“الاهمال العاطفي”… اليكم بعض المعلومات حوله
القدرة على التعبير عن المشاعر والاحتياجات العاطفية، هي قدرة عظيمة لمن يملكها، لكن كثيرون لا يملكون تلك المهارة ويفضلون الصمت عن مشاركة أحاسيسهم، ولا يجيدون التعبير بالكلمات أو حتى بالتلامس الجسدي إذا كان الموقف يستدعي المشاركة بالعناق على سبيل المثال.
هؤلاء تتجاوز معاناتهم تلك اللحظات، فهي ضاربة في جذور ماضيهم، ليست مرتبطة بكونهم مع من الآن، لكنها تتضح عندما يتذكرون مع من كانوا وكيف عاشوا؟ وكيف مرت حياتهم بالعديد من المواقف التي لمسوا فيها خرسا عاطفيا ممن كانوا أولى بمشاركتهم وجدانيا، فتمحورت حياتهم على كونهم ضحايا الإهمال العاطفي في الطفولة.
في مقال للطبيب النفسي كمبرلي هولاند، يحدد فيه الفارق بين الإساءة العاطفية في الطفولة والإهمال العاطفي، فالإساءة غالبا ما تكون مقصودة، فهي اختيار محدد للتعامل بشكل ضار ومسيء، أما الإهمال فهو فشل في التصرف أو في فهم احتياجات الطفل.
على سبيل المثال أن يأتي طفل ليبلغك أنه حزين لأجل صديقه المقرب في المدرسة، فيتجاهل الوالدان مشاعر الابن، ويتعاملان مع الأمر كأنه لعبة، بينما هو في الواقع أكبر من ذلك بكثير، ومثل هذه التصرفات تدفع الطفل إلى عدم الإفصاح عن مشاعره واحتياجاته مرة أخرى.
سمات آباء ضحايا الإهمال العاطفي
يؤكد هولاند في مقاله أنه رغم كون الإهمال العاطفي غالبا ما يكون غير متعمد، ويرتكبه الآباء بحسن نية، وربما عانى أغلبهم من الإهمال ذاته في صغرهم، لكن كذلك هناك بعض السمات والخصائص الأبوية التي تسبب الإهمال العاطفي المتعمد، وينقسم الآباء في هذه الحالة إلى عدة أنواع:
الآباء المستبدون
وهم يريدون من أطفالهم دوما اتباع القواعد والالتزام بقانون العائلة، وليس لديهم الوقت الكافي للاستماع لأبنائهم، وإتاحة الفرصة أمامهم للتعبير عن مشاعرهم واحتياجاتهم.
هذه التربية نتاجها طفل خاضع تمام الخضوع أو طفل متمرد على أي سلطة.
الآباء المتساهلون
وهم النوع الثاني من المتسببين في الإهمال العاطفي، لديهم موقف من التدخل فيما يتعلق بتربية أبنائهم، ويتركون لهم قيادة حياتهم منذ الصغر بمبدأ الاعتماد على أنفسهم، قد يجد الأبناء في هذه الحالة صعوبة في مرحلة البلوغ، ووضع الحدود مع الآخرين.
الآباء النرجسيون
ذاتهم دائما محور الاهتمام، فلا يجد أطفالهم مكانا لأنفسهم تحت ظل تلك الشخصيات.
الآباء المثاليون
هم من يريدون من الطفل أن يكون مثاليا في كل شيء، ويصبح الأمر كارثيا لو نقصت درجاته درجة واحدة في اختبارات المدرسة.
الآباء الغائبون
خاصة حين يتعلق الأمر بغياب أحد الوالدين بالطلاق أو الوفاة عن حياة الأطفال، ينتهي الأمر بأن يقوم الأبناء بتربية أنفسهم.
أعراض الإهمال العاطفي التي من الممكن ملاحظتها على الطفل أو البالغ:
الكآبة
القلق
اللامبالاة
الفشل في الازدهار
تأخر النمو
تدني احترام الذات
الانسحاب من الأصدقاء والأنشطة
تجنب التقارب العاطفي أو الحميمي
هل تبادر إلى أذهانكم سؤال عن قدرة الشخص الذي تعرض للإهمال العاطفي في الطفولة على تجنب ذلك مع أطفاله؟
غالبا لن يستطيع، فبحسب كمبرلي الطبيب النفسي الأميركي، فإن البالغين الذين تعرضوا للإهمال في الطفولة، لن يستطيعوا أن يقدموا لأطفالهم احتياجاتهم العاطفية بالشكل المناسب، لكن ربما تساعدهم بعض المساعدات والعلاجات النفسية في فهم آثار الإهمال العاطفي ومنع المضاعفات المستقبلية.
كيف يمكن علاج الإهمال العاطفي؟
يؤكد مقال بعنوان “كيفية التغلب على الإهمال العاطفي وتجاوزه”، على موقع “غود ثيرابي” Good Therapy، أن حسن نية الوالدين ليست كافية للتعافي من الإهمال العاطفي، لذا فقد حدد عدة خطوات لتجاوز الآثار السلبية التي عاشوا فيها لسنوات:
أولا: تعلم كيف تحدد مشاعرك السلبية والإيجابية
من المهم أن تعترف لنفسك ومعالجك بالمشاعر التي مررت بها وعانيت منها في وقت ما، سواء كانت تلك المشاعر إيجابية أو سلبية، مريحة أو غير ذلك.
ثانيا: حدد احتياجاتك والخطوات اللازمة لتلبيتها
كثير من البالغين أصحاب المعاناة من الإهمال العاطفي، يشعرون بعدم الاستحقاق لأن تُلبى احتياجاتهم العاطفية، لذا عليك أن تطور من أدواتك لمعرفة احتياجاتك، ومن ثم تلبيتها، سواء من خلال القراءة أو البحث عبر الإنترنت.
ثالثا: كن لطيفا مع نفسك وابدأ بخطوات صغيرة
جرب أن تعامل ذاتك كطفل يحتاج للحنان والرعاية، أنت تحتاج لذلك، فلا تبخل على نفسك أن تحيطها بالرعاية والمحبة التي تستحقها، لا تخضع نفسك للنقد الذاتي طيلة الوقت، وابتعد عن إصدار الأحكام.
العلاج ربما يطول، وربما يستمر مدى الحياة، لكن المؤكد أن كل صدمات الحياة التي تعرضت لها يوما ستنتهي، كن ناجيا وليس ضحية.”الجزيرة”