الدواء والقمح على طاولة مجلس الوزراء
أكد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي “أنه لا يمكن وضع لبنان على سكة التعافي من دون اقرار أربعة ملفات أساسية هي الموازنة العامة وقانون “الكابيتال كونترول” وموضوع السرية المصرفية وإعادة هيكلة المصارف”، مشدداُ على “أن هذه الملفات الاربعة هي من الأمور التي يطلبها صندوق النقد الدولي”. وشدد على “أن المعارضة التي نسمعها في ملف “الكابيتال كونترول”أهدافها شعبوية قبل الانتخابات، ولكنها ستتسبب بالمزيد من المشكلات”.
وكان رئيس مجلس الوزراء رأس صباحاً جلسة لمجلس الوزراء تلا في نهايتها وزير الاعلام زياد مكاري المقررات الرسمية وقال “عقد مجلس الوزراء جلسة قبل ظهر اليوم في السراي الحكومي برئاسة دولة رئيس مجلس الوزراء وحضور الوزراء الذين غاب منهم الوزراء السادة: سعادة الشامي، وليد نصار ومحمد المرتضى.
في مستهل الجلسة تحدث رئيس مجلس الوزراء عما دار في مجلس النواب بالأمس. وقال: “إن الدمج بين”الكابيتال كونترول” وضمان الودائع أمر خاطئ. فالكابيتال كونترول لا يتحدث عن حجم الودائع ولا عن ضمانها، وكان يفترض أن يقر هذا القانون في اليوم التالي لبدء الأزمة المالية في لبنان،ولكن التأخير في البت به مستمر،واذا كنا سنقدّم خطة للتعافي الاقتصادي ونقول للناس إننا سنعيد اليها أموالها،فمن المفترض اتخاذ اجراء لفترة معينة لكي تبقى هذه الأموال في لبنان ومراقبة التحويلات الى الخارج أمر أساسي في هذا الموضوع. أما المعارضة التي نسمعها في هذا الملف اهدافها شعبوية قبل الانتخابات، ولكنها ستتسبب بالمزيد من المشكلات”.
وقال: “من الأمور التي يطلبها صندوق النقد الدولي هي اقرار الموازنة العامة وقد ارسلناها الى مجلس النواب، واقرار قانون الكابيتال كونترول وموضوع السرية المصرفية اضافة الى موضوع اعادة هيكلة المصارف، والملف الأخير لا يزال لدينا وقت لانجازه ومن ضمن بنوده الموضوع المالي الأساسي،لا يمكن وضع الامور على سكة التعافي من دون اقرار هذه الملفات الاربعة في مجلس النواب بشفافية مطلقة. في المرة الماضية عرضنا في مجلس الوزراء خطة التعافي الاقتصادي والمال، ولكنها لم تقر،لأننا في انتظار الاستماع الى الملاحظات والأراء. قد تكون هناك ملاحظات واعتراضات وانتقادات ولكن الخطة لن تصبح نهائية الا بعد احالتها بموجب مشاريع قوانين على مجلس النواب.تحدثت مع دولة رئيس مجلس النواب وتمنيت أن يصار الى عقد ورشة لمناقشة موضوع التعديلات على قوانين السرية المصرفية التي اقريناها في مجلس الوزراء، وهذا ما سيحصل”.
وقال: “الضجة التي أثيرت بمعظمها لها اهداف انتخابية، ونحن متمسكون بعملية الانقاذ ومنفتحون على كل الملاحظات بشأن خطة التعافي وقد ارسلتها بالأمس الى مجلس النواب للاطلاع فقط، كونها لم تقر بعد في مجلس الوزراء بانتظار استكمال تلقي الملاحظات لوضع الصيغة النهائية لكي تكون الخطة موضع إجماع لبناني. لقد حققنا انجازا في موضوع الاتفاق الأولي مع صندوق النقد الدولي، وكل من لديه خيارات أخرى فليتقدم”.
