أي فائدة للصندوق السيادي للنفط؟
كتبت ليا مفرج في “المركزية”:
بعد وساطة أميركية دامت عامين، توصل لبنان وإسرائيل إلى اتفاق لترسيم حدودهما البحرية، ما سيسمح للدولتين بالتنقيب عن الغاز والنفط في المنطقة المتنازع عليها في المياه الإقليمية… هذا الحدث أعاد إلى الواجهة مشروع قانون صندوق الثروة السيادية، بعد أن كان تم طرحه في المجلس النيابي ووصل إلى اللجان المشتركة حيث تم تشكيل لجنة فرعية للعمل عليه، إلا أنه سرعان ما جمّد بعدها في ظلّ اندلاع ثورة 17 تشرين وتفشي كورونا والتحضير للانتخابات النيابية وغيرها من التطورات… فكيف ينشأ هذا الصندوق قانوناً؟ وهل فائدته في الحفاظ على عائدات الثروة النفطية جدية؟
رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص يوضح لـ”المركزية” أن “أولاً، ينصّ القانون رقم 132/2010 (قانون الموارد البترولية في المياه البحرية) على إنشاء صندوق سيادي تودع فيه العائدات المحصلة من قبل الدولة الناتجة عن الأنشطة البترولية أو الحقوق البترولية، وبالتالي فقد كانت هذه المرّة الأولى التي يعتمد فيها هذا المبدأ في لبنان وذلك في قانون الموارد البترولية الذي أقرّه مجلس النواب عام 2010 وعملت عليه وزارة الطاقة آنذاك ويومها أبدت “JUSTICIA” ملاحظاتها، لم يؤخذ الكثير منها بالحسبان”.
ويتابع “بموجب المادة الثالثة من قانون الموارد البترولية: “يحدّد نظام الصندوق ونظام ادارته الخاصة ووجهة استثمار وتوظيف واستعمال العائدات، بموجب قانون خاص بالاستناد الى مبادئ وأسس واضحة وشفّافة للتوظيف والاستعمال، تحتفظ من خلالها الدولة برأس المال وبجزء من عائداته بمثابة صندوق استثماري للأجيال المقبلة، وتصرف الجزء الآخر وفقاً لمعايير تضمن حقوق الدولة من جهة، بما يجنّب الاقتصاد أية انعكاسات سلبية محتملة على المدى القصير والطويل”، أي أن المبدأ الذي أرساه هذا القانون أن الواردات النفطية الواردة في صندوق الثروة السيادية لا يستهلكها جيل واحد من اللبنانيين ويقوم على تحويل الثروة النفطية إلى ثروة مالية متجددة للحفاظ عليها لخدمة جميع الأجيال اللبنانية الحالية والمستقبلية”.
ويرى مرقص أن “استحداث صندوق للثروة السيادية في لبنان عليه الانطلاق من دراسة جدوى، هدفها تحديد القيمة المرتقبة من ثروته وامتدادها الزمني، وبالأخصّ يجب تحديد مؤهلات وكفايات العناصر البشرية لا سيّما لجهة تعيين مجلس إدارته المشرف عليه بشكل شفّاف يضمن استمراريته. من هنا، المسؤولية المترتبة على استحداث صندوق الثروة السيادية يستدعي تمكينه مهنياً وتقنياً وبشرياً من أجل تحقيق الهدف من ورائه ألا وهو الحفاظ على الثروة النفطية للأجيال المستقبلية”.
ويوضح أن “إنشاء هذا الصندوق يتم بموجب قانون خاص من خلال المجلس النيابي، الذي بدوره يحيله الى اللجان المختصة كالادارة والعدل والمال والموازنة والاشغال والطاقة. بعدئذٍ يحال هذا المشروع الى اللجنة الفرعية التي عند الانتهاء من دراسته ترسله الى اللجان المشتركة والهيئة العامة حيث يقرّ وينشأ الصندوق.
وبما أنّ هناك مشروع قانون فيما يتعلّق بصندوق الثروة السيادي يدرس حالياً لدى لجنة فرعية في مجلس النواب، فالخطوة المقبلة تكمن في أن تقوم اللجنة بوضع ملاحظاتها على مشروع القانون وتعديله وتحيله إما إلى لجنة فرعية أخرى إذا تطلّب الأمر أو إلى الهيئة العامة من أجل إقراره”.
ويلفت مرقص إلى أن “العديد من الدول تستخدم صناديق الثروة السيادية كوسيلة لجني الأرباح لصالح اقتصاد الدولة ومواطنيها حيث تتمثل الوظائف الأساسية لصندوق الثروة السيادية في تحقيق الاستقرار في اقتصاد البلاد، من خلال التنويع وتوليد الثروة للأجيال القادمة. فالعائدات البترولية المودعة في الصندوق تستعمل لتحويل الموارد الطبيعية إلى أصول مالية واستثمارها في توليد مصادر طويلة الأمد لمداخيل الحكومة من أجل الأجيال المستقبلية. إضافةً لذلك، يمكن لهذه العائدات النفطية أن تغطي النقص في الميزانية الناتج عن انخفاض غير متوقع في اسعار النفط أو المعادن العالمية، كما يمكنها أن تخصص لنفقات محددة كالصحة، أو التربية، وجذب استثمارات خارجية الى لبنان مما يساهم في المزيد من التنمية”.
ويختم “لصندوق الثروة السيادي، كما ذكرنا، فوائد متعدّدة، إلا أن خطورته تكمن في أنه يجب أن يدار باستقلالية وشفافية وبعيداً من المحسوبيات السياسية وأن يحقّق الهدف من خلفه وهو الحفاظ على عائدات الثروة النفطية للأجيال المستقبلية في لبنان”.