جلسة الغد الرئاسية: هل ينقلب “السحر على الساحر”؟
جاء في “نداء الوطن”:
من خارج السياق الدرامي ليوميات المشهد اللبناني، اقتحم رئيس مجلس النواب نبيه بري شاشة الأحداث فارضاً إيقاعاً تشويقياً على وقائع الاستحقاق الرئاسي بدعوته المباغتة إلى عقد الجلسة الأولى لانتخاب رئيس جديد للجمهورية غداً الخميس، فلم يمهل الخصم و”حليف الحليف” أكثر من 48 ساعة لترتيب الأوراق والحسابات قبل موعد انعقاد الجلسة، ليكون من جهة سجّل موقفاً متقدماً أمام الداخل والخارج يحاكي التزامه الدستور لسحب يده من “مصيدة الشغور”، وليكون من جهة أخرى قطع الطريق أمام إنفاذ النصوص الدستورية المتصلة بنهاية الولاية الرئاسية بسحبه ورقة “الانعقاد الحكمي” للهيئة العامة في الأيام العشرة الأخيرة من مهلة انتخاب الرئيس.
وأوضحت مصادر واسعة الاطلاع لـ”نداء الوطن” أنه لو لم تأت دعوة رئيس المجلس الأولى لانتخاب رئيس الجمهورية قبل نهاية أيلول الجاري، لكان بإمكان الهيئة العامة التداعي للانعقاد حكماً من دون الحاجة إلى دعوته في العشر الأواخر من تشرين الأول، غير أنّ توجيهه الدعوة الأولى أمس أعاد الكرة إلى ملعبه ليكون له وحده حق توجيه الدعوة إلى انعقاد الهيئة خلال الأيام العشرة الأخيرة من المهلة الدستورية بحسب نصّ المادة 73… وبالتأكيد فإنّ ورقة كهذه لن يتركها برّي تسقط من يده في “اللعبة الرئاسية”.
أما في الحسابات السياسية المتصلة بمجريات جلسة الخميس الرئاسية وتوقعات مسار الأمور فيها، فلا شكّ بأنّ رئيس المجلس ببراعته المشهودة وتمرسّه المعهود في “ألعاب الخفّة” البرلمانية نجح في “ضرب عصفورين بحجر”، ليصيب من ناحية رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل متعمّداً حشره في زاوية الاستحقاق الرئاسي بغية كشف نواياه التعطيلية، وليصيب من ناحية مقابلة إئتلاف قوى المعارضة والتغيير بالإرباك ومحاولة شرذمة صفوفها وضعضعة أرضيتها التوافقية في الوقت القصير الفاصل عن انعقاد الجلسة… غير أنّ المعطيات المتواترة أمس على جبهة المعارضة كشفت عن “اتصالات متسارعة” جرت لتطويق مفاعيل عنصر المباغتة الذي استخدمه رئيس المجلس في الدعوة الرئاسية، فجاءت “نتائجها واعدة ومن شأنها أن تقلب السحر على الساحر في حال استُكملت بنجاح خلال الساعات القليلة المقبلة”.
وفي هذا الإطار، عكست المعلومات أجواء “تفاؤلية جدّية” بإمكان ذهاب تكتلات وكتل القوى المعارضة والتغييرية مع عدد من النواب المستقلين إلى جلسة الغد بمرشح واحد أو اثنين يتمتع كل منهما بالمواصفات الإنقاذية والوطنية المطلوبة لموقع الرئاسة الأولى، وسط مشاورات مكوكية تكثفت طيلة نهار الأمس ومسائه لتحقيق هذه الغاية، لا سيما بين “الجمهورية القوية” و”اللقاء الديمقراطي” و”نواب التغيير” ونواب مستقلين، توصلاً إلى بلورة تصور رئاسي مشترك والتوافق في ما بينهم على اسم مرشح يتمتع بمواصفات غير استفزازية لأي منهم ويحظى برضاهم جميعاً.
وإذ سيشكل إقدام إئتلاف المعارضة والتغييريين والمستقلين على هكذا خطوة إلى الأمام باتجاه جلسة الخميس حرجاً موصوفاً لأركان السلطة من قوى 8 آذار بما يلقي تبعات عرقلة الاستحقاق الرئاسي على كاهل هذه القوى، يُراهن الفريق الآخر في المقابل على إخفاق جهود قوى المعارضة لدفعها إلى المشاركة في لعبة “تطيير نصاب” الجلسة تحت وطأة الخشية من مباغتتها بتأمين “حزب الله” وحلفائه أكثرية بسيطة لتمرير مرشح رئاسي محسوب عليهم، ما سيؤدي بالتالي إلى تحميل التكتلات المعارضة والتغييرية مسؤولية مباشرة عن تعطيل الانتخابات الرئاسية.
وأكدت مصادر نيابية متقاطعة تداعي جميع الكتل البرلمانية اليوم إلى اجتماعات طارئة لتحديد الموقف من جلسة الغد سواءً بالحضور أو المقاطعة، مشيرةً إلى أنّ الجو النيابي العام يميل إلى عدم اتخاذ أي تكتل أو كتلة من القوى الرئيسية قراراً بمقاطعة الجلسة لينحصر النقاش بين “مشاركة رمزية” لا تؤمن النصاب أو “مشاركة كاملة” لتأمينه، في ما عدا كتلة “التحرير والتنمية” التي ستلتزم بطبيعة الحال دعوة رئيسها وستحضر بكامل أعضائها إلى ساحة النجمة.