منوعات

“لا احد يحبني”… اضطراب أم مشاعر؟

“أشعر بكراهية الآخرين لي طوال الوقت”، “أنا لست شخصا مرغوبا به”، تسيطر على البعض مثل هذه الأفكار السلبية، وتتراود في أذهانهم عند التفاعل مع الآخرين، وتؤثر سلبيا على ثقتهم بأنفسهم وعلاقاتهم الاجتماعية. بينما قد لا يكون الأمر كذلك على الإطلاق، وإنما هذه الأفكار نابعة من اضطرابات أخرى.

ويميل من يعاني من مثل هذه الأفكار إلى عزل نفسه، إذ يخشى الوجود بين مجموعة من الناس؛ خوفا من أنهم سيتحدثون سلبا عنه لاحقا، كما يفرط في تحليل ما يقال له؛ بحثا عن المعنى الخفي.

تقول المعالجة النفسية أنيتا شليبالا لموقع “فيري ويل مايند” (Very Well Mind)، إن “الجميع تقريبا، في وقت من الأوقات، شعروا أن لا أحد يحبهم”، فإذا كنت ممن يفكرون بهذه الطريقة، لا تقلق، فالأمر ليس مخيفا، وشائعا بنسب متفاوتة”.

ولا يوجد تعريف طبي للاعتقاد بأن الجميع يكرهونك، ولكن هناك بعض التفسيرات النفسية لشعورك بهذا، ومنها:

التشوهات المعرفية
تشير التشوهات المعرفية إلى أنماط تفكير غير منطقية يعاني منها الكثيرون وتؤثر على إدراكهم للواقع، ووصفتها دراسة نشرت عام 2015 بأنها “كذبة يرسلها دماغنا إلى عقلنا الواعي”.

وهذه بعض أنماط التفكير السلبية التي يمكن أن تقودك إلى الاعتقاد بأن الجميع يكرهونك:

كل شيء أو لا شيء: يفترض من يعاني من التفكير المستقطب أن جميع الأشياء إما أبيض أو أسود، ويرى أن الأشخاص في حياته إما أنهم يحبونه أو يكرهونه، فإذا بدوا منزعجين إلى حد ما، بسبب أو دون سبب، يعتبر أنهم يكرهونه ولا يريدون التعامل معه.

التهويل: وهو تحويل أي شيء صغير إلى كارثة، فإذا لم يتصل بك صديقك المقرب ليوم أو يومين، قد تفترض أنه لم يعد يهتم لأمرك.

الشخصنة: يقود هذا التشوه المعرفي إلى الاعتقاد بأنك مسؤول عن الأحداث الخارجية بأكملها، وغالبا ما يعاني منه من يعتقد أن الجميع يكرهونه، لأنه يجعلهم ينظرون إلى كل موقف بشكل شخصي.

فإذا قال لك صديقك إنه سيتصل بك ولم يفعل، لا يعني ذلك أنه غضبان منك، ولكن ربما حدث له ظرف طارئ، ولا علاقة لذلك بك أو بأي شيء قلته أو فعلته.

قراءة الأفكار: وهو الافتراض أن شخصا يكرهك أو أن لديه أفكارا سلبية أخرى عنك، رغم أنه لم يقل ما يشير إلى ذلك، ولكنك تحاول قراءة أفكاره والبحث عن المعني الخفي.

التعميم المفرط: وهو وضع قاعدة بناء على خبرة واحدة، وتطبيقها على جميع المواقف، بصرف النظر عن ظروفهم المتغيرة، فإذا تغيرت علاقتك بصديقك لأي سبب كان، تبدأ في الحكم على جميع علاقتك أنها ستتغير، ولا أحد سيبقى معك.

وتتطلب هذه التشوهات المعرفية وغيرها من أنماط التفكير اللاعقلانية التدريب لتصحيح مسار طريقة تفكيرك.

