الأزمة زادت تلوّث المياه… صدأ وجراثيم وأمراض!
كتب كميل بو روفايل في موقع mtv:
أصبحت مياه الشفة أكثر عرضة للتلوّث بعد الأزمة المالية اللبنانية. فالظروف الحالية تحفّز زيادة تلوّث المياه، فهل تقوم مؤسسات المياه والجهات المعنية بدراسة جودة وسلامة مياهنا؟
في هذا الإطار، تقول البروفيسورة المتخصصة بالشأن الصحي – البيئي ماي جردي أنّه “من خلال العودة إلى نقاط الضعف في الشبكة العامة للمياه وكيف يمكن أن يتعرّض الناس للمياه غير الصالحة للاستخدام في المنازل يمكن القول إنّ وضعنا الآن سيئ جدّاً، ومياهنا في الخزانات ملوّثة جرثومياً وكيميائياً”، مشيرةً في حديث لموقع mtv إلى أنّه “بالنسبة الى المياه التي تصل إلى المنازل والتي نسميها مياه الشفة، والتي من المفترض أن نتمكن من شربها وتحضير الطعام منها وغسل الفواكه والخضر واستخدامها للنظافة الشخصية، فالمشاكل في هذه المياه أنّ غالبية مصادرها معرّضة للتلوّث الفيزيائي والجرثومي والكيميائي، ويختلف الوضع وفق كلّ منطقة. ومن مصادر التلوث مثلاً انتهاء مياه الصرف الصحي في الأنهر والينابيع”.
ولأنّ مصادر المياه معرّضة للتلوث نحتاج إلى معالجة المصادر التي نغذي منها الشبكة. وهذه المعالجة يجب أن تكون مكتملة، من المعالجة الفيزيائية وصولاً إلى وضع “كلور” لتطهير المياه كي لا تكون فيها جراثيم، وهذا ما ما يُعرف بالمعالجة الأولية.إلّا أنّه، وفق جردي، في الكثير من الأماكن تكتفي بعض الجهات بضخّ الكلور في مياه الآبار فحسب، وهذا يعني أنّه بالأصل وقبل أن يقع لبنان في أزمته طرق المعالجة غير مكتملة. علماً أنّ التلوث لا يقتصر على التلوث الجرثومي، فالتلوث الكيميائي زاد بدوره. والمفروض أنّ كلّ مصدر مياه له طرق معالجة تناسبه.
وتعتبر جردي أنّ “المشاكل في معالجة المياه زادت بعد الأزمة المالية في لبنان. فالمعالجة أولية ولا تتعدى التلوّث الجرثومي، ويجب أن تكون أوسع من ذلك”، لافتةً إلى أنّه “لو كان ضخّ المياه من خلال الشبكة على مدار الساعة ما كان ليحصل هذا التلوث، لأنّ ضغط المياه موجود كلّ الوقت. فعندما توزّع المياه بالتقنين تزيد نسبة التلوث الجرثومي، فكيف الحال الآن مع انقطاع الكهرباء؟ في بيروت بقيت المياه مقطوعة لمدة شهر، ما أدّى إلى زيادة الأزمة أكثر”.
وفي المعلومات، المناطق التي كانت تعالج مياهها بالكلور وكانت محمية من التلوث الجرثومي، في الوقت الحالي كميات الكلور المتبقية فيها قليلة جدّاً. لأنّ المعالجة غير كافية، وتقنين المياه زاد كثيراً وهناك خلل في الخطوط.
لذلك تشدّد جردي على أنّ “كلّ العناصر التي تحفّز تعرّض المياه للتلوث متوافرة الآن”.
ولا تتوقف المعضلة عند هذا الحدّ، فهناك مشكلة في تنظيف الخزانات للمنازل، وفي نوع الخزان المستخدم والذي يؤدي إلى تلوّث كيميائي في حال كان نوع البلاستيك رديء ولا يتمتع بالمواصفات المطلوبة.
وفي السياق تشرح جردي أنّ “الملوثات الموجودة في المياه لا تؤدي إلى العوارض نفسها لدى الجميع، وهذا يعتمد على مدى دخول هذه المياه إلى جسم الإنسان”، موضحةً أنّه “وإن كان الأفراد لا يستخدون مياه المؤسسات العامة سوى للنظافة الشخصية والغسيل، فإنّ المياه ستدخل إلى أجسامهم لدى غسل أسنانهم ومن خلال البشرة وغسل أطباق الصعام والخضر والفواكه”.
تلمس الأوساط المعنية بملف سلامة المياه الخطر المتزايد يومياً، فعندما انقطعت المياه شهر في بيروت، حصلت الناس على المياه من الآبار، وبات هناك تداخل مع مياه البحر، فأخذت المياه تملح، وباتت المياه التي تصل إلى المنازل فيها صدأ وحديد. لذلك تحذّر جردي: “مياهنا تغيّرت مواصفاتها”.
وضمن ملف تلوّث المياه في لبنان هناك قطاع “السيترنات”، والتي تحصل على المياه من المصادر عينها، والتي تملئ خزاناتها بموادّ أخرى غير المياه، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة التلوث والأمراض.
وتختم جردي حديثها قائلةً: “ما كنّا نطرحه في العام 1992 لا نزال نطرح الآن. فتقنيات المعالجة موجودة، ولكن من ينفّذ؟”.
أنتج هذا التقرير بدعم من “مهارات” وانترنيوز