ورقة أساسية يتستر عليها الجميع
كتب طوني عيسى في” الجمهورية”: قد تقع القوى اللبنانية في خطأ المبالغة في الرهان على المبادرة الفرنسية. فالرئيس إيمانويل ماكرون أحرقَ أصابعه مراراً بالمبادرات اللبنانية التي بقيت نتائجها عبثية. كما أن الرهان على زيارة ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان لباريس يفترض أن يبقى ضمن حدود واقعية.
فصحيح أن الملف اللبناني مدرج على جدول محادثات ماكرون- بن سلمان، لكن لبنان اليوم ليس الطفل المدلل عندهما، والملف اللبناني ليس هو الأكثر أهمية على الطاولة. وثمة أولويات يريد الضيف السعودي تحقيق إنجازات فيها، وهي تتعلق خصوصا بدعم فرنسا للسعودية في المجالات السياسية والمالية والعلمية، كجزء من مشروعه الاستراتيجي الطموح، الرامي إلى تكريس موقع قوي ومُستقل للمملكة بين الشرق والغرب. وفي المقابل، يرغب ماكرون في ضمان موقع قوي لباريس في هذه الاستراتيجية، فأوروبا أيضاً تعبت من صراعات الشرق والغرب على أرضها، وحرب أوكرانيا تبقى الأكثر إيلاماً للقارّة العجوز منذ الحرب العالمية الثانية.
وعلى الأرجح، سيتوافق السعوديون والفرنسيون مجدداً على ضمان حد أدنى من الاستقرار في لبنان، يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة وإنجاز خطة إصلاح مالي وإداري. وهذا ما سيدفع لودريان إلى طرح مبادرته الحوارية قريباً. وهي ترمي على الأرجح إلى إنتاج رئيس – تسوية. ومع أن حظوظ هذه التسوية قد ارتفعت بعد جلسة الانتخاب الأخيرة، فلا أحد يضمن نجاحها.
وتتردد في أوساط 8 آذار أن خيار «الثنائي» بدعمِ فرنجية انطلاقاً من مواصفات يراها كطلوبة، وهي: الانفتاح على المجتمع الدولي والعرب، العلاقة الجيدة ببكركي، الاعتدال السياسي، والعلاقة الوطيدة في العمق مع دمشق وحلفاء طهران في لبنان.
إذاً، بعد جلسة 14 حزيران، عرفَ كل طرفٍ حدوده التي لا يمكنه تجاوزها وضرورة اعتماد الحوار من اجل انجاز تسوية تشمل رئاسة الجمهورية واسم رئيس الحكومة الجديد وخريطة طريق الحكومة العتيدة حتى لا يبقى البلد اسير سلسلة من التعطيل. وثمة من يعتقد أن الجميع ينامون على ورقة ما، وهم سيكشفونها في اللحظة المناسبة.