أزمة مياه وخوف من الكوليرا.. وابحثوا عن المعقّمات!
كتبت جويل رياشي في “الأنباء” الكويتية:
تشغل الكوليرا بال اللبنانيين من خلفية ازمة شح المياه التي تفاقمت في كافة المناطق جراء انقطاع التيار الكهربائي، واعتماد محطات المياه العائدة للدولة اللبنانية ضخ مياه الشفة والري بواسطة توربينات تعمل على الطاقة الكهربائية.
غياب المياه يدفع بالمواطنين الى شرائها بواسطة صهاريج «تانكر»، لقاء بدلات مالية تصاحب سعر صرف الدولار الاميركي، بسبب ارتباط سعر مادة المازوت بالعملة الخضراء. ولم يسلم اصحاب الصهاريج من اسئلة المستهلكين عن نوعية المياه المنقولة ومصدرها.
اسئلة تلقى ردا واحدا من مالكي الصهاريج: «انتم زبائننا منذ عقدين من الزمن على الاقل، فما الذي تبدل في ظروف تأمين المياه كي تمطرونا بهذا الوابل من الاسئلة؟».
الخوف من وباء الكوليرا دفع بالناس الى التفتيش عن معقمات خاصة لتنقية المياه، واكتشفت الغالبية ان اقراص التعقيم من طراز «سيترنيت» مثلا مفقودة منذ فترة بعيدة من السوبر ماركت والصيدليات بسبب ارتفاع اسعارها.
وكانت الاستعاضة بوضع كميات من الكلور والمنظفات المنزلية «كلوروكس» و«ديتول» في خزانات المياه.
الا ان المشكلة الاساس تبقى في تأمين المياه لمنع انتشار الكوليرا، اذ يؤدي انقطاع المياه المستمر والتقنين في استخدامها الى إتاحة مساحات واسعة لانتشار الكوليرا.
ويفاخر اصحاب الينابيع من الآبار التي حفروها على نفقتهم ومدوا شبكة مياه في عدد من الاحياء في عمشيت وعدد من قرى ساحل قضاء جبيل ومنطقة الجديدة البوشرية السد قضاء المتن الشمالي على سبيل المثال بخطواتهم.
رواد باخوس مالك وشريك في محطة خاصة لضخ المياه في عمشيت، يتولى تغذية منازل عدة بمياه نبعه العذبة والتي يبيع منها غالونات للشرب، وتخضع لفحوص مخبرية دورية، فضلا عن وقوع النبع في منطقة غير مهددة بخطر تسرب مياه الصرف الصحي الى جوفه.
ويشير الشاب الى ارتفاع كلفة استخراج المياه وإيصالها الى المنازل، نظرا الى ارتفاع اسعار المحروقات. ويقول ان خدمته لم تتأثر في اعتى الظروف، من حرب يوليو 2006 الى الانهيار الاقتصادي المالي منذ 2019.
ويطالب كثيرون البلديات المحلية بحفر آبار للمياه وتولي بيع السكان، ما يضمن حل ازمة المياه وجودتها.
لكن الامر غير متاح في مناطق كثيرة، وخصوصا في العاصمة بيروت وضواحيها التي تعتمد على ضخ المياه من المحطات، وقلة نادرة من احيائها تصل اليها المياه من طريق الجاذبية دون الحاجة الى تيار كهربائي يتأمن من كهرباء الدولة او من المولدات الخاصة عبر استهلاك المازوت.
وفي السياق عينه، تركز اهتمام المواطنين على معرفة مصادر المنتوجات الزراعية من خضار وفاكهة، وقد اعطوا الاولوية لشراء المحاصيل من غير تلك المزروعة في البقاع الغربي وسهل عكار، تفاديا لتلوث محتمل من مياه الصرف الصحي التي تصب في مجرى حوض نهر الليطاني في البقاع الغربي من قبل مخيمات النازحين السوريين، وكذلك الامر في القرى الواقعة في سهل عكار حيث تفشى الوباء بشكل كبير وسجلت حالات وفاة عدة.
ورفعت محلات كبرى لبيع الخضار والفاكهة لافتات تشير الى مصدر بضائعها، علما ان النصائح في غسل الخضار والفاكهة بالمعقمات تبقى الضمانة الافضل للوقاية من الكوليرا وبقية الأوبئة.
وباء جديد وخشية كبرى في غياب إمكانية التصدي من قبل السلطات الحكومية اللبنانية والقطاع الخاص جراء ارتفاع الاكلاف التي تشكل المداميك الاساسية للمواجهة.
ومرة جديدة يجد المواطن اللبناني نفسه وحيدا في الميدان، ولا سبيل امامه غير المواجهة باللحم الحي.