الوحدة
بحسب موقع “سايك سنترال” (Psychcentral) للصحة النفسية، فإن الشعور بالوحدة قد يكون سببا في الشعور بأن الجميع يكرهونك، وأن أصدقاءك مستاؤون منك ولا يودون التواصل معك.

ضعف الثقة بالنفس
قد يرتبط الاعتقاد بأن لا أحد يحبك بالثقة المتدنية بالنفس، التي تجعلك تعتقد أنك لا تستحق الحب.

التنمر
يترك التنمر العديد من الآثار النفسية السلبية على الصغار والكبار، ومن ضمنها هو اعتقاد من يقع ضحية التنمر أنه مرفوض والجميع يكرهونه.

الاضطرابات العقلية والنفسية
تسهم بعض الاضطرابات العقلية والنفسية في تضخيم التصورات السلبية، ومنها الاكتئاب، وفرط القلق، واضطراب ثنائي القطب.

الحساسية النفسية المفرطة
قد يميل الأشخاص مفرطو الحساسية أيضا إلى الشعور بأن الجميع يكرهونهم، وأظهر بحث نشر عام 2018 أن مفرطي الحساسية يتأثرون سلبا أكثر من غيرهم عندما يتلقون ردودا غامضة أو ردود فعل سلبية، تؤثر في تقديرهم لأنفسهم.

كيف تواجه هذه الأفكار؟
قد تساعدك بعض الإستراتيجيات على الشعور بتحسن تجاه نفسك وكيف ينظر إليك الآخرون، ومنها:

ابحث عن الحقائق
التفكير في الحقائق فقط، وليس الافتراضات المبنية على تكهنات؛ فإذا لم ترد زوجتك على الهاتف، قد تعتقد أنها لا تهتم لأمرك، ولكن هذا افتراض، والحقيقة هنا هي أنها لم ترد على هاتفها فقط لا مكالمتك أنت.

ولمعرفة السبب الحقيقي، يجب مراجعة صاحب الشأن نفسه، وغالبا ما ستجد أن الأسباب الحقيقية لا علاقة لها بمشاعر الآخرين تجاهك.

انظر إلى الموقف من منظور الشخص الآخر
حاول النظر إلى الموقف الذي سبب لك شعورا أن شخصا ما يكرهك من منظور الشخص الآخر، فإذا رأيت صديقك في “المول” ولم يسلم عليك، يمكنك التفكير أنه لم يرَك، أو كان عقله مشوشا ولم ينتبه، ولم يقصد تجاهلك.

لا تحاول قراءة العقول
غالبًا ما يفكر الأشخاص الذين يعتقدون أن الآخرين يكرهونهم أن كل أفعال وكلمات الآخرين لها معنى خفي، ويحاولون قراءة ما يفكر فيه الآخرون.

وبدلا من قراءة الأفكار، يمكنك محاولة أخذ كلمات الآخرين في ظاهرها فقط، دون التفكير فيما وراءها؛ فإذا لم يرغب صديقك في الخروج معك وقال إنه مرهق، فهذا يعني أنه مرهق، ولا يعني أنه يتهرب منك.

حب لأخيك ما تحب لنفسك
أنت أيضا عرضة أن تنسى عيد ميلاد صديقك أو تغفل عن بعض التفاصيل المهمة، وفي هذه الحال لن ترغب أن يفسر الآخرون تصرفك بسوء ظن أو يتخذوا ضدك موقفا بافتراض أنك تعمدت ذلك، وتتمنى لو أنهم التمسوا لك عذرا أو راجعوك قبل تفسير تصرفك، كذلك حاول أن تفعل معهم.

الإساءة ليست خطأك
ماذا لو تحققت من الأسباب الحقيقية التي سبّبت لك شعور الكراهية ووجدت أن الآخرين بالفعل قد أساؤوا إليك أو تعمّدوا تجاهلك، فذلك لا يعني أنك تستحق الكراهية، إذ من يتعمد الإساءة لغيره هو المخطئ، وليس أنت، وحاول تجنب التعامل معه.

(الجزيرة)

مقالات ذات صلة