جولة جديدة لصندوق النقد: عودة إلى “النقاط العالقة”
كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:
بدأ صندوق النقد الدولي الذي وصل الى لبنان أمس جولة جديدة من اللقاءات تستمرّ لفترة 3 أيام مع المسؤولين اللبنانيين. وكما بات معلوماً أن وفد الصندوق الذي يرأسه أرنستو راميريز قدم لمناقشة التطورات الأخيرة والمساعدة في تسريع تنفيذ الإجراءات التي تم الاتفاق عليها بموجب اتفاق 22 نيسان على مستوى الموظفين. وهذا الأمر كان متوقعاً قبلاً، ولكن ما هو غير مقبول عودة الصندوق لمتابعة النقاشات مع لبنان في وقت لم تتمكن الحكومة من تحقيق اي من مطالبه، مثل إقرار قانون السرية المصرفية الذي لم يوقّع عليه رئيس الجمهورية ومشروع قانون الموازنة بسبب الإعتراضات النيابية على مضامينها، بالإضافة إلى عدم إقرار خطة التعافي الإقتصادية.
لقاء بعثة صندوق النقد أمس كان مع وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل فعقد اجتماع عمل ضم المدير العام للمالية العامة جورج معراوي ومدير الواردات لؤي الحاج شحادة والخبيرتين كلودين كركي ونسرين علي، وجرى في خلاله البحث في مواضيع التفاوض المرتبطة بوزارة المالية خصوصاً في ما يتعلق بالاطار الكلي وموازنة 2023، التي أوضح الخليل أن الإجتماع تركّز حولها بشكل أساسي، وعلى الفارق بينها وبين موازنة العام 2022، وتم التشديد على مقاربة الأمور بجدية كبيرة خصوصاً وأن دعم الصندوق لدول العالم الثالث أو البلدان المهددة بالفقر انخفض نظراً لانخفاض إمكانياته لدعمها. كما التقى رئيس وفد صندوق النقد رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، وتم عرض لمراحل الحوار القائم بين لبنان والصندوق والتشريعات التي أنجزها المجلس النيابي، فجدد بري “إصرار المجلس على تكثيف عمله لإنجاز ما هو مطلوب منه على صعيد التشريعات الإصلاحية والتعاون مع السلطة التنفيذية في هذا الإطار وحفظ حقوق المودعين”.
ويلتقي وفد صندوق النقد الدولي اليوم كما علمت “نداء الوطن” وفد الهيئات الإقتصادية بعد الظهر للاطلاع على خطتها التي طرحتها منذ أسبوعين والاستماع الى الشروحات والحسابات التي ارتكزت عليها في الخطة. كما يسبق لقاء الهيئات، إجتماع لوفد الصندوق في الثامنة والنصف من صباح اليوم مع وزير الإقتصاد والتجارة أمين سلام.
لكن ما الهدف من زيارة الصندوق طالما أن لبنان لم ينجز أي مطلب؟
عادة عندما يزور وفد صندوق النقد الدولي لبنان ليجري جولة جديدة من النقاشات، يتابع البحث في “النقاط التي كانت عالقة في الجولة السابقة فيرسل بناءً عليها محضراً جديداً بكل ما تحقّق في لبنان لإدارة صندوق النقد في واشنطن”، كما أوضح رئيس لجنة الرقابة السابق على المصارف سمير حمود لـ”نداء الوطن”، ولفت الى أن “أهم النقاط التي كانت عالقة منذ الجولة الأخيرة للصندوق المطالبة بالإصلاحات وإعادة هيكلة المصارف، خصوصاً أن الأزمة المصرفية تتفاقم ويتم اللجوء الى القوة ليحصل اصحاب الحسابات على ودائعهم، علماً أن حلّ هذا الموضوع ليس سهلاً. فضلاً طبعاً عن الإطلاع على حجم ميزان المدفوعات والعجز المالي وتناقص الأموال الأجنبية في مصرف لبنان، وكيفية تطوّرالقطاع المصرفي، وحجم الودائع وإعادة دراسة الأرقام السابقة”.
وعدد حمود النقاط الإيجابية الموجودة في لبنان، حيث “البلد مستمرّ في أداء عمله والودائع والتسليفات تراجعت، مقابل دخول “دولارات جديدة” الى البلاد ولو بخجل. لكن هناك حالة من النكران تعيشها الدولة والمصارف ومصرف لبنان ولن يجدي نفعاً الإستمرار بتلك الوتيرة”، مشدداً على “ضرورة المواجهة الجريئة للمشاكل التي نتخبّط بها، إذ صحيح ان حقوق المودعين مقدّسة وانما يجب معرفة كيفية المحافظة عليها وإعادتها بطريقة واقعية وبالإستناد على أرضية ثابتة”، وذكّر بأن صندوق النقد أكد للحكومة أن “الإتفاق معه يكون لاحقاً وليس سابقاً لإعداد الإصلاحات المطلوبة وإعادة الهيكلة، والبدء بالخطوات التي يمكن للدولة إنجازها ليتمّ على أساسها الشروع في الإصلاحات”.