منوعات

“أريد ان انسى كل شيىء”… أوكرانية روت قصتها مع الحرب

من الحدود الأوكرانية الروسية، في أول خطوط الحرب، عاشت “إيلينا -ز” كابوسا حقيقيا، حيث علمت بانطلاق الحرب وخرجت من شقتها التي كانت تقطنها رفقة زوجها “أحمد” الشاب المغربي خريج طب الأسنان، واتجهت للبنك لتلتقي بقريبة لها أجبرتها على المغادرة بسرعة بسيارة، ما إن ابتعدت حوالي 30 كيلومترا، حتى سمعت دوي انفجار بمدينتها التي كانت أول هدف لروسيا.

بقيت إيلينا أسبوعا في مكان مهجور، دون اتصال بالإنترنت اكتفت بأكل الخبز والسكر والماء إلى أن ساعدها متطوعون للالتحاق بِمدينة “بالتافا” التي كانت لا تزال آمنة، ولتبدأ من هناك رحلة العودة إلى المغرب عبر بولندا بحثا عن أمان قرب زوجها بعد أن تدمرت مدينتها.

عودة من الموت
ويصف أحمد حالة زوجته بالعائدة من الموت، ويقول للجزيرة نت، ركبت الموت وغامرت بحياتها، كانت إما أن تموت جوعا أو عطشا في ذاك المكان المعزول أو تموت في أي لحظة بقذيفة.

ويحكي أحمد الذي لم يتجاوز بعد صدمة خوفه على زوجته، كيف وصلت إيلينا للمغرب وما تمر به من وضع نفسي، ويقول “إيلينا ومن مثلها اليوم يبحثون فقط عن الأمان ويأملون في العودة إلى بلدهم وقد أصبح آمنا”.

تزوجت إيلينا وأحمد منذ أكثر من 4 سنوات، ورغم أنها كانت متفقة مع زوجها على الإقامة بالمغرب، فإن الحرب سرعت مجيئها.

خوف وحذر وترقب
من بين العائدين للمغرب من أوكرانيا بسبب حرب روسيا على أوكرانيا لم يكن المغاربة فقط، بل هناك عدد من الزوجات الأوكرانيات اللواتي جئن للمغرب رفقة أزواجهن بحثا عن سلام أفقدتهن الحرب على بلدهن أوكرانيا إياه.

أغلب من حاولنا التواصل معهم يتعاملون بالكثير من الحذر، يغلب عليهم التوتر والقلق وقلة الحيلة. ويرفض الأزواج الإفصاح عن هويات زوجاتهم أو صور ومعلومات العائلة.

واحدة من الأوكرانيات العائدات من الموت، ممن التحقن بالمغرب رفقة أزواجهن هاربات من ويلات الحرب، اكتفت بِإخبارنا عبر وساطة زوجها، أنها تريد أن تنسى هول ما شاهدت وعاشت، وتفضل عدم الكلام والتذكر، كان تصريحها هذا كافيا ليوصل ما يمكن أن تكون مرت به.

دعاء ورجاء
في مراكش تواصل “مارينا- ش” صلاتها ودعائها لله أن يحفظ والديها، ولا ترجو إلا أن تمر محنة بلدها وأهلها بسرعة. ” مارينا- ش” أوكرانية شابة طبيبة حديثة التخرج رافقت زوجها المغربي “أمين” أياما قليلة قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.

تقول “مارينا- ش”، للجزيرة نت “أنا الآن بالمغرب في بلد آمن لكن أهلي تحت القصف، وأحس بالعجز لأنني لا أستطيع مساعدتهم”.

الحالة نفسها تعيشها جميع الأوكرانيات، الإحساس بعدم القدرة على الفعل، والخوف على العائلة، حسب ما صرحت لنا به أوكرانيات مقيمات بالمغرب.

بنبرة تغالب الأسى، حدثنا “أمين” عن خوف زوجته على والديها، وقال إن بعض أهلها سَيحلون بالمغرب ضيوفا إلى أن تهدأ الأوضاع.

