منوعات

“حديقة معلقة فوق الماء”… اليكم بعض التفاصيل حولها

نشأت في خضم وباء كورونا جزيرة أطلق عليها اسم “ليتل آيلاند”، وهي عبارة عن حديقة مُعلقة فوق الماء قائمة على 132 عمودا من الخرسانة المسلحة على ضفاف نهر هدسون على طول الرصيف 55، وتُذكرنا الهندسة المعمارية لهذه الجزيرة بتصميمات الستينيات الشبيه بعالم الخيال العلمي.

وفي تقرير نشرته صحيفة “لوفيغارو” (lefigaro) الفرنسية، تقول الكاتبة مارغوت غيشيتو إن خط سكة الحديد القديم “هاي لاين” تحول إلى مكان للتنزه، حيث تصطف على جانبيه الأشجار في مسار يؤدي إلى جزيرة مزروعة بالنباتات، وقد أصبح وجهة مشهورة لسكان نيويورك والسياح على حد سواء.

7 سنوات من العمل
بتكليف من رجل الأعمال باري ديلر، زوج المصممة ديان فون فورستنبرغ، بُنيت هذه الجزيرة بعد 7 سنوات من العمل الشاق واستثمار حوالي 260 مليون دولار. أضف إلى ذلك 120 مليون دولار إضافية مخصصة لأعمال الصيانة على مدى السنوات العشر القادمة، وافق رجل الأعمال على تمويلها. أما فيما يتعلق بتصميمها، فقد أوكلت هذه المهمة إلى المهندس المعماري المعروف توماس هيذرويك.

يقول مات كاش رئيس فريق ستوديو هيذرويك، “تمثلت الفكرة في خلق فقاعة حيوية ضمن هذه المنطقة الحضرية، لهذا السبب موقعها بعيد عن المدينة قدر الإمكان”.

وبالتعاون مع شركة تنسيق الحدائق “إم إن إل إيه” (MNLA)، وبشكل أكثر تحديدا مع المهندسة ساين نيلسن المتخصصة في التصميم الحضري، تخيلت مجموعة الهندسة المعمارية تجربة غامرةً وحسيةً تمامًا. ويضيف الخبير “أردت أن تبدو الجزيرة مثل ورقة شجر كبيرة تطفو على الماء”، وكان رهانًا ناجحًا.

35 نوعا من الأشجار
مع طبوغرافيا غير متساوية، تم إنشاؤها عن قصد، تتغير المناظر والمناخ والنباتات من نقطة إلى أخرى على سطح هذه الجزيرة التي تتميز بتنوعها لتبدو أكبر بكثير مما هي عليه. وقد أكدت ساين نيلسن “نجحنا في خلق مناخات دقيقة بحسب درجة الميلان والشمس والرياح، لأن الطقس في نيويورك متطرف للغاية، بين شتاء شديد البرودة وصيف شديد الحرارة، لذلك كان علينا استخدام نباتات أكثر مرونة من المعتاد”.

في الوقت الحالي، يبدو أن نباتات الكاماس والبوقية والشرفث وزنابق العنب والنرجس قد تكيفت بشكل مثالي مع التربة. مع نحو 35 نوعًا من الأشجار، و65 شجيرة مختلفة، و290 نوعًا من العشب، تمنح جزيرة “ليتل آيلاند” الزوار تجربة خاصة.

وتقول نيلسن “كل يوم أربعاء، أتجول هناك لمعاينة مدى تأقلم النباتات والتغييرات. فعلى سبيل المثال، قررنا بسبب الرياح اختيار الأشجار ذات الأوراق الصغيرة للسماح للهواء بالمرور. إنه مشروع يتطور باستمرار حيث نقوم بتغيير موقع بعض أنواع النباتات لفهم المكان بشكل أفضل”.
تسلق التل لإلقاء نظرة على المدينة
هذا هو الفرق بين المهندس المعماري ومنسق الحدائق، يتوقع المهندس المعماري نتيجة مثالية بمجرد بناء المشروع، بينما يتسلح منسق الحدائق بالصبر ليرى حديقته تتطور بمرور الوقت والمواسم.

تقول نيلسن “ستوجه النباتات نفسها مع اتجاه الرياح، وسوف تنمو الأشجار. لدينا سيطرة أقل من المهندس المعماري، ويجب أن نقبل التغيير وقبل كل شيء نأخذه بعين الاعتبار”.

لا يوجد محور ولا تنظيم كامل للتضاريس. تشير نيلسن إلى أنك “تكتشف الطريق تحت قدميك وأنت تمشي، ولا تعرف أبدا ما الذي ينتظرك في المنعطف”. يمكن أيضا الصعود إلى أعلى التل لإلقاء نظرة على المدينة والاستمتاع بالابتعاد عنها للحظة.

دفء الألوان والتنوع الفني
يقول مات كاش “لقد منحنا اهتماما خاصا لاختيار المواد. أردنا منها أن تكون قوية ومرنة ودافئة”. يظهر هذا الدفء بشكل خاص في اختيار الألوان. عرفت نيلسن كيفية التلاعب بالألوان، ففي الشمال الغربي للجزيرة حيث تكون أشعة الشمس أقوى يوجد اللون الأحمر والبرتقالي والبنفسجي؛ وفي الجنوب الغربي حيث الظل تعمل ألوان الباستيل على تلطيف المناظر الطبيعية؛ وفي الشرق يطغى اللون الأخضر الليموني والأصفر والأرجواني الفاتح.

لكن أهم ما يميز المشهد هو مدرج يتسع لحوالي 687 شخصا، حيث يجلس الزوار للتأمل. عندما تكون هناك عروض، يكتسب المكان مظهرًا مختلفا تماما. وفي المقام الأول، يسعى فريق “ليتل آيلاند” إلى تسليط الضوء على أهمية التنوع الفني في الأماكن العامة.

تقول المسؤولة عن المنتزه جوليا كراوس “لدينا برنامج متعدد التخصصات يشمل الرقص والمسرح والشعر والموسيقى والسيرك والكوميديا… مواهبنا تختلف كثيرًا عن بعضها البعض. يعمل البعض في هذا المجال منذ سنوات، والبعض الآخر في بداية مسيرته. إن هذه الجزيرة مميزة للغاية لدرجة أننا نريد من فنانينا أن يتفاعلوا مع المكان وأن يستلهموا ويتشبعوا بالطبيعة التي تحيط بهم”.

(لوفيغارو)

مقالات ذات صلة