مُقترحات على طاولة “اللجان المشتركة”
كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:
بإنتظار ما ستُسفر عنه الإتصالات والمشاورات الجارية على أكثر من صعيد بشأن الإستحقاق الرئاسي، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري لجان المال والموازنة، الإدارة والعدل، الدفاع الوطني والداخلية والبلديات، الإقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط، الصحة العامة والعمل والشؤون الإجتماعية وحقوق الإنسان إلى جلسة مشتركة العاشرة والنصف من قبل ظهر يوم غد الثلاثاء في 23 أيار، لدرس جدول أعمال يتألف من ثلاثة إقتراحات قوانين مختلفة من حيث المضمون ومتنوعة من حيث هوية موقّعيه سياسياً، وقد لا تحمل صفة العجلة برأي البعض، إذا لم تكن كّلها، فبعضها على الأقل.
الإقتراح الأول يرمي إلى تعديل المادة 112 من قانون العقوبات، أي (السنة السجنية)، وهو مقدّم من عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم الذي شرح لـ»نداء الوطن» حيثياته، وقال: «إن هذا الإقتراح يتعلق فقط بالمحكومين وهو يُخفّض السنة السجنية لهؤلاء من 9 إلى 6 أشهر، وقد جاء بعد الأزمة التي برزت في وضع السجون والسجناء على الصعد الإنسانية والصحية والغذائية وكذلك أزمة الكثافة ومدى ملاءمتها للقواعد الحقوقية العالمية». ولفت إلى أنّ «الإقتراح محدود في نتائجه لأنّه يتعلّق بالمحكومين قبل إقرارالقانون وحتى لحظة إقراره ثم تعود الأمور إلى طبيعتها».
أما الإقتراح الثاني فيرمي إلى تعديل أحكام المواد 3 و8 من قانون النقد والتسليف وإنشاء المصرف المركزي (القانون الموضوع موضوع التنفيذ بموجب المرسوم 13513 تاريخ 1/8/1963). وهذا الإقتراح مقدّم من عضو تكتل «الجمهورية القوية «النائب زياد حواط الذي أوضح لـ»نداء الوطن» أنه «يهدف إلى تسهيل حركة العملة اللبنانية ويتضمّن مقترحاً لطباعة ورقة المليون ليرة بعد ما حصل من تضخم وأزمات في البلد، وهو لا يزيد التضخّم كما يُحاول البعض أن يُصوره، وفكرة الأرقام المقترحة قابلة للنقاش في جلسة اللجان، لا سيّما وأنّ الأوراق الحالية باتت كلفتها أغلى منها».
أما الإقتراح الثالث على جدول الأعمال، وقد يكون الأهم، فيرمي إلى الشروع بتطبيق نظام «الدخل الأساسي الشامل» (قانون كرامة المواطن). وهذا الإقتراح مقدّم من النائب فيصل كرامي الذي أمل بأن يُقرّ، لأنّه يوضع للمرة الثالثة على جدول أعمال اللجان ولا يصل البحث إليه.
ولفت كرامي في حديث لـ»نداء الوطن» إلى أنّ «هذا الإقتراح لا يلغي ضرورة وجود خطة شاملة للحل كونه مكمّلاً لها، لأنّ المطلوب من وجهة نظرنا وقف الإنهيارالإجتماعي، ولا سيّما بعض مناطق الأطراف في عكار وبعلبك الهرمل وغيرها التي تُعاني بشكل كبير».
ويتضمّن الإقتراح 11 مادة مع الأسباب الموجبة التي شرحت الغاية منه وكيفية الإستفادة من مضمونه. وينطلق من واجبات الدولة في تأمين الحدّ الأدنى من الحماية الإجتماعية للبنانيين من الفقراء عبر تحويلات مالية شهرية مستدامة للأفراد والأسر، عن طريق التمويل الداخلي المستدام وغيرالخاضع للتجاذبات والتقلّبات التي لا يمكن التحكّم بها. ويحصل بموجبه كل فرد بالغ، وكل أسرة (بحسب عدد أفرادها)، على مبلغ شهري يتمّ تحويله إلى حساب الفرد أو الأسرة بغضّ النظر عن الحالة الإجتماعية أو الدخل الفردي.
