القطري يستطلع ولا يبادر: لم يعارض فرنجية ولم يؤيّد قائد الجيش
غادة حلاوي – نداء الوطن
بحسب من التقاهم، فإنّ زيارة الموفد القطري أبو فهد جاسم آل ثاني مدعومة من جزء من اللجنة الخماسية، أي من الدول الأكثر تأثيراً بين أعضائها، الولايات المتحدة والسعودية. لم يغُص في عين التينة بتفاصيل الأسماء، بل أوضح أنّ بلاده لا تطرح أي اسم وتتمسّك به، وهو قصد استطلاع الآراء للبناء عليها. استمعت عين التينة بجدية فائقة إلى ما حمله القطري الذي نال جوابه منها بوضوح: مرشحنا هو سليمان فرنجية. المعروف عن رئيس مجلس النواب نبيه بري تلقّفه المبادرات وإبقاء الأبواب مشرعة، ولو التزم الصمت المطبق حيال التعليق عليها.
في حضرة «حزب الله» اتّسم اللقاء، كما في عين التينة بالإيجابية عموماً. في الأساس إنّ تعامل الثنائي الشيعي مع قطر، كما فرنسا، جيدٌ، وهي تصنّف دولة صديقة. لم يتلمّس الثنائي وجود مبادرة لقطر، بل تحدّث موفدها عن اتصالات تمهيدية لاستشراف مواقف الأطراف، وخلافاً لغيره لم يطرح مفاضلة بين اسمين للرئاسة، بل أوضح أنّه ليس لبلاده مرشح هو جوزاف عون، وإذا كان لفرنجية من لا يؤيد ترشيحه كـ»التيار الوطني الحرّ» والمعارضة، فكذلك الأمر بالنسبة لقائد الجيش الذي يعارض ترشيحه الثنائي و»التيار»، فلمَ لا نسحب ترشيح جوزاف عون وسليمان فرنجية ونتّجه نحو مرشح ثالث ولا نحدّد اسمه قبل الاتفاق عليه؟ سأل القطري وأكمل بصريح العبارة: ما مشكلتكم مع ترشيح الياس البيسري؟ فكان جواب «حزب الله» لا شيء، ولكن نتمسّك بترشيح سليمان فرنجية.
طرح القطري ترشيح البيسري جاء مفاجئاً لكل القوى التي التقاها، وبعضهم لم يجد تفسيراً لترشيحه، إلا من منطلق كونه رجل أمن من دولة تقارب موضوع الرئاسة عموماً من منظار أمني، واعتادت أن تطرح أمنيين وتبدي ارتياحها لوجودهم، ولها في ذلك سوابق مع خيار قائد الجيش السابق ميشال سليمان، ثم ترجيح كفة قائد الجيش الحالي، ومعه طرح اسم مدير عام جهاز أمني ولو بالإنابة، لتكون المفاجأة أنّ أياً من القوى التي التقاها لم تقارب هذا الترشيح بجدية ولم تأخذه على محمل النقاش.
ما يمكن تلمّسه من خلال جولة الموفد القطري تراجع التداول بترشيح العماد عون وتقدّم طرح اللواء البيسري، لكن الموضوع لا يزال قيد التشاور من قبلهم، وهم قالوا إنّهم في معرض إجراء اتصالات والاستماع إلى وجهات النظر. في خلاصة ما خرج به «حزب الله» أن القطري لم يقل إنّه ضد سليمان فرنجية أو إنّه يؤيد ترشيح جوزاف عون دون غيره ولو طرح البيسري.
ألمح لبعض من زارهم أنّه ينطق باسم جزء من «الخماسية»، أي أميركا والسعودية التي تدفع بدوره إلى الأمام، أي أنّه أكد وبشكل غير مباشر وجود خلافات بين أعضاء اللجنة وصحة الشائعات التي تردّدت في نيويورك، ووقوع خلاف بين فرنسا وأميركا، وأن أميركا أبلغت الفرنسيين أنّ عليهم إفساح المجال أمام الآخرين بعدما وصلت مساعيهم إلى طريق مسدود.
ومن الاستنتاجات أيضاً أنّ الموفد القطري، وإن كان لا يزال يحمل اسم قائد الجيش، لكنه أضاف الى اللائحة أسماء مرشحين جدد، ما حمل أحد مستقبليه على الاعتقاد أنّ المبادرة القطرية تتجه أيضاً إلى الاصطدام بعائق الأسماء طالما أنه لا يوجد طرح ناتج من حوار.
وبرزت من جديد مسألة الحوار الذي كانت فرنسا تمهّد له، والذي قفز موضوعه إلى الواجهة فتحوّل بحد ذاته إلى موضع نقاش وجدل، وانتهى على ما يبدو إلى تعليق الرئيس بري مبادرته بالدعوة إلى الحوار، فيما تردّد أنّ الجانب الفرنسي الذي لم يتراجع عن معركة «الكباش» السياسي بينه وبين الأميركي يعاود إرسال موفده الرئاسي إلى لبنان في محاولة لاستعادة زمام الأمور.
وفي المعلومات أنّ الفرنسيين أبلغوا بعودة موفدهم في العاشر من تشرين الأول أي في بداية الشهر المقبل ليستمع إلى طروحات كل القوى السياسية مجدداً. أما البديل المقترح فقد يكون حواراً في قصر الصنوبر برئاسة لودريان ولكن من دون أن تطلق عليه تسمية حوار تلبية لطلب «التغييريين»، وسيكون عبارة عن لقاء موسع بصيغة دعوة إلى غداء جامع. ولا يزال البحث جارياً عن صيغة مشابهة جامعة يلبّيها كل المدعوين ولا تستفزّ أياً منهم.
زيارة القطري غير واضحة المعالم والفرنسي يستعدّ ليسجل اسمه في سجل الزائرين، ومن هنا يمكن القول إنّ الفراغ الرئاسي معلّق على خشبة موازين القوى الدولية، وتبدو المبادرة القطرية وكأنها انتهت قبل أن تبدأ وفق ما هو واضح. تكفي نصيحة سفير المملكة السعودية في لبنان وليد البخاري في عيد بلاده الوطني للدلالة، وهو قال إنّ «الحلول المستدامة تأتي فقط من داخل لبنان وليس من خارجه والاستحقاق الرئاسي شأن لبناني داخلي».