يرفضن صفة اللجوء
تأسف أمين على أحداث الحرب، وقال بتأثر بالغ وهو يغالب دموعه ” كانت الحياة هادئة وعادية، وكنا بأوكرانيا كالأهل”.

المغربي منير الخشاني (غادر أوكرانيا نحو ألمانيا) متزوج من أوكرانية، يوضح للجزيرة نت أن الأوكرانيين عموما يرفضون مغادرة بلدهم ويتشبثون بالبقاء رغم المصاعب، وعن زوجته يقول منير إنها رفضت في البداية المغادرة، قبل أن تلتحق به نحو ألمانيا، وترفض الحصول على صفة اللجوء مفضلة إقامة مؤقتة مع الحماية التي قدمتها ألمانيا.

في حين يواصل حسام تووامي وزوجته الأوكرانية مسيرته فرارا من الحرب، بالسيارة عبر أوروبا موثقا إياها عبر يوتيوب، مفضلا عدم الدخول للمغرب في انتظار استقرار الأوضاع أو الإقامة في دولة أوروبية.

تضامن واحتجاج
تعمل يوليا -أوكرانية مقيمة بالمغرب- بالتدريس، كانت قد انتقلت للعيش بالمغرب منذ حوالي 20 سنة رفقة زوجها، تقول في حديث مع الجزيرة نت، إنها متذمرة كثيرا، وكل تفكيرها مع وطنها وأبنائه.

تجد يوليا نفسها عاجزة عن المساعدة، وتحتاج المرونة في القوانين، حسب قولها، لتتمكن من توفير المساعدات التضامنية للأسر بأوكرانيا.

بحرقة وبحة في صوتها، صرحت للجزيرة نت، بأن أغلب النساء الأوكرانيات بالمغرب يتمنين مساعدة عائلاتهن، “كل إنسان في هذا الوضع يفكر بوالديه”.

وكانت بعض الأوكرانيات قد قمن في وقت سابق بوقفة احتجاجية أمام مبنى السفارة الروسية بالمغرب للتعبير عن تضامنهن مع وطنهن ورفضهن للحرب.

أغلبهم زوجات مغاربة
حسب معطيات حصلت عليها الجزيرة نت من السفارة الأوكرانية بالمغرب، فإن عدد الأوكرانيين بالمغرب يصل حوالي 1500، أغلبهم مواطنات أوكرانيات متزوجات بمغاربة، منهم من يشتغل في مجال الطب أو التعليم والسياحة. ومنذ 2020 توجد مدرسة لتدريس حوالي 20 طفلا من العائلات الأوكرانية أو المختلطة اللغة الأوكرانية.

وفي اتصال مع السفارة الأوكرانية بالمغرب تأكد لنا أن أغلبية الأوكرانيات بالمغرب هن زوجات انتقلن إلى المغرب عبر التجمع العائلي.

وحسب معطيات رسمية، يصل عدد الأجانب المقيمين بالمغرب أكثر من 84 ألف أجنبي، ويبلغ عدد الأسر التي تؤوي أجانب حوالي 45 ألفا، 48% منها هي أسر مختلطة.

ورغم محاولات عديدة لم نتمكن من معرفة عدد الأوكرانيات اللاتي خرجن من أوكرانيا نحو المغرب بسبب الحرب.

شراكة وتبادل
ويعتبر المغرب خامس شريك تجاري لأوكرانيا في أفريقيا، وبينهما تعاون صناعي يهم عصرنة الموانئ وبناء السفن والتكوين مع اهتمام المغرب بالتطور الفلاحي. وسجل حجم المبادلات السلع مع أوكرانيا حوالي 464 مليونا و873 ألف دولار عام 2020، منها 372 مليونا و965 ألف دولار صادرات أوكرانيا نحو المغرب 68.8 % منها حبوب.

(الجزيرة)

مقالات ذات صلة