صندوق للدخل
ويشمل الإقتراح إنشاء صندوق للدخل الأساسي الشامل، يستفيد منه كل مواطن تقدّم بأوراقه الثبوتية، على منصة إلكترونية يتم إنشاؤها خصيصاً لذلك، أو الإستعانة بمنصة الكترونية رسمية يمكنها القيام بنفس الوظيفة المطلوبة. ويحقّ لأي مواطن لبناني مقيم في لبنان الإستفادة من الصندوق، على أن تنظّم المراسيم التطبيقية طريقة التأكد من شروط الإقامة.
ويتم تحديد المبلغ الشهري للفرد بقرار من وزارة المال، على أن لا يقلّ عن 80 في المئة من معدل حصته من الجباية (مجموع الواردات الإضافية من الضريبة على عدد المستفيدين) خلال الـ3 أشهرالسابقة لإصدار القرار. ويعتبر فرداً كل من بلغ الثامنة عشرة من عمره، ويتمّ تحويل حصته إلى حسابه الإلكتروني الخاص، أما حساب العائلة فيتمّ تحويله إلى الشخص المسؤول عن حضانة الأولاد ما دون الـ18.
ويتمّ القبض من خلال أجهزة (ATM) أو من خلال إنشاء محفظة إلكترونية لكلّ مستفيد من الصندوق، مربوطة برقمه الخليوي، ويتم تحويل الأموال الشهرية إلى شركتي الخليوي لتوزيعها حسب الجداول المرفقة على المحفظة الإلكترونية الخاصة بكل مشترك. ويتمّ إستثناء الشرائح المختلفة من الإستفادة من تقديمات الصندوق بمراسيم تطبيقية بعد مرور 6 أشهر من العمل بالقانون على الأقلّ، كاستثناء العائلات التي تستفيد من برامج دعم أخرى مموّلة من جهات خارجية أو داخلية، على أن تكون المبالغ التي تستفيد منها شهرياً أعلى من المبلغ المقدّم من الصندوق.
ولا يمكن تطبيق الزيادة الضريبية (المقترحة لتمويل الصندوق) إلا بعد أن يتقدّم أكثر من 500 ألف مواطن للإستفادة من الصندوق، وأن تكون كل المستلزمات المطلوبة لتحويل الأموال جاهزة للتنفيذ، على أن يبدأ التحويل في مدّة أقصاها شهران بعد تطبيق الزيادة الضريبية. وتلتزم وزارة المال بتحويل الأموال المجباة الخاصة بهذا القانون لصالح صندوق الدخل الأساسي الشامل شهرياً إلى حساب الصندوق في مصرف لبنان، ولا يعطل هذه العملية إلا قانون يصدر عن مجلس النواب.
ويتضمّن الإقتراح زيادة الضريبة على القيمة المضافة بـ3 نقاط مئوية (من 11 في المئة حالياً إلى 14 في المئة) لتأمين تمويل الصندوق المقترح، منطلقاً من أن كل نقطة مئوية تزيد الواردات بقيمة 200 مليون دولار تقريباً (بناءً على أرقام عام 2019). وعليه، فإنّ القيمة الإجمالية للزيادة على ضريبة القيمة المضافة ستكون 600 مليون دولار تقريباً، معدّلة بحسب أرقام الإستهلاك لعام 2023 (أقلّ بـ30 في المئة من 2019) فتبلغ 420 مليون دولار .
وعلى افتراض أن يتقدّم 1.8 مليون لبناني مقيم للإستفادة من المشروع، فإنّ حصة الفرد من توزيع الواردات الضريبية الإضافية ستعادل حوالى 20 دولاراً شهرياً. أي إنّ أسرةً من 5 أشخاص (بغضّ النظر عن مدخولها) ستحصل على ما يقارب 100 دولار شهرياً، علماً أنّ كلفة الزيادة الضريبية الجديدة ستكون مثلاً بحدود 180 دولاراً لأسرةٍ غنية تنفق 6000 دولار شهرياً، بينما تبلغ 9 دولارات فقط لأسرةٍ فقيرة تنفق 300 دولار شهرياً.