المواد الغذائية والسلع المدعومة من أموال اللبنانيين مخبأة في مستودعات المحلات التجارية
فرض تجّار المواد الغذائية وأصحاب المحلات قوانينهم على المواطن الفقير، وهي قوانين لا تراعي مصالحه ولا تأخذ في الإعتبار قدرته الشرائية المتهاوية. لكنّ هذه القوانين بالمقابل، تُسَنُّ وِفق شريعة هؤلاء التجّار الفجّار الذين يسعّرون ويرفعون مع كل ارتفاع للدولار. وإذا كان المواطن اللبناني قد استغنى عن شراء الملابس والسيارات والهواتف وكلّ ما هو من كماليات العيش حتى إشعارٍ آخر، فكيف به سيستغني عن شراء المواد الغذائية الأساسية التي لا يمكنه الإستغناء عنها في حياته ويومياته؟
من أين سيجدها المواطن اللبناني اليوم؟! أمِن أصحاب محطّات الوقود بعدما حجبوا البنزين والمازوت عنه وجعلوه يطلب وساطة حتى يحصل عليهما؟ أم من شركات الأدوية والحليب التي احتكرت هذه المواد ومنعت الأطفال الصغار من أهم غذاء لنموّهم؟ أم مِن أصحاب السوبرماركت وتجار المواد الغذائية، الذين احتكروا لقمة عيش هذا الفقير وراحوا يحاربونه بها؟ من أين سيجدها المواطن اللبناني الفقير اليوم؟ من كل هؤلاء وغيرهم الكثير؟ أم من الدولة التي جعلت أكثرية هذا الشعب بين فقير ومتسوّل؟
في السياق، اجتازت الليرة اللبنانية يوم الجمعة الماضي عتبة الـ 12 ألف ليرة عن سطح الدولار، وسجّلت أرقاماً قياسية غير مسبوقة مقابل الدولار الأميركي الواحد. واستمر الدولار بارتفاعه حتى صباح السبت، فعمد أصحاب المحلات التجارية والتعاونيات الإستهلاكية والسوبرماركت في الشمال، لا سيما طرابلس وعكّار، إلى إقفالها طيلة يوم السبت، ثم عاودوا فتحها يوم أمس الأحد، ليتفاجأ كلّ من قصد سوبرماركت بأنّ الأسعار طارت مع الدولار، لا بل حلّقت متجاوزة ارتفاع الدولار بأضعاف.
صباح الأحد تلقّت “نداء الوطن” عشرات الشكاوى من مواطنين طرابلسيين وعكاريين، أشاروا إلى أنّ “الأسعار في التعاونيات الإستهلاكية ومحلات المواد الغذائية والتموينية قد زادت عن اليومين السابقين بشكل كبير”. وأكّد كلّ من زار تلك التعاونيات والمحلات في طرابلس وعكار أنّ هناك إعادة تسعير من جديد طالت معظم المواد الموجودة على رفوف المحلات، وبنسب خيالية. وقال أحدهم “يوم أمس، قصدت إحدى التعاونيات على دوار نهر أبو علي في طرابلس، وبينما كنت أبحث بين رفوف الحبوب عن أرز مدعوم، إذا بي ألتفت إلى الخلف فأجد أحد العاملين في التعاونية يقوم بتبديل ملصقات الأسعار ورائي. سألته لماذا تقوم بتبديل الأسعار؟ فأجابني: الدولار ارتفع”. وقال آخر عن أحد المحلات التجارية في حلبا “يوم الجمعة زرته واشتريت عدداً من الأغراض. فقد اشتريت عبوة زيت plein soleil من عيار 3 ليترات ب 69000 والأحد قصدت نفس المحل لأشتري غرضاً آخر فمررت بجنب “ستاند” الزيت فرأيت تسعيرة عبوة الزيت نفسها قد بلغت 89000 ليرة لبنانية”.
وأشار المواطنون المشتكون إلى أنّ “أغلبية المواد المدعومة من وزارة الإقتصاد والتجارة غائبة أو مغيّبة عن رفوف المحلات، وهذه المواد إذا ما وجدت في بعض المحلات، فإنها تتواجد بأعداد قليلة جداً؛ وتفرض إدارة المحل على الزبون شراء قطعة أو سلعة واحدة منها فقط”.
وفي هذا الصدد، علمت “نداء الوطن” بأنّ المواد الغذائية والسلع المدعومة من أموال اللبنانيين ومدّخراتهم، مخبّأة في مستودعات المحلات التجارية، حيث يعمد أصحابها إلى تخزين هذه المواد ومن ثم إعادة تفريغها في أكياس أخرى لتُباع لاحقاً في المحلات على أنّها مواد وسلع غير مدعومة ووِفق الأسعار التي تناسب هؤلاء التجّار. ومع أنّ لدى محلات السوبرماركت في الشمال فائض بضاعة في الصالة الأساسية وضمن المستودعات، إلا أنّها ومع ارتفاع سعر صرف الدولار يوم الجمعة، أغلقت صالات البيع أمام الزبائن، وبدأت شغلها من الداخل بتبديل الأسعار في صالات البيع. ومن قصد هذه المحلات يوم الأحد وجد بعض التسعيرات مكتوبة بخطّ اليد وبعضها مطبوع على الآلة، وقد زادت الأسعار أكثر فأكثر.
ولدى زيارتنا عدداً من السوبرماركت في عكّار وطرابلس للاطلاع على الإرتفاع الحاصل، وبعد اجراء اتصالات مع أصحابها، فضّل جميعهم عدم التحدّث عن الأمر، ما عدا شخص نفى أن يكون ممّن يخزن المواد المدعومة وأوضح انه “حتى لو كان قد اشترى هذه المواد والسلع على سعر الدولار بـ 10 آلاف أو أقل إلا أنه لو اراد شراءها الآن فسيشتريها على دولار 12.5، ولذلك هم كأصحاب سوبرماركت عاودوا رفع الأسعار حتى لا تكون خسارتهم كبيرة”.