“قلوب مليانة” تشعل “حرب الأخوة”.. والآتي أعظم!
لم تعد “الحرب” بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” مجرّد كلامٍ في الهواء، بعدما خرجت عن الفضاء “الافتراضي”، كما فضاء البيانات “النارية” المتبادلة، لتشتعل على أرض الواقع، وكأنّ هناك من “يحنّ” إلى “الحرب”، ولم يتعلّم شيئاً منها.
ما حصل أمس أمام مركز “التيار الوطني الحر” في ميرنا الشالوحي، وبمُعزَلٍ عمّن يتحمّل مسؤوليّته، ليس حدثاً “عابراً” ولا يمكن أن يكون، علماً أنّ “توتّراً” مماثلاً، ولو أقلّ حدّة، حصل قبل أيام على هامش تظاهرة “العونيّين” على طريق قصر بعبدا.
ما حصل عملياً، وقد يتكرّر في أيّ لحظة، هو ببساطة نتاج “تراكماتٍ” عملت قيادتا الحزبيْن على “تغذيتها” بشكلٍ مُكثَّفٍ ومُبالَغٍ به على امتداد الأسابيع الماضية، سعياً لمكاسب آنيّة، سياسيّة ولكن بشكل أكبر شعبويّة، على أطلال تفاهم “أوعا خيّك” غير المأسوف على “شبابه”.
من بدأ؟!
من بدأ الإشكال الذي وقع أمام مركز ميرنا الشالوحي بالأمس؟ هو سؤالٌ شغل المهتمّين والمتابعين في الساعات الماضية، معطوفاً على سؤالٍ مُوازٍ آخر، هو “من الذي افتعل الإشكال؟ ومن الذي يجرّ بعض الأحزاب إلى العودة إلى زمنٍ اعتقد اللبنانيّون أنّه ولى؟”
تتفاوت الإجابة على السؤال، وفقاً للانتماء السياسي لمصدرها. أوساط “التيار الوطني الحر” مثلاً، لا تتردّد في تحميل “القوات اللبنانية” المسؤولية الكاملة، باعتبار أنّ مناصري جعجع هم الذي “اعتدوا” على “حرمة” المقرّ العام لـ “التيار”. أكثر من ذلك، هم قدّموا استعراضاً “شبه عسكريّ”، ورشقوا المركز بالحجارة، وأطلقوا شعاراتٍ استفزازيّة، وكلّ هذه العوامل تشكّل، مجتمعةً، “الوصفة المثاليّة” للفتنة، التي لم يعد يكفي “لعن” من يوقظها، بل من يترجمها على الأرض أيضاً، وفقاً لرواية الأوساط “العونيّة”.
بالنسبة إلى “القوات”، الرواية مغايرة تماماً، بل “مناقضة”. تتحدّث أوساطها عن “مسيرات سيّارة” لمناصريها جابت مناطق عدّة، على هامش إحياء ذكرى اغتيال الرئيس بشير الجميل، وقد مرّوا عبر أوتوستراد ميرنا الشالوحي كغيره، بوصفه “طريقاً عاماً وليس مخصّصاً لأحد” وفق ما ورد في بيان “القوات”. ويشدّد “القواتيون” على أنّ “العونيّين” هم من افتعلوا الإشكال بإطلاقهم النار على “مسيرتهم السلميّة”، ويتمسّكون بمقولة رفض “الانجرار” إلى المستوى الذي يحاول “خصومهم” جرّهم إليه.
لا يهمّ…
عموماً، لا يهمّ أيّ من الروايتيْن هي الصحيحة، أو بالأحرى الأصحّ، لأنّ المرجَّح أنّ كلاً من الحزبيْن أضاف الكثير من “الملح والبهار” على “الحقيقة”، النسبيّة أصلاً، لتحويل نفسه إلى “الضحية” والآخر إلى “الجلاد”، في “أسطورةٍ” لم يعد يُرصَد لها أثر سوى في الأفلام والروايات.
ثمّة بين مراقبي المشهد، من يجزم أنّ الطرفيْن يتحمّلان المسؤوليّة، مهما عاندا وجاهرا بخلاف ذلك. من قرّر التجمّع أمام المقرّ العام لـ “التيار” و”استفزاز” مناصري الأخير لم يفعل ذلك “عفوياً”، تماماً كما من قرّر “التصدّي” لتجمّعٍ ما، ولو كان سلمياً. قد لا يكون ذلك حصل بأمرٍ “مباشرٍ” من قيادتي الحزبين، لكنّه حصل بما يشبه “أمر العمليات” الذي تتناوبان عليه، ببياناتٍ واتهاماتٍ واستفزازاتٍ.
الأسوأ من كلّ ذلك أنّ أحداً لم يأخذ “العبرة” ممّا حصل، ولو لتكريس “هدنةٍ” تفادياً للأسوأ الذي بدأت “بشائره” بالظهور في الشارع. يكفي بيانا الحزبين في أعقاب الإشكال الخطير لتأكيد ذلك. بيان “التيار” لم يخلُ من العبارات “المستفزّة”، التي دأب عليها في الآونة الأخيرة، فحضر “غدر سمير جعجع” ضمن سطوره، فيما جاء بيان “القوات” أقلّ وطأة، وإن تضمّن الحديث عن “تعدٍّ سافر” وما شابه.
مع دفن “تفاهم معراب”، اعتقد “الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” أنّ “تصعيد اللهجة” مصلحة لهما على المستوى السياسيّ، خصوصاً بعدما أدركا أنّ تحالفهما “المصلحيّ” عجز عن “تقريب” جمهوريهما من بعضهما بعضاً، وإزالة “ترسّبات” الماضي. لكنّ ما يفعلانه اليوم، يجعل كثيرين “يترحّمون” على مرحلة ما قبل “المصالحة التاريخيّة”، التي يبدو أنّها تحوّلت من “نعمة” إلى “نقمة” مع درجة “امتياز”!
lebanon24