منوعات

الاكتئاب قد يقضي على الحياة… اليكم التفاصيل

كشفت دراسة جديدة عن دور الاكتئاب في مضاعفة مشاكل القلب والأوعية الدموية والمشاكل الصحية، ودعا علماء الأشخاصَ الذين يعانون من أعراض أو تاريخ من الاكتئاب، لإجراء فحص مبكر ومنتظم لأمراض القلب والأوعية الدموية.

وأجرى الدراسة باحثون أميركيون في مستشفى ماساشوستس العام في بوسطن، وكلية الطب بجامعة هارفارد، وجامعة ييل؛ وشملت فحص الحمض النووي الكامل لأكثر من 328 ألف شخصا من أصل أوروبي، مُدرجين في قاعدة بيانات البنك الحيوي بالمملكة المتحدة، وتتراوح أعمارهم بين 40 و69 عاما.

ووجدت أن “من يعانون من مستويات اكتئاب عالية، كانوا أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب بنسبة 34%، والإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة 33%؛ حتى من كان منهم يعيش أسلوب حياة صحيا”؛ بحسب صحيفة الإندبندنت (Independent) البريطانية.

وأوضح الباحثون أن “معاناة شخص ما من الاكتئاب أو القلق أو التوتر، ترفع معدل ضربات القلب وضغط الدم، وتدفع الجسم لإنتاج مستويات أعلى من هرمون التوتر (الكورتيزول)، وهي تأثيرات يمكن أن تؤدي إلى مشاكل في القلب بمرور الوقت”.

وأشاروا إلى “أن المخاطر ظلت متزايدة، حتى بعد أخذ مجموعة من المتغيرات الأخرى، كالنظام الغذائي والوزن والتدخين والتمارين الرياضية والعوامل الوراثية، في الحسبان”.

الدليل الأول
كشفت الدراسة أيضا أن الذين يتمتعون بصحة عقلية جيدة، ويعيشون سعداء معظم الوقت (77.7% ممن شملتهم الدراسة)، وكذلك من أبلغوا عن مستوى أدنى من الاكتئاب (18.3% من المجموعة)؛ كانوا أقل عرضة للإصابة بمرض الشريان التاجي وانسداد الشرايين بنسبة 34%، وأقل عرضة للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة 33%، وأقل معاناة من الرجفان الأذيني -الذي يزيد من خطر حدوث سكتة دماغية- بنسبة 20%؛ مقارنة بالمصابين بمستويات عالية من الاكتئاب (حوالي 4% من المجموعة).

وأشاروا إلى أن الأبحاث السابقة تناولت ظاهرة انتشار الاكتئاب لدى مرضى القلب منذ أكثر من 40 عاما، وأظهرت أن “الاكتئاب يتسبب في تغيرات في الجهاز العصبي تؤدي إلى اضطرابات في القلب والتمثيل الغذائي”، كما ربطوا بين “ارتفاع الكوليسترول وارتفاع معدلات الاكتئاب، وكذلك بين الاكتئاب وبين ارتفاع الاستجابة الالتهابية التي يمكن أن تؤثر على أعضاء الجسم”.

وأكدوا أن النتائج التي توصلوا إليها تؤكد أن “علاج الاكتئاب يمكن أن يقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية”.

وفي مقال نُشر جنبا إلى جنب مع الدراسة، قال الدكتور سكوت ريتشي والدكتور مايكل إينوي، خبيرا القلب والأوعية الدموية بجامعة كامبريدج؛ إن النتائج تقدم “أول دليل” على أن “شدة الاكتئاب تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري من النوع الثاني”.

وأضافوا أن الدراسة تدعو إلى “تشجيع الأشخاص الذين يعانون من أعراض أو تاريخ من الاكتئاب، لإجراء فحص مبكر ومنتظم لأمراض القلب والأوعية الدموية”.

