رائحة الخبز الساخن تذكرنا بأمهاتنا… دراسة تسلط الضوء

تُستخدم رائحة الخبز الطازج في محلات السوبر ماركت لتشجيع المتسوّقين على إنفاق المزيد، فبمجرد الاقتراب من قسم المخبوزات ستجد رائحة دافئة شهية تتخلل حاسة الشم لديك، فتشرع في شراء أنواع مختلفة من المخبوزات، ومجموعة من أنواع الجبن والمربى والمعلبات لتناولها إلى جانب الخبز الطازج، لكن ما السبب الذي يجعل الخبز الطازج يثير لدينا مجموعة من المشاعر المختلفة؟ إنها الكيمياء المعقدة.

تلعب الكيمياء دورًا مهمًا جنبًا إلى جنب مع خليط الدقيق والماء والخميرة، ولكن الخميرة بشكل خاص تسهم بدور كبير في الرائحة التي تنبعث عند دمج هذه المكونات وتسخينها أثناء خبز الخبز.

قبل أن يصل الخبز إلى الفرن، تحدث عملية التخمير، حيث تتكون مجموعة متنوعة من المركبات أو الجزيئات، تؤثر في النهاية على الخبز. وخلال التخمير تتكون العديد من الجزيئات التي تؤثر وتبعث الروائح التي ستعطي نكهة مميزة للخبز، إذ تنتج خلايا الخميرة مواد كيميائية تتحلل أثناء الخبز إلى مواد عطرية.

الخبز مثير للذكريات

أوضح فريق من العلماء الأيرلنديين، في بحث أجراه معهد الغذاء والصحة التابع لجامعة دبلن، أن رغيف الخبز التقليدي هو مزيج من 540 مركبًا، ويتضمن 20 مركبًا على الأقل تسهم في تكوين رائحته المميزة.

وبجمع بين التحليل العلمي واستطلاع مكثف للآراء وبحث قائم على عينة من المختبرين، ركزت الدكتورة أماليا سكانيل والباحثون من معهد الغذاء والصحة على تحليل تركيبات روائح الخبز.

وفقا للباحثين، فإن 89% من عينة البحث أكدوا أن رائحة الخبز تجعلهم سعداء، في حين أكد 63% منهم أن رائحة الخبز تثير لديهم ذكريات وحنينا إلى الماضي. وبمزيد من التحليل، أوضح الباحثون أن رائحة الخبز لا تتضمن فقط نكهة الحليب أو الزبدة، بل تحتوي أيضا على نكهات مختلفة من السباغيتي المطبوخة والأطعمة المطهوة في الفرن والزيتون الأخضر والغريب فروت والبصل المخبوز والكراميل والتفاح الأخضر والجبن المشوي. فمكونات الخبز تحتوي على مستوى منخفض من المركبات التي تتضمنها الأطعمة السابقة، وهو ما يمنح الخبز المزيج المدهش من الروائح المختلفة المترسخة في الذاكرة.

تشريح الدماغ

أوضحت دكتورة سكانيل أن معالجة الروائح الواردة إلينا تتم بواسطة البصيلة الشمية في المخ، وهي بنية عصبية موجودة في الدماغ مرتبطة بحاسة الشم، لها روابط مباشرة مع منطقتي الدماغ المسؤولتين بقوة عن العاطفة والذاكرة.

وقالت إن الخبز غذاء أساسي يظهر بشكل كبير في مرحلة الطفولة، ولهذا “فهو أحد تلك الروائح التي تثير الذكريات القوية، لا سيما عن الأسرة والطفولة والراحة”.

الأمهات والخبز

كما أكد استطلاع الرأي أن ذاكرتنا المفضلة المرتبطة بالخبز تشمل ذكرياتنا مع الأمهات والجدات.

وحسب البحث، فإن الخبز لديه القدرة على استحضار “رائحة الذكريات السعيدة” لدينا، التي ترتبط بصورة أكبر بمرحلة الطفولة، إذ تميل هذه الأنواع من الذكريات إلى أن تكون ذكريات أقدم من العقد الأول من العمر، في حين تنشأ الذكريات المرتبطة بالمعلومات اللفظية أو المرئية في مرحلة البلوغ المبكرة.

كما أظهرت دراسة استقصائية شملت ألف شخص، رافقت المراجعة العلمية التي أجراها معهد الغذاء والصحة بكلية دبلن، أن الذاكرة المفضلة الأكثر شيوعًا التي تثيرها رائحة الخبز تتضمن كلمة “أم” بنسبة 29%، في حين وصف 20% من المبحوثين رائحة الخبز بكلمة “طفولة”، و16% وصفوها بكلمة “الوطن”، كما أكد 16% أن رائحة الخبز تذكرهم بالأجداد.

وفي السياق، أظهر المسح أن الخبز لا يزال عنصرًا أساسيًّا في النظام الغذائي الأيرلندي، حيث يأكل 33% من الأيرلنديين الخبز يوميًا، كما يعتقد 58% أن الخبز شريك أساسي لأنواع الحساء المختلفة، ويتناول 53% من المبحوثين الخبز في وجبة الفطور.

(الجزيرة)

المصدر: أ.ف.ب – الجزيرة