مَن سيخلُف سلامة؟
كتبت ميريام بلعة في “المركزية”:
“قرّرت ترك المنصب بعد انتهاء ولايتي.. ولم يتحدث أحدٌ معي في شأن التجديد لي” قالها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في الأمس بوضوح يُثير التخوّف من حدوث فراغ في سدّة الحاكمية شبيه بالشغور الفاقع في رئاسة الجمهورية.
هذه الرّيبة يعزّزها التأزم السياسي وخلط الأوراق “التحالفية” الذي قد يخلف فوضى في كثير من الاستحقاقات الداهمة والتي بدأ ملامحها على الساحة المصرفية من تهديد ووعيد بالقضاء على المصارف وأصحابها وبما فيها… في ظل إضراب جزئي للقطاع على وقع مفاوضات متواصلة توصلاً إلى تصويب التناقضات وردع التهجّمات التي تقضّ مضاجع العمل المصرفي ونظامه “التاريخي”.
فلبنان اليوم واللبنانيون منشغلون باقتراب موعد انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان المحدّدة في تموز 2023، على وقع تأكيد الحاكم سلامة “عدم رغبته في التمديد أو التجديد، بل يريد إنهاء حقبة ترؤسه الحاكمية، بسلام” بحسب الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود.
ويقول لـ”المركزية”: هذا الأمر يتعلق بشخصه، لكن ما يتعلق بالبنك المركزي فالموضوع مغاير. فإذا تم انتخاب رئيس للجمهورية وتشكّلت حكومة جديدة نالت ثقة مجلس النواب، فمن الطبيعي أن يتم تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان.
ويعتبر أن “من غير المنطقي الحديث عن تجديد للحاكم سلامة في هذه المرحلة… فالجوّ العام في البلاد “لا يهضم” تمديد 6 سنوات إضافية له علماً أن سلامة نفسه لا يريد ذلك. فالمشكلة الكبيرة إذا لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية ولم يتم تشكيل حكومة من اليوم وحتى شهر تموز 2023، ما يثير التساؤل “هل سندخل في بعض الاجتهادات الدستورية؟ هل يستطيع مجلس الوزراء أن يطلب من الحاكم الاستمرار في عمله لمدة إضافية، أم يلجأ إلى خَيار تعيين حاكم جديد على رغم كونها حكومة تصريف أعمال؟ هل يقوم مجلس النواب بتعديل قانون النقد والتسليف وتعديل مدة ولاية الحاكمية من 6 سنوات إلى 9؟ وبما أن لا مكان للفراغ في سدة الحاكمية في الدستور ولا في القانون، هل يحل مكانه النائب الأول لحاكم مصرف لبنان؟ وإذا كان الثنائي الشعي لا يريد أن يستلم شيعي محل الماروني في سدّة حاكمية مصرف لبنان، هل يستلم النائب الثاني الدرزي؟ أين سيصبح البنك المركزي؟ في أي اتجاه؟
ويتابع: إذا كان الجواب تعيين حارس قضائي كما يتردّد، فهذه بدعة جديدة. كل تلك الأفكار هدّامة… إذ في ظل أزمة حادة بهذا الشكل نفتّش عمّن يحكم السلطة النقدية!! فبدل أن نحكم الأزمة نفتّش عما إذا هناك مجال لحوكمة مصرف لبنان!! “إنه عمل جنوني.. غير مقبول وغير مسؤول!” يُضيف حمود “لذلك إذا كنا لا نريد التمديد لسعادة الحاكم أو التجديد له، حتماً لا نريد أن تقع سدّة البنك المركزي في الفراغ أو الشغور”.
ويذكّر في السياق، بأنّ “البنك المركزي هو المسؤول الأول عن معالجة أزمة مالية ونقدية بهذا الحجم. وعلى الدولة أن تُدرك أنها لا تستطيع لا من خلال مجلس وزراء ولا وزير ماليّتها ولا عبر اللجنة المقترحة للـ”كابيتال كونترول”، أن تحل محل السلطة النقدية المتمثلة بمصرف لبنان ومجلسه المركزي. وإلا يصبح لبنان من دول العالم المتخلّف يُدير الأوضاع النقدية والمصرفية عبر لجنة وزارية تضمّ أقطاباً من خارج إطار السلطة النقدية بعدما كان لبنان سباقاً لكل الدول المحيطة به، في إنشاء بنك مركزي وإعداد قانون النقد والتسليف في العام 1964 حيث تم إنشاء سلطة نقدية مستقلة.. فهل نستبدلها اليوم بسلطة سياسية عبر تشكيل لجنة كما هو مقترح في قانون الـ”كابيتال كونترول”؟! لن نقبل بذلك، فنحن نتمسّك بالسلطة النقدية وباكتمال حوكمتها وحاكميّتها.
ويُضيف: “إن لم يكن في الإمكان تعيين حاكم جديد وحتى لو كان لا يريد الحاكم الحالي التمديد أو التجديد له، فيجب ألا يبقى مصرف لبنان من دون حاكم صحيح. كما أننا لن نستطيع مواجهة مثل هذه الأزمة ومعالجتها عبر تعيين حاكم موقت مع كامل الاحترام والتقدير لنواب الحاكم كافة… فنحن لن نقبل بذلك إطلاقاً”.
مَن البديل؟
ولم ينكر حمود رداً على سؤال، أن يكون الوضع السياسي هو الغالب في ملف تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، “لكننا نتحدث بلغة تقنية ومهنيّة بحتة.. هناك أزمة حادة يجب أن نواجهها بحوكمة صحيحة بدءاً من البنك المركزي”.
وعما إذا كانت هناك أسماء مطروحة لخلافة سلامة في سدّة الحالكمية، يُجيب: لست على علم بها… فالأسماء السابقة أصبحت طامحة إلى موقع رئاسة الجمهورية، مثل السادة: جهاد أزعور، سمير عساف، وكميل بو سليمان…