الاكتئاب يزيد من عوامل الخطر
وفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن 5% من البالغين في أنحاء العالم (حوالي 350 مليون شخص) يعانون من الاكتئاب؛ و 17.3 مليون شخصا يموتون بأمراض القلب كل عام، مما يجعله السبب الأول للوفاة على مستوى العالم. حيث “يعاني ما لا يقل عن ربع مرضى القلب من الاكتئاب، وغالبا ما يعاني البالغون المصابون بالاكتئاب من أمراض القلب”، بحسب “المعاهد الوطنية للصحة” بالولايات المتحدة (NIH).

لذا، يؤكد الدكتور ليو بوزويلو الطبيب النفسي في “كليفلاند كلينك” (Clevelandclinic) بولاية أوهايو، أن “الاكتئاب عامل خطر في أمراض القلب لدرجة أن جمعية القلب الأميركية، أوصت بفحص جميع مرضى القلب للكشف عن الاكتئاب”.

وقد أظهرت كثير من الأدلة أن الاكتئاب والقلق والإجهاد تلعب دورا أساسيا في الإصابة بارتفاع ضغط الدم وتلف الشرايين وعدم انتظام ضربات القلب وضعف جهاز المناعة، من خلال تحفيز تفاعل الصفائح الدموية، وانخفاض دقات القلب، وتراكم الكالسيوم في الشرايين، وزيادة علامات الالتهاب، مثل ارتفاع مستوى البروتين المتفاعل “سي” (CRP)، التي تعد من أهم عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. كما يؤدي الاكتئاب للإصابة بالنوبات القلبية أو جلطات الدم لدى المصابين بأمراض القلب.

العلاج المبكر للاكتئاب يقي من مرض القلب
ويؤكد الدكتور روي زيجلشتاين من كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز، “على وجه اليقين”، أن الاكتئاب وأمراض القلب غالبا ما يحدثان معا. وتؤيده الدكتورة كارينا ديفيدسون الأستاذة في المركز الطبي بجامعة كولومبيا، بقولها إن “الذين يعانون من اكتئاب مرتفع، معرضون لخطر متزايد للإصابة بأمراض القلب”.

كما لاحظ الدكتور جيسي سي ستيوارت، أستاذ علم النفس المشارك في جامعة إنديانا، “أن المصابين باضطراب أو أعراض اكتئابية، لديهم خطر أكبر بنسبة 64%، للإصابة بمرض الشريان التاجي”.

لكنه أشار في ورقة بحثية أعدها عام 2014، إلى أن “العلاج المبكر للاكتئاب، قبل ظهور أعراض أمراض القلب والأوعية الدموية، يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية بمقدار النصف تقريبا”.

وهو ما أكده علماء من مدينة ميونخ الألمانية، بالقول إن “15% من الوفيات جراء أمراض شرايين القلب كان يمكن تفاديها، لو لم يعاني الضحايا من مشاكل الاكتئاب”. ولذلك فإن معالجة الاكتئاب ضرورية للوقاية من خطر الإصابة بنوبة قلبية، بل يمكن أن يكون عاملا لإنقاذ الحياة أيضا.

العلاقة بين الاكتئاب ومرض السكري
ويشترك الاكتئاب والسكري في أعراض مثل التعب وصعوبة التركيز وفقدان الاهتمام بالأنشطة العادية، لذلك تقول أستاذة الطب الدكتورة إم ريجينا كاسترو على موقع “مايو كلينك” (Mayoclinic) “إنهما مرتبطان”.

فالمصاب بداء السكري من النوع الأول أو الثاني، مُعرّض لخطر متزايد للإصابة بالاكتئاب، وكذلك المصاب بالاكتئاب، قد تكون لديه فرصة أكبر للإصابة بداء السكري من النوع الثاني.

لكنها تضيف أن “الخبر السار، هو أنه يمكن السيطرة على داء السكري والاكتئاب معا، وأن التحكم بأحدهما بطريقة فعالة قد يؤثر إيجابا على الآخر”، وذلك من خلال الالتزام بالأدوية المخصصة للحالتين، بالتوازي مع إحداث تغييرات في نمط الحياة، وممارسة الرياضة بانتظام.

(الجزيرة)

مقالات ذات صلة