قطاعٌ ازدهر “على حساب” المصارف والمُغتربين… وغلاء البنزين!
كتبت جيسيكا حبشي في موقع mtv:
خلقت الأزمة الاقتصاديّة التي تتوالى فصولاً عدوّاً جديداً للبنانيّين هي المصارف، وذلك بالرّغم من أنّ هذا القطاع قد دفع بدوره، ولا يزال، ثمن سياسات خاطئة وفاسدة على مدار سنوات، فصُرف العديد من الموظّفين فيه الى بيوتهم، وأقفلت عشرات الفروع أبوابها في مختلف المناطق.
ولأنّ مصائب قطاعات عند قطاعات أخرى فوائد، ازدهرت في المقابل أعمال شركات تحويل الأموال، فوُلدت شركات جديدة وازدهرت تلك التي كانت قائمة أصلاً واستفادت من وقف التحويلات عبر المصارف ومن الوضع الاقتصادي الرديء لتوسّع سلسلة خدماتها وتفتتح فروعاً جديدة تؤمّن حصول اللبنانيّين والأجانب على تحويلاتهم من الخارج والداخل بالعملات الصّعبة في وقت قياسي ومن دون عائقي السفر والتنقّل المُكلف مع غلاء أسعار المحروقات، فضلاً عن خدمات دفع رسوم معاملات رسميّة، ما أمّن لهذه المؤسسات ربحاً وفيراً، فنمت أعمالها بشكل كبير وزادت أعداد الموظّفين فيها. فهل قامت هذه الشّركات بالفعل بملء الفراغ المصرفي؟ وماذا ينتظر قطاع المصارف في الأفق؟
يُشير الخبير الاقتصادي والمالي وليد أبو سليمان الى “أنّه بعد 17 تشرين الأوّل 2019، بدأ المودعون يفقدون ثقتهم بالقطاع المصرفي بعدما أصبح من الصّعب عليهم الحصول على ودائعهم وصولا الى مصادرتها بالكامل، وتوقّفت التحويلات المالية عبر المصارف وازدهرت في المقابل التحويلات النقدية عبر حقائب المسافرين وشركات تحويل الأموال التي نمت أعمالها مع ازدياد كتلة التحويلات الخارجية الى الدّاخل وقد فاقت الـ6 مليار دولار في الـ2021 وجزء كبير من هذا الرّقم مرّ عبر هذه الشركات التي تحوّلت أيضاً الى مؤسّسات صرافة بعد تعاميم مصرف لبنان”، مضيفاً، في حديث لموقع mtv: “لكنّ هذه الشركات، وعلى الرّغم من أهميتها في هذا الظرف، لا يُمكن أن تحلّ مكان المصارف التي من المفترض أن تقدّم خدمات فتح الحسابات والقروض والتعاملات المالية الالكترونية وعبر البطاقات الائتمانية، ولكن في الفترة الراهنة اقتصرت أعمالها على سحب الأموال وفتح اعتمادات للشركات للاستيراد”.
ولكن ما مصير المصارف؟ سألنا أبو سليمان، فأجاب “القطاع في وضع سيء جدّاً، ونتوقّع إقفال فروع إضافيّة لمصارف، والمطلوب إعادة هيكلة هذا القطاع لأنّ لا اقتصاد من دون مصارف”، مُعتبراً أنّ “الدولة تُكرّس شريعة الغاب في غياب حكم القانون ما وضع المواطن والمصرف وجهاً لوجه في ظاهرة مؤسفة جدّاً نتمنى ألا تطول”.
في غياب المصارف التي أصبحت هياكل بلا روح، لجأ المواطنون الى شركات تحويل الأموال والى “تحويلات الشنطة” للصمود أثناء الأعاصير الاقتصادية المُتتالية، ولكن، كيف يعيش ويصمد من حُجزت أمواله في الداخل ولا من يُرسل له النقود من الخارج؟