12 دليلاً: القدس قضيّة إنسانيّة إسلاميّة –
كتب محمد السماك في “أساس ميديا”:
يمكن اختصار قضية القدس في النقاط التالية:
1- في عام 1903، وجّه ثيودور هرتزل، مؤسّس الحركة الصهيونية، رسالة إلى بابا الفاتيكان بيوس العاشر، يطلب الدعم منه في تهجير يهود أوروبا إلى فلسطين. في 24 كانون الثاني من عام 1904، ردّ البابا بما يلي:
“نحن لا نستطيع أبداً أن نتعاطف مع الحركة الصهيونية. إنّنا لا نقدر على منع اليهود من التوجّه إلى القدس، ولكنّنا لا يمكن أبداً أن نقرّه. وبصفتي قيّماً على الكنيسة، لا أستطيع أن أجيبك بشكل آخر. لم يعترف اليهود بسيّدنا (المسيح)، ولذلك لا نستطيع أن نعترف بالشعب اليهودي. فإذا جئتم إلى فلسطين، وإذا أقمتم هناك، فإنّنا سنكون مستعدّين، كنائسَ ورهباناً، أن نعمّدكم (أي نحوّلكم إلى المسيحية) جميعاً”.
2- استمرّ هذا الموقف المبدئي حتّى الحرب العالمية الثانية. بعد الحرب تغيّرت المعادلات في ضوء ما واجهه اليهود من جرائم على يد النازية الألمانية. مع ذلك، عندما طُرح في الأمم المتحدة مشروعُ تقسيم فلسطين، بما يعني إقامة اسرائيل، طالب الفاتيكان بتدويل القدس لمنع تهويدها. وهو ما عارضته إسرائيل حينئذٍ بشدّة، ولا تزال تعارضه حتى اليوم.
3- في حزيران من عام 1967، احتلّت إسرائيل مدينة القدس. كان على رأس القوات الإسرائيلية، التي اقتحمت المدينة المقدّسة: الجنرال موشي دايان. وكان يرافقه في دبّابة القيادة القسّ الإنجيلي الأميركي بات روبرتسون.
هذه المواقف المسيحية المبدئية الكاثوليكية – الأرثوذكسية – الإنجيلية من القدس وأهلها، لم تأخذ موقعها في الدبلوماسية الإسلامية لتحرير المدينة المقدّسة من الاحتلال والتهويد
في ذلك اليوم أعلن روبرتسون، وهو يتفرّج على عملية تهديم حيّ المغاربة المجاور للمسجد الأقصى، أنّ المعجزة الثانية المتعلّقة بسيناريو العودة الثانية للمسيح قد تحقّقت، وأنّ علينا الآن العمل على تحقيق المعجزة الثالثة، وهي بناء الهيكل اليهودي على أنقاض المسجد الأقصى وفي موقعه. أمّا المعجزة الأولى فكانت قد تحقّقت بقيام إسرائيل في عام 1948.
في عام 1980، ترشّح القسّ روبرتسون للانتخابات الرئاسية الأميركية، وكان يتطلّع إلى العمل على تحقيق المعجزة الثالثة، لكنّه تعثّر في الطريق إلى البيت الأبيض. وكان الفوز من نصيب الرئيس رونالد ريغان.
4- بعد حرب 1967 واحتلال إسرائيل القدس، طالب الفاتيكان باحترام قرار الأمم المتحدة رقم 181 (تشرين الثاني 1947) بوضع القدس تحت نظام دولي، بحيث تكون المدينة المقدّسة جسماً منفصلاً (Corpus Separatus). بعد اتفاقات التسوية العربية مع إسرائيل (كامب ديفيد مع مصر، وادي عربة مع الأردن، أوسلو مع السلطة الفلسطينية)، اعترف الفاتيكان بإسرائيل، لكنّه تمسّك باعتبار القدس مدينة محتلّة، وهو موقفه المستمرّ حتى اليوم.
5- في مؤتمر القمّة الإسلامية، الذي عُقد في مدينة لاهور بباكستان في عام 1974، وخُصّص لقضية القدس، شارك في المؤتمر للمرّة الأولى، البطريرك الأرثوذكسي الأنطاكي الياس الرابع. حينئذٍ عارض الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور حسن التهامي مشاركة البطريرك كي لا يبدو أنّه المؤيّد الوحيد للقمّة الإسلامية. ولذلك قال البطريرك للقادة المسلمين: “أنا لم أحضر لأؤيّدكم في قضية القدس. أنا أعتبر المؤتمر كلّه مؤيّداً لنا نحن المسيحيين في قضيّة القدس”. وبهذا الموقف اعتلى البطريرك منبر القمة الإسلامية. وللمناسبة، عُيّن الدكتور التهامي فيما بعد وزير دولة في عهد الرئيس الأسبق أنور السادات، وكُلّف بإعداد برنامج زيارته التاريخية للقدس المحتلّة.