لماذا بكى الجندي اللبناني أمام الكاميرات؟
كتب نادر حجاز في موقع mtv:
كثر يعرفون معنى هذه السطور، ويكاد لا يخلو بيت لبناني من جندي في صفوف المؤسسة العسكرية، أو الأسلاك الأخرى. فأن يبكي الجندي يعني أن كل بيت لبناني يبكي في هذه الأيام السوداء.
أن يبكي الجندي، هذا يعني أن الوجع قد دخل من الأبواب والشبابيك و”عشعش” في زوايا الأحلام والقلوب وخلف الجفون. فلم تكذب “اليونيسيف” حين قالت إنّ أكثر من 30 في المئة من أطفال لبنان يبيتون ببطون خاوية.
أن يبكي الجندي، هذا يعني أن الحصن الأقوى ينهار، وأن كل أب في هذه الجمهورية المتداعية يبكي.
أن يبكي الجندي، هذا يعني أنه ترك في البيت طفلة طلبت ربما لوحا من “الشوكولا” أو علبة عصير أو لعبة طار سعرها مع جنون الدولار، وربما طلبت منه ما هو أسخف ولم يقوَ على جلبه لها، فربما طلبت غداء من اللحم أو الدجاج، أو حتى “قرن بوظة”.
أن يبكي الجندي، هذا يعني أن آخر روح منتمية لهذا الوطن تموت وأن آخر زند يذبل.
مَن منكم لا يعرف جندياً يعيش براتب لا يتعدى المليون و200 ألف ليرة شهرياً، راتب لم يعد يكفي وجبة غداء لنصف شهره، وطبعاً هذه حال معظم الشعب اللبناني.
شاهد الشعب اللبناني بأسره دموع “الوطن”، وقد خانت هذا الجندي عاطفته وانهمرت مباشرة على الهواء، بكل ما فيها من حرقة وغصّات. لكن مثله الآلاف يبكون في الظلّ وفوق وسادتهم وعلى باب صيدلية ومدخل سوبرماركت وطوارئ مستشفى. فليس في هذا البلد اليوم إلا الدموع.
كم هي غالية دموعك يا “وطن”… فهل تهزّ ضمائر التماسيح الذين يتباكون كل يوم على مصير الوطن وهم باعوه بعشرين من الفضة؟
لم تعد الصرخات تجدي نفعاً، إلا أن الواقع المعيشي المزري الذي يعيشه أفراد المؤسسات الأمنية يستدعي دقّ ناقوس الخطر لحماية ما تبقّى من ضمانات للناس ولمستقبل البلد، وصحيح أن اقتراح قانون البطاقة التمويلية قد أقرّ لكن الى حين تطبيقه لا بد من دعم مادي عاجل للجيش اللبناني، وان لا ينحصر الدعم بالطبابة والتموين، فكرامة العسكريّ اليوم يجب أن تصان بتحصينه مادياً ومعيشياً وإلا سيكون المصير أسوأ مما نتوقع بكثير.
ربما هناك “فيتو” ما، لكن الدعم المادي لأفراد الجيش اللبناني، والذي دعا اليه قائد الجيش جوزيف عون في المؤتمر الذي دعت اليه فرنسا لدعم المؤسسة العسكرية، هو أكثر من حاجة. إنه ضرورة ماسّة قبل فوات الأوان.
معيب مشهد جندي لبناني يبكي، ليس بحق الجندي نفسه الذي أثبت بدموعه انتماءه لشعبه وأرضه، إنما معيب بحق كل مسؤول في هذا البلد وبحق كل مَن يدّعي الحرص في الداخل او في الخارج على مستقبل لبنان.