السعودية توقف سياسة “دفتر الشيكات” في لبنان: زمن دفع فواتير “حزب الله” انتهى
نشر موقع “عربي بوست” تقريراً عن تبدّل السياسة السعودية إزاء لبنان، بعد عقود ضخت خلالها مليارات الدولارات من المساعدات لحلفائها. ويقول مراقبون إنّ السعودية تعيد النظر في تحالفاتها القديمة التي صرفت عليها أموالاً طائلة، لا سيما في وقتٍ يواجه فيه سعيها للسيطرة الإقليمية تحدياً متزايداً من منافسيها، إيران وتركيا وقطر.
في تعليقها، تقول ياسمين فاروق، الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إن عدداً من الدول الإقليمية، من الأردن ولبنان إلى مصر وباكستان، بالإضافة إلى الفلسطينيين، كانت على رأس المتلقين للمساعدات السعودية على مدى العقد الماضي.
وتذهب فاروق إلى أن “التأثير الاقتصادي للضربة المزدوجة المتمثلة في جائحة كورونا، إلى جانب الانخفاض الحاد في أسعار النفط، قد يدفع بالمملكة إلى إعادة هيكلة مساعداتها وترشيدها أوجه إنفاقها”.
وتضيف فاروق أن “الدولة السعودية بدأت السعي بالفعل إلى إنهاء التصور السائد عنها على أنها (ماكينة صراف آلي)”.
من جانبه، يقول الكاتب السعودي خالد السليمان، في مقال حديث له بصحيفة عكاظ إن “السعودية لن تستمر في دفع فواتير حزب الله، وعلى اللبنانيين تحمُّل مسؤولياتهم تجاه بلادهم”.
وكتب يقول: “لم يعد ممكناً أن تستمر السعودية في دفع المليارات للبنان صباحاً وتلقي الشتائم على شاشاته ليلاً”.
وأضاف: “هذا الوضع لم يعد يتناسب مع المرحلة الجديدة للسياسة الخارجية السعودية، فالمال السعودي لا يهبط من السماء ولا ينبت في الصحراء”.
من جهة أخرى، تبدو المملكة منزعجة من باكستان، التي أخذت تضغط على حليفها طويل الأمد، الرياض، لاتخاذ موقف حازم من الأزمة في منطقة كشمير المتنازع عليها مع الهند، وتهديدها بنقل القضية إلى منتديات إسلامية أخرى.
وكان مصدر دبلوماسي صرّح لوكالة AFP بأن المملكة طالبت باكستان مؤخراً بردِّ مليار دولار من قرض بقيمة 3 مليارات دولار، رغم أن الأخيرة تعاني ضائقة مالية، كما أن السعودية قررت عدم تجديد تسهيل ائتماني نفطي بمليارات الدولارات، كانت قد اتفقت عليه مع إسلام آباد، بعد انتهاء صلاحيته.
فء قراءته، كتب علي الشهابي، وهو كاتب ومحلل سعودي، على موقع تويتر: “النخب السعودية لديها عادة سيئة تتعلق بأخذ الدعم السعودي على أنه أمر مسلّمٌ به، مستندةً في ذلك إلى ما دأبت السعودية على فعله لباكستان على مدى عقود. حسناً، الحفلة انتهت، وعلى باكستان تقديم التقدير المناسب لهذه العلاقة من جانبها. فالأمر لم يعد وجبة غداء مجانية أو شارعاً يتحرك في اتجاه واحد”.
وعلى النحو نفسه، كتب الأمير السعودي طلال محمد عبدالله الفيصل، إن علاقات الرياض مع باكستان كانت تاريخياً “حميمة للغاية”، غير أنها كانت غير متوازنة. أضاف: “فقد كانت تفيد جانباً واحداً فقط بمقاييس (عالم المصالح الواقعي). هذا الجانب هو باكستان”.
باكستان ومصر، وهما حليفان آخران لطالما تلقيا مساعدات بمليارات الدولارات من السعودية، ومع ذلك فقد رفضتا الدعوات السعودية للمشاركة بقوات برية لدعم الحملة العسكرية التي قادتها السعودية في اليمن ضد الحوثيين المرتبطين بإيران.
ونذكر في هذا الإطار ما قاله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في عام 2018، أثناء استضافته ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في المكتب البيضاوي، وعلّق وقتها رسماً بيانياً يُدرج مبيعات معدات عسكرية للرياض يقدر ثمنها بمليارات الدولارات.
وفي النهاية، يقول مراقبون إن دور الرياض يواجه تحديات متزايدة من منافسيها.
وتقول ياسمين فاروق، من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إن السعوديين يتفاقم استياؤهم مما يرون أنه “نكران للجميل” من حلفائهم.
وأضافت فاروق أن الدول التي لطالما استفادت من الهبات السعودية، ومنها الأردن ولبنان والفلسطينيون، “بدأت بالفعل تشهد حالات جمّدت السعودية فيها المساعدات أو قلّصتها أو قطعتها على نحو تام”.
lebanon 24