هل تتراجع المعارضة خطوة إلى الوراء؟
كتبت بولا أسطيح في “الشرق الأوسط”:
بخلاف «حزب الله» وحلفائه الذين ينادون بـ«الحوار» في الملف الرئاسي اللبناني، ويتمسكون في الوقت عينه بترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية المفترض أن يخرج خلال أيام ليعلن ترشيحه رسمياً؛ تجد قوى المعارضة نفسها مضطرة للقيام بخطوة إلى الوراء بتخليها عن مرشحها النائب ميشال معوض، والدعوة للتفاهم على رئيس توافقي قادر على أن يجمع 65 صوتاً تضمن نجاحه في دورة ثانية، والأهم تأمين النصاب الدستوري لجلسة الانتخاب، ألا وهو حضور 86 نائباً.
ومنذ انطلاق معركة الانتخابات الرئاسية في أيلول الماضي، شددت قوى المعارضة، وعلى رأسها أحزاب «القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي»، على وجوب تبني مرشح «سيادي – إصلاحي – إنقاذي» محسوب على هذه القوى، واختارت معوض الذي لديه مواقف متقدمة بوجه «حزب الله» وسلاحه، لكنها رغم تصويتها له خلال 11 جلسة تمت الدعوة اللبنانية إليها، لم تنجح بتأمين 65 صوتاً له، ما دفع «التقدمي الاشتراكي» للخروج بمبادرة بهدف التفاهم مع «حزب الله» وحلفائه على اسم مرشح بين 3 أسماء اقترحها، هي أسماء: قائد الجيش العماد جوزيف عون، والوزير السابق جهاد أزعور، والنائب السابق صلاح حنين، إلا أن الحزب لم يتجاوب مع هذه المبادرة.
وتبحث قوى المعارضة حالياً بتبني مرشح جديد يكون مقبولاً من الفريق الآخر، لكن حزبي «القوات» و«الكتائب» يبدوان بالوقت عينه حاسمين برفض تأمين نصاب جلسة لانتخاب فرنجية.
وأقر رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل، أخيراً، بأنه «من الصعب الإتيان بالمرشح الأفضل، فالبلد مقسوم ولا أحد قادر على الوصول إلى 65 صوتاً، لذلك علينا أن نطرح أسماء مقبولة من الجميع وقادرة على تأمين الـ65 صوتاً»، إلا أنه في الوقت عينه رفض انتخاب «مرشح حزب الله»، لافتاً إلى وجوب أن يتعهد أي مرشح بـ«مفاوضة (حزب الله)، والعمل على فكفكة الملفات التي يضرب فيها الحزب سيادة البلد، وأن يكون لديه القدرة على إعادة العلاقات مع الدول العربية والمجتمع الدولي».
ويوضح النائب عن قوى «التغيير» وضاح الصادق، أن «البحث يتركز حالياً عن رئيس يستطيع أن يصل إلى سدة الرئاسة الأولى، باعتبار أننا قادرون على أن نُصر ونتمسك بالمرشح الذي نريد، لكنه لن يتمكن من كسب السباق الرئاسي، وبالتالي إذا كان ميشال معوض يُعتبر مرشح مواجهة بالنسبة للفريق الآخر، فعندها يجب البحث عن مرشح قد يكون مقبولاً من طرفه». ويشدد الصادق في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن ما سبق لا يعني التراجع عما يتعلق ببرنامج ورؤية أي مرشح سندعمه؛ أي إنه «لا تنازل عن رئيس لديه موقف واضح من موضوع السلاح خارج الدولة، ومن سيادة لبنان ودعم الحكومة الكامل بعملية الإصلاح»، لافتاً إلى أن «المرشح الأكثر حظوظاً اليوم هو ذلك القادر على تأمين نصاب 86 صوتاً، وهو ما لا يستطيع فرنجية تأمينه».
بالمقابل، يبدو حزب «القوات» الأكثر تشدداً بفريق المعارضة بالتعامل مع الملف الرئاسي، وإن كان رئيسه الدكتور سمير جعجع، أعلن سابقاً أن «المعارضة غير متمسكة بمرشحها النائب ميشال معوض، في حال طرح اسم آخر يمكن أن ينال 65 صوتاً، ويتمتع بالمواصفات التي تستوفي شروط المرحلة الحالية».
ويعتبر النائب في حزب «القوات» أنطوان حبشي، أن «الملف الرئاسي لا يزال يراوح مكانه، باعتبار أن تبني الثنائي الشيعي ترشيح فرنجية لم يعطه دفعاً، إنما بالعكس»، مؤكداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «تمسك أغلب مكونات المعارضة بمعوض حتى نجد مرشحاً قادراً على أن يجمع عدداً من الأصوات يفوق العدد الذي يصوت لمعوض… الذي سيكون أول المبادرين في حال كان هناك هكذا مرشح يحمل نفس المشروع». ويرى حبشي أن «أزمة لبنان الحالية هي بمن وضعه خارج الشرعية الدولية، وبمن يتدخل بسوريا واليمن ودول العالم، ويستعدي دول الخليج، وبالتالي لا إمكانية للحديث عن حلول وسط، وأي رئيس جديد يفترض أن يسترد سيادة لبنان، ويحدد هذه المشاكل لـ(حزب الله)، فهل الحزب سيرضى عندها السير به؟!»، ويستبعد أن تصب التطورات الإقليمية في مصلحة «حزب الله» وأجندته، وبخاصة بملف رئاسة الجمهورية.
أما النواب السّنّة القريبون من جو «14 آذار» والذين لم يكن معظمهم يصوتون لمعوض، فيربطون سيرهم بأي مرشح بشرطين: «الأول، التمتع بأوسع غطاء داخلي، وهذا سيكون مؤمّناً في حال استطاع تأمين نصاب الجلسة لانتخابه. والثاني، غطاء عربي من المملكة العربية السعودية ودول الخليج، بالإضافة إلى غطاء المجتمع الدولي»، وهو ما كان قد عبّر عنه صراحة النائب في كتلة «الاعتدال الوطني» أحمد الخير.