الضحايا الأصغر للأزمة… ماذا نقول لهم؟
كتبت جيسيكا حبشي في موقع mtv:
في أحدث تقرير لمُنظَّمة اليونيسف عن أطفال لبنان تحت عنوان “طفولة محرومة وأحلام مسلوبة، الأطفال في لبنان فقدوا حتى الثقة في الوالدين”، بيّنت الأرقام والخلاصات عمق الأزمة التي نحن فيها، والتي لم تُغيّر فقط حياة الراشدين في وطننا، وإنّما تسلّلت أيضاً الى نفوس الصّغار البريئة والى قلوبهم الليّنة.
وأبرز ما سلّط عليه الضوء تقرير اليونيسف هو أنّ “الأطفال باتوا يدركون تماماً تأثير الأزمة على حياتهم وتطلّعاتهم وعلى مسار الدولة، وأدى تضافر مختلف أنواع الحرمان وأشكاله، والتعرّض المستمرّ لتأثيرات الأزمة الاقتصادية الشديدة وفقدان الأمل، الى التأثير بقوّة على صحّة الأطفال النفسية”. وأخطر ما ذكره التقرير هو أنّ “الأطفال في لبنان باتوا يشعرون بالإحباط، بعدما فقدوا الثقة في الوالدين لعدم قدرتهما على تلبية احتياجاتهم الأساسيّة، ما يؤدي بدوره الى زيادة التوترات داخل العائلات”.
ويتجلّى كلّ ما توصّل إليه تقرير اليونيسف من خلاصات بشكلٍ واضح لدى الأطفال على شكل كآبة، وحزن، وارتباك، وخوف، وأسئلة يعجز الأهل عن إيجاد أجوبة لها. فماذا نقول لهم؟
تؤكّد الاختصاصيّة في الطبّ النفسي شارلوت خليل أنّه “لا يمكن أنّ نُخفي أيّ معلومة أو خبر عن أولادنا لأنّ كل شيء سيصل إليهم بطريقة أو بأخرى، والإخفاء يُحتّم على الأطفال أن يُحلّلوا الأمور على طريقتهم وربما أن يتصوّروا الأسوأ ما يزيد الخوف والتوتّر لديهم، فضلاً عن أنّ إطلاعهم على تفاصيل ما يحصل وكأنهم راشدون غير جيّد أيضاً”، ناصحة، في حديث لها لموقعmtv، أنّ “نشرح لأطفالنا ما يحصل ولكن بطريقة مبسّطة ومناسبة مع أعمارهم”.
وردّاً على سؤال عن الأعراض النفسيّة التي يجب أن يتنبّه إليها الأهل لدى أولادهم ومتى يجب زيارة الاختصاصي النفسي، تُجيب خليل: “الأزمة الراهنة أثّرت على الكبار والصّغار على حدٍّ سواء، ولكن عندما تستمرّ العوارض لدى الطفل التي تتمثّل بالانعزال والكآبة والاضطرابات السلوكيّة والتعليميّة وحتى اضطرابات في الأكل وغيرها لأسابيع، فعندها يجب مساعدة الطّفل عبر اللجوء الى معالجٍ نفسيّ”.
وتُشدّد خليل في سياق متّصل على أنّ “الوقاية هي خيرٌ من ألف علاج، وتكون عبر الحوار الدّائم بين الوالدين والطّفل والاستماع الى همومه الصّغيرة وما يدور من أفكار في عقله فضلاً عن مشاعره لمحاولة فهمه وتوضيح الأمور له”، مشيرة الى أنّه “هناك حالة شائعة في صفوف الأهل تتمثّل بالشعور بالذنب من عدم تأمين بعض الأمور لأطفالهم كما كان يحصل في السّابق، وهنا، على الأهل أن يركّزوا على هرم الحاجات الأساسية للطفل وألا يشعروا بالعجز إن لم يؤمّنوا بعض الكماليّات، كما يُمكنهم التعويض على أطفالهم بأمورٍ غير مادية، لأن الأهم هو أن يشعر الطّفل بوجود والديه الى جنبه لو مهما تبدّلت الظروف”.
إنّهم أصغر ضحايا الأزمة، جيوشٌ من الأطفال سيحملون معهم رواسب هذه الأيام السوداء الى مُستقبل غامض عسى أن يكون فيه ما يُشفي قلوبهم الصّغيرة…