اخبار بارزةلبنان
في آخر اتّصال قال: المركب يغرق بنا أرجوكم ساعدونا
كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
حكاية مركب الموت عبارة عن حكايات وقصص مليئة بالوجع والألم الذي دفع بهؤلاء الشبان والعائلات إلى ركوب مراكب الموت والهجرة فيها عبر البحر، للتخلّص من الوضع المعيشي الصعب، حيث لا تؤمّن لهم دولتهم الكهرباء والماء والصحة والتعليم وأبسط مقومات الحياة الكريمة.
حكاية علي العكاري هي حكاية من تلك وهو شابٌ من بلدة «وادي الجاموس» – عكار، خرج بمركب الموت مع عائلته المؤلفة من 3 بنات وصبي واحد مع أمهم وجميعهم كانوا مفقودين.
لم تتمكن عائلة علي العكاري التي دخلت أمس إلى مشفى الباسل في مدينة طرطوس من التعرّف إلى جثته واليوم ستحاول ذلك من جديد علّها تجد أي بصيص أمل. شقيق علي حذيفة العكاري قال لـ»نداء الوطن»: «إذا كانت هذه الدولة لا تؤمّن العمل وأبسط مقومات الحياة لشعبها فعلى الأقل لتساعدنا في الكشف عن مصير الجثث ولنستطيع معرفة أهلنا وأحبائنا المفقودين”.
ويتابع حذيفة العكاري القول: «شقيقي علي كان يعمل في تجارة السيارات ومنذ مدة توقف عمله وساء وضعه، ثم جاء موسم المدارس وطلبت منه المدرسة 15 مليون ليرة لتسجيل أولاده لهذا العام وهو لا يملك هذا المبلغ.
أمام هذه الضائقة اتّخذ علي قراره وخرج بالمركب ولم يخبر إلا شقيقه الأكبر. في الساعات الأولى للرحلة كانت الأمور جيدة وكان يرسل لنا تسجيلات صوتية بأنه بخير هو وعائلته. ولكن ما هي إلا ساعات حتى جاء آخر اتصال بواسطة الـ»واتس اب» منه يقول فيه «إن المركب يغرق بنا أرجوكم ساعدونا أرجوكم إفعلوا شيئاً».
من جهته قال المختار محمد العكاري وهو شاهد عيان كان في داخل مستشفى الباسل في طرطوس ليومين متتاليين «إن روائح الجثث كانت لا تطاق وكانت هناك صعوبة كبيرة في التعرف إليها لأنها مشوّهة بدرجة كبيرة، ومنتفخة إلى أبعد الحدود، أما من تعرّف إلى جثة فقد عرفها من خلال الملابس فقط”.
بالمحصّلة تبدو حكاية علي كمن هرب من جهنّم إلى موت آخر، قضى فيه على عائلة بأكملها، وما زالت عائلته الكبرى تائهة بين أكثر من 80 جثة تبحث عنه”.
وعلى معبر العريضة الحدودي شمالاً استمرّ تدفّق الأهالي من لبنانيين وفلسطينيين لليوم الثاني على التوالي، محاولين معرفة مصير أبنائهم.
أبو شادي من مخيم نهر البارد أشار إلى أن هذا اليوم الثاني الذي يدخل فيه إلى الداخل السوري من دون أن يتمكّن من معرفة جثة ولده. أضاف: «لا أدري ماذا أقول بعد كلّ هذه الفاجعة. لقد إنتهت الحياة بنا هنا على الحدود”.