العراق يجدّد إتفاق الفيول… ووفد في بيروت الأسبوع المقبل
كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
قبل نحو عام تقريباً، وتحديداً منتصف شهر أيلول من العام الماضي، وصلت إلى لبنان أولى شحنات الفيول العراقي، أو بالأحرى تلك الناجمة عن اتفاقية التبادل الموقّعة مع العراق في أواخر تموز من العام نفسه، بعدما فازت شركة «بترول الإمارات الوطنية» بمناقصة الاستبدال التي أجرتها وزارة الطاقة اللبنانية ووافقت عليها السلطات العراقية، والتي تقوم على أساس استبدال حوالى 84 ألف طن من النفط الأسود العراقي بحوالى 30 ألف طن من الفيول الثقيل، وحوالى 33 ألف طن من الغاز، بعد حسم كلفة النقل والتي تسدّد من إجمالي النفط العراقي.
ولكن مع وصول الشحنتين الثانية والثالثة مطلع تشرين الأول وبداية تشرين الثاني، تبيّن أنّه لم يتعدَّ حجم كلّ منهما الـ60 ألف طن، أي أنّ الكمية انخفضت حوالى 20 ألف طنّ، مع العلم أنّ إجمالي الاتفاق يقضي بتوريد مليون طنّ خلال سنة، وقد وزّعت هذه الكمية على 12 شهراً، الأمر الذي أدّى الى رفع الكلفة التي يتكبّدها لبنان كونها مرتبطة بالكمية المنقولة، والتي تُدفع للشركة التي تتولى عملية الاستبدال، وهذه الكلفة تدفع أيضاً من إجمالي الكمية الشهرية المسلّمة، ما أدى الى انخفاض إضافي في إجمالي الكمية المسلّمة إلى مؤسسة كهرباء لبنان.
ولهذا، أعاد يومها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بحث المسألة مع نظيره العراقي مصطفى الكاظمي، للعمل على إعادة تثبيت الكمية التي سبق واتُّفِق عليها، وبالفعل، وعدت السلطات العراقية من جديد بإعادة رفع الكمية لتكون بين 75 و80 ألف طن. ومع اندلاع الحرب في أوكرانيا، وارتفاع سعر النفط عالمياً، ارتفعت كلفة الفيول العراقي خصوصاً أنّ اتفاقية التبادل لها وجهان: الأول هو المدّة الزمنية المحددة بسنة، والثاني هو قيمة النفط المورّد والتي حددت بحوالى 423 مليون دولار مقابل مليون طنّ. ولمّا زادت الكلفة بفعل ارتفاع الأسعار، انخفضت قيمة الكمية المورّدة إلى لبنان بنحو 178 ألف دولار.
وعلى هذا الأساس، تدخّل ميقاتي من جديد لتجديد الاتفاقية خصوصاً أنّ تأمين الكمية المتبقية في ما لو جرى إهمال عنصر ارتفاع الأسعار، كان يحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء العراقي، كما جرى إبلاغ وزارة الطاقة اللبنانية.
ووجّه ميقاتي رسالة خطيّة الى الحكومة العراقية، ومن دون المرور بوزارة الطاقة اللبنانية، تطلب تمديد العقد مع لبنان لتزويده بالفيول لمدة سنة، سلّمها يوم الخامس من آب الماضي إلى سفير العراق في لبنان حيدر البراك، وذلك على أثر اتصالات قادها رئيس حكومة تصريف الأعمال مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بالتوازي مع الخطّ المفتوح بين الأخير وبين مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي زار بغداد في تموز الماضي للبحث مع قيادتها في مسألة تمديد العقد.
وبالفعل، وافقت الحكومة العراقية في اجتماعها أمس على الطلب لتمديد تزويد لبنان بالفيول لزوم مؤسسة كهرباء لبنان لمدة سنة بالشروط نفسها التي كانت متبعة حتى الآن، وفق ما جاء في بيان المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال. ويفترض أن يصل يوم الثلاثاء المقبل وفد عراقي للبحث في إمكانية استكمال السحب للسنة الحالية والتجديد لسنة إضافية ومناقشة طريقة الدفع.
ولكن هل سدّد لبنان مستحقاته؟
وفق العقد الموقّع، يفترض على العراق تأمين النفط للبنان مقابل تقديم لبنان الدعم في مجال الخدمات الطبية والاستشفائية، لا سيما عبر إرسال خبراء لبنانيين وفرق طبية متخصصة للمساعدة في إدارة منشآت طبية جديدة في العراق.
إلى الآن، لم يسدّد لبنان أياً من مستحقاته تجاه العراق، مع أنّ مصرف لبنان فتح حساباً خاصاً بالمبالغ المستحقة عليه كما تؤكد مصادر وزارة الطاقة، مشيرة إلى أنّ الوفد العراقي الذي زار لبنان في شهر آذار الماضي، اطلع من مصرف لبنان على الإجراءات المالية المتخذة بهذا الخصوص والتي يفترض أن تغطي حاجات العراق من لبنان سواء كانت منتجات أو فواتير استشفاء أو خبرات فنيّة. ولهذا ينتظر أن يحدد الوفد الذي سيكون في بيروت مطلع الأسبوع المقبل ماهية الحاجات التي تريدها بغداد مقابل النفط.