رفع الدعم عن الكهرباء واقع… و”التقنين” حتى 2024!
كتب طوني كرم في “نداء الوطن”:
إستقطب الإستثمار في قطاع الطاقة المتجددة إنتباه العديد من اللبنانيين في الآونة الأخيرة، في ظل العجز المتمادي أو المفتعل من قبل المسؤولين للحدّ من الخسائر التي تتكبّدها الحكومة من أجل تشغيل معامل إنتاج الطاقة التابعة لمؤسسة كهرباء لبنان.
وإن كانت السطور لا تكفي للغوص في دهاليز خطط وزراء الطاقة وتبادل اتهامات السياسيين التعطيلية لهذا القطاع، كما الخطط المنشودة لتأمين الطاقة في المدى المنظور، فإن فطرة اللبنانيين المعهودة وقدرتهم على التأقلم مع غياب الدولة وقدرتها على تأمين الخدمات الأساسية دفعتا المقتدرين منهم إلى الإعتماد على الطاقة الكهروضوئية. وبذلك، تخطى لبنان أو القطاع الخاص (الأفراد) التزام الحكومة اللبنانية في عام 2009 بزيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة في البلاد خلال مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المرتبطة بتغير المناخ.
يترافق الطلب المتزايد على اعتماد الطاقة المتجددة مع الإرتفاع المستمر في التسعيرة التي تعتمدها المولدات الخاصة في الأحياء، ليؤكد رئيس المركز اللبناني لحفظ الطاقة المهندس بيار خوري أن نتائج الأزمة التي فرضت نفسها على اللبنانيين منذ 2020 ساهمت في بلورة الأطر التنفيذية لمطالبهم المزمنة الكامنة برفع الدعم عن الطاقة التقليدية من أجل تحفيز المواطنين على اعتماد الطاقة المتجددة.
وعن الخطوات التي يقوم بها المركز اللبناني لحفظ الطاقة بعد أن ساهم في إطلاق مشروع الألواح الشمسية على مجرى نهر بيروت، يشير خوري إلى أن المشروع الذي انطلق في 2013 ونفّذ في 2014 يغذّي محطة التحويل التابعة لكهرباء لبنان على الشبكة الأساسية لها بقدرة إنتاجية تقارب 1 ميغاوات، وهي تغطي حاجة 1000 وحدة سكنية تتولى مؤسسة كهرباء لبنان عملية توزيعها. وعن غياب المركز أو مؤسسة كهرباء لبنان عن القيام بمشاريع مشابهة تحديداً في هذه المرحلة، لفت إلى أن المخطط كان باستحداث مشاريع مشابهة تفي بتأمين 1 ميغاوات سنوياً من أجل تحريك السوق وتشجيع المواطنين على استخدام الطاقة المتجددة، قبل أن تشهد السوق اللبنانية إقبالاً كبيراً تخطى المتوقع بـ15 ضعفاً ما أفقد الحاجة إلى الإستمرار في بناء المشاريع النموذجية، ليصطدم مخطط تطوير المشروع على طول مجرى النهر الساحلي لبيروت لتأمين 8 ميغاوات بالإنهيار المالي والإقتصادي الذي حال دون تسديد المستحقات إلى الشركة المطورة التي رست عليها المناقصة ما أدى إلى توقف العمل في المشروع.
ويرفض خوري ربط توجه اللبنانيين إلى استخدام الطاقة البديلة بالأزمة المستجدة، بعد أن سبق للمركز وسجّل ما يقارب 1300 مشروع بقدرة إنتاج 100 ميغاوات حتى 2020، مشدداً على أن الإتجاه الكبير لاعتماد الطاقة البديلة لا يمكن أن يشكل حلاً على الرغم من جهود القطاع العام والخاص وفورة المواطنين التي لا يمكن أن تتخطى 30 في المئة من إنتاج الطاقة المتجددة بحلول 2030، بقدرة 5000 ميغاوات/ساعة ما يعد رقماً كبيراً للغاية، ليبقى المصدر الأساسي في تغطية الـ70 في المئة المتبقية عبر الإعتماد على الطاقة التقليدية وتشغيل معامل الإنتاج وتطويرها والحدّ من التعديات على الشبكات إلى جانب رفع التعرفة وضبط جباية المستحقات…
وإذ تُجمع الآراء على أن الطاقة المتجددة لا يمكن أن تشكل حلاً بديلاً في ظل فشل الدولة في إنتاج الطاقة التقليدية، يلفت خوري إلى أنه وخلال 10 سنوات تم تركيب 100 ميغاوات طاقة متجددة، وفي2021 تم تركيب 100 ميغاوات إضافية، في حين تشير المعطيات إلى أن هذه السنة 2022 تشهد تركيب 250 ميغاواتاً، مشيراً إلى أن استمرار الأمور على هذا النحو يرفع قدرة اعتماد إنتاج الأفراد لامركزياً للطاقة إلى ما يقارب 1000 ميغاوات بحلول العام 2024، وتنتفي بذلك الحاجة إلى التقنين في حال ترافق هذا الأمر مع الإصلاحات المطلوبات في مؤسسة كهرباء لبنان ووضع معاملها في الخدمة، ليختم قائلاً: «هل تقوم بتدوير معاملها أو لا، بينسرقوا أو لا… هذا نقاش آخر… إنما الأكيد أنه في آخر 2024 تنتفي الحاجة إلى التقنين في لبنان».
وفي سياق متصل، وعلى الرغم من أن التسعيرة الرسمية المعتمدة من قبل مؤسسة كهرباء لبنان لا تتخطى 30 ليرة/الكيلوات ساعة، فإنه عملياً يعد الدعم مرفوعاً في ظل غياب الكهرباء أو توفرها لساعات معدودة في بعض المناطق، واتجاه المواطنين إلى اعتماد المولدات الخاصة التي توفر الكهرباء بكلفة تقارب 15 ألف ليرة / كيلوات ساعة، ما يعدّ رفعاً عملانياً للدعم لترافقه مع رفع الدعم عن المازوت وتسعيره بالعملة الصعبة.