحرب تلوح في الافق، تصبح اكثر واقعية في القادم من الايام.

ليبانون ديبايت

مقالات ذات صلة