الأزمة تفرز الطلاب: التعليم الجيّد للأغنياء
مدير ثانوية أجيال: “هذه الزيادة متوقعة، وتندرج في إطار رفع رواتب الكادر التعليمي, ودولرة الأقساط أمر مفرغ منه، فكل شيء في البلد تمّت دولرته، ولن تقف عند أقساط المدارس”
رمال جوني – نداء الوطن
وفي التفاصيل…
مع تراجع المدرسة الرسمية التي باتت على شفير الإنهيار، في ظل الإضرابات المتلاحقة للأساتذة، رفعت المدارس الخاصة أقساطها بشكل جنوني، وتخطّى بعضها الألف دولار. في حين يترنّح راتب الموظف اللبناني بين الـ100 والـ200 دولار أميركي، ما وضع أهالي الطلاب في حيرة من أمرهم. ماذا يفعلون؟ هل قضت الزيادة على مستقبل الطلاب التعليمي؟ لم يستوعب الأهالي بعد الأقساط التي سقطت حممها عليهم، في ضربة قاضية. مع ذلك سيرضخون، فلا خيارات أخرى متوفّرة. فالمدرسة الرسمية تعيش صراعاً في سبيل تأمين الدعم لها. وفي حال استمرّ شدّ الحبال بين وزارة التربية والجهات الداعمة، التي تصرّ على دمج النازحين السوريين داخلها لعلّها تحظى بـ”غنيمة الدعم”، فستلاقي المدرسة الرسمية مصيرها المحتوم.
بعض الجهات المانحة بدأ التحضير للمدرسة الرديفة، بالتنسيق مع وزارة التربية. مركزها الجمعيات والأندية المحلية، على أن تستقبل الطلاب النازحين واللبنانيين معاً وبشكل مجاني وتوفر لهم اللوازم المدرسية كافّة. التعليم سيكون بالطرق الحديثة وفق مصادر مواكبة، والتي لا تستغرب هذه الخطوة كونها أتت بالتنسيق مع وزارة التربية، بحجة أنّها “تستهدف المتسرّبين من المدرسة وليس الطلّاب الفعليين، على أن يحظوا بشهادة مصدّقة من الوزارة”. هذه المدرسة الرديفة تتحضّر للإنطلاق في العديد من القرى الجنوبية. وتقول المصادر: “لا دعم للمدرسة الرسمية”، مشيرةً إلى أنّ “الإضرابات ستعود حكماً في ظلّ عدم تصحيح الرواتب”.
وفي هذه الأزمة، تجد المدرسة الخاصة فرصتها الذهبية لرفع الأقساط. جرى إبلاغ الأهالي بها، تشمل قسماً بالليرة اللبنانية يصل في أدناه إلى 10 ملايين ليرة، وأقصاه 15 مليون ليرة، حسب المرحلة الدراسية، والقسم الآخر بالـ”فريش دولار” من 700 دولار أميركي وقد يصل إلى 2000.
كيف يُعلّل مديرو المدارس الخاصة هذه الزيادات؟
يقول الدكتور داوود حرب مدير ثانوية أجيال إن “هذه الزيادة متوقعة، وتندرج في إطار رفع رواتب الكادر التعليمي”، لافتاً إلى أنّ “دولرة الأقساط أمر مفرغ منه، فكل شيء في البلد تمّت دولرته، ولن تقف عند أقساط المدارس”.
ويؤكّد أن “الأهالي سيقبلون الأمر مع تسجيل بعض الإعتراضات”، جازماً أنّ “المشكلة ليست في القطاع التربوي الخاص، بل في القطاع الرسمي المتهالك”. ويوضح حرب أن “أجيال” رفعت أقساطها من 450 إلى 800 دولار من أجل إعطاء زيادة للأساتذة. ويشير إلى “تقديم حسومات خاصة لموظفي القطاع العام تصل إلى 30% كونهم الفئة الأكثر تضرّراً في هذه الأزمة”.
في المقابل، لا تزال “ثانوية التربية والتعليم” تدرس آلية رفع الأقساط والرواتب على ما يقول مدير الثانوية أيمن قانصو “بانتظار تبلور الصورة النهائية للمؤشر”، لافتاً إلى أن “الأقساط قد تكون بين 500 و700 دولار، وذلك لأنّ أبناء الطبقة الوسطى وما دونها من موظفي القطاع العام وأصحاب المهن البسيطة يحقّ لهم التعليم”. ويرى قانصو أنّ “الزيادة ستكون من أجل الحفاظ على الكادر التعليمي”، مضيفاً أنّه “سيتمّ رفع الرواتب 20 مرّة وعليه سيصبح راتب الأستاذ حوالى 40 مليون ليرة، نصفه بالدولار ونصفه الآخر بالليرة”. يبدو أن المدارس بمعظمها تفكر في الطريقة نفسها، مع مراعاة أهل القطاع العام.
وبعدما كان لبنان رائداً في مدرسته وجامعته، بات التعليم الجيّد للأثرياء فقط ولم يعد متاحاً للجميع، ورغم تأكيد المدارس الخاصة عدم تراجع أعداد طلابها، يبقى السؤال: “ما مصير الطلّاب الفقراء؟ أي مستوى تعليميّ سيتلقّونه؟”.