إنجازات عالميّة في سنتين… فماذا عن سياسيّي لبنان؟
كتبت ميشيلا رزق في موقع mtv:
الرابع من آب 2020، ذكرى محفورة في أذهان اللبنانيين، قلبت حياتهم رأسًا على عقب. يوم شؤم كلّف لبنان ناسه، وبيوته، واستقراره، وأمنه.
وها هي أيام التحقيق الخمسة تتحوّل إلى ما يقارب السنتين. سنتان بدّلت وجه العالم. فعلى الرغم من الظروف الصعبة التي شهدها العالم على الصعيدين الصحي والاقتصادي، لم يمتنع عن تحقيق أهم الإنجازات التي رفعت البشرية إلى مستوى حياتي جديد ومتطور. إلّا أنّ لبنان، كعادته، جارٍ عكس التيار.
فاللبناني يناضل يوميًا ليحافظ على حياته. يصحو كلّ يوم وكأنّه الأخير. بينما الحياة خارج الأراضي اللبنانية تعدّت حتى حدود الكرة الأرضية إلى كواكب أخرى. فكان أعلن فريق بحثي دولي مشترك عن إمكانية وجود حياة على كوكب الزهرة في أيلول 2020. أمّا على كوكب سياسيينا، فالحياة “مزهّرة”، والشمس شارقة، والأمور بألف خير.
وفي وقت يقبع اللبنانيون في عتمة شاملة، قررت الحكومة الاسبانية استخدام البرتقال في توليد الكهرباء، عبر استخدام غاز الميثان الذي ينبعث من الفاكهة عند تعفنها لتشغيل مولدات الطاقة. أمّا حكومتنا، فلا تأبه لبرتقالنا وخضارنا أو حتى لحومنا، تاركة إياها من دون تبريد ليفترسها العفن.
من جهة أخرى، يتماشى لبنان مع اكتشاف غريب دهش علماء الأحياء، وهو الأول من نوعه. فقد وجدوا أول كائن لا يتنفس، أي أنّه لا يحتاج إلى الأكسجين للبقاء على قيد الحياة، وهو ” الطفيل المائي اللاسع”. واللبنانيون يشتهرون بقدرتهم على الصمود. يصمدون في وجه الظلم، والحرمان، والجوع، والتلوث، والأمراض، والنفايات. فهم يتنشقون السموم ويزفرونها. فحكامنا، حرموا شعبًا كاملًا من رفاهية التنفس.
أمّا أهم اكتشافات العامين الماضيين، فهي بلا منازع الاكتشافات المتعلقة بفيروس كورونا. بدءًا من اللقاحات وصولًا إلى قناع الوجه الإلكتروني. فبعد جائحة كورونا معظمنا اعتاد على ارتداء الأقنعة في المتاجر والأماكن العامة، لكنّ عام 2021 أولد قناعًا مرفقًا بجهاز تعقّب لصحة الرئتين، وذلك عبر تتبع جودة الهواء. أمّا في بلادنا، فعلى المواطن بيع مقتنياته، أو رئة من الرئتين لتتبع صحة الأخرى.
لكنّ هذا الاختراع قد يفيد وزارتي البيئة والصحة اللتين تعملان على تأمين الكمامات بعد أن حذّرتا من احتمال انهيار صوامع القمح في مرفأ بيروت ومن تداعيات هذا الانهيار. وضرورة ارتداء الكمامات في العاصمة، أو حتى إخلاء المنطقة.
مع هذه الاختراعات كلّها، يبقى لبنان متصدرًا. فعلى الرغم من اكتشاف العلماء والمتخصصين لكل هذه الأمور المهمة، إلّأ أنّ سياسيينا اخترعوا، من كوكبهم الخاص، تقويمًا جديدًا لا يزال اللبنانيون ينتظرون فهمه. فخمسة أيام استغرقت سنتين، ولم تنتهِ بعد. والتحقيق في جريمة أودت بحياة أبرياء، وبخسارات مادية ومعنوية هائلة لم يأتِ بنتيجة، إن كان جاريًا! فالعالم في تطوّرٍ دائم، ولبنان إلى الوراء.