أضاف: “في ملف الانتخابات عقدت بالأمس اجتماعا مع معالي وزيري الداخلية والخارجية، وكل التحضيرات تسير في الاطار الصحيح. سمعنا بعض الملاحظات في ملف انتخاب المغتربين في الخارج، ومعالي وزير الخارجية الذي يقوم بتحقيقاته في الموضوع، تبين له حتى الآن، ان ما يجري يراعي القوانين والتعاميم. قد تكون هناك بعض الشوائب والعشوائية خاصة في مدينة سيدني الاسترالية، ولكن المسؤولية عنها لا تعود للدولة اللبنانية ، وعلى الرغم من ذلك نحن ندرس امكانية وسبل معالجتها .اتمنى على معالي وزير الداخلية المتابعة مع هيئة الاشراف على الانتخابات للتحقيق في حصول تجاوزات او رشاوى انتخابية واي انفاق اعلاني يتجاوز الحد المسموح به قانونا”.
وقال: “نتمنى ان يبقى الخطاب السياسي والإنتخابي ، خطاباً عقلانياً ، وأن تكون الانتخابات ، موسماً ديمقراطياً دستورياً لتنشيط وتجديد الحياة البرلمانية”.
وتطرق دولته الى الملف الصحي فقال: “لفت نظري تقرير اليونيسف عن موضوع زيادة نسبة الوفيات بين الاطفال والحوامل وسوء التغذية، وأدعو معالي وزير الصحة الى متابعة هذا الملف الذي يوازي باهميته الأمن الغذائي وتأمين الطلوب والتأكد أيضا من التشدد في ملف تلقيح الاطفال.
وتناول موضوع ارتفاع نسبة الجرائم، وقال ان قوى الامن تتابع هذا الملف بكل جدية،ولو ان ظروف التحقيقات تقتضي احيانا التكتم على بعض المعطيات.
وفي الختام دان رئيس الحكومة بقوة انتهاك قوات الاحتلال حرمة المسجد الأقصى والمصلين فيه والسعي الى تغيير وجه القدس العربي وفرض أمر واقع بقوة السلاح والغطرسة.
بعد ذلك بدأ مجلس الوزراء مناقشة جدول الاعمال وسيتحدث الوزراء المعنيون ابرز ما تقرر في هذا الصدد.
وتحدث وزير الصحة فراس الابيض وقال: “استعرصنا اليوم في الجلسة بعض الأمور المهمة ومنها اولا موضوع الدواء، فنحن نعاني من أزمة فقدان بعض الأدوية المهمة وخصوصا أدوية الأمراض السرطانية والمستعصية التي تفاقمت في الفترة الأخيرة، وعرضت خلال الجلسة للأسباب التي ادت الى ذلك، والسبب الرئيسي هو الانتقال بعملية تمويل استيراد هذه الأدوية من قبل مصرف لبنان الى الطريقة جديدة مع استعمال حقوق السحب الخاصة. لقد تمت إعادة تنظيم هذه الآلية التي عرضناها أثناء الجلسة، واتوقع ان تؤدي الموافقات التي ستعطى الى اعادة سير عجلة الاستيراد بسرعة وبطريقة منتظمة، فتعود هذه الأدوية الى السوق قريباً”.
اما الموضوع الثاني، فهو تنظيم الهبة التي وردتنا من دولة قطر لمد المستشفيات الحكومية بالوقود، وعرضنا خلال الجلسة للألية التي ستتبع بالتعاون مع وزارة الطاقة ومصلحة المنشأت فيها.أما الموضوع الثالث، فيتعلق بالعاملين في المستشفيات الحكومية، وموضوع المساعدة الإجتماعية التي أقرت لهم في مجلس الوزراء، ولقد قام مجلس الوزراء مشكورا بتحويل مبلغ 14مليار ليرة لبنانية من احتياط الموازنة لموازنة وزارة الصحة لصرفها للمستشفيات الحكومية، ونأمل ان تدفع للعاملين قريباً.
وأخيراً، تحدثنا عن التوجيه من قبل دولة الرئيس لموضوع اللقاحات عند الأطفال وارتفاع عدد الوفيات عند النساء الحوامل وهذا الموضوع سيشكل يوم الثلاثاء المقبل محور يوم عمل في وزارة الصحة حيث سنعقد مؤتمرا صحافيا سنطلق فيه المبادرات التي اعدتها الوزارة للتعامل مع هذا الموضوع.
وتحدث وزير الاقتصاد أمين سلام فقال: “قدمت شرحاً عاماً عن وضع القمح اليوم في البلد والمخزون الموجود والخطوات التالية التي سنقوم بها، فمنذ شهر ونصف الشهر أعلنّا من هذا المنبر ان لدينا كميات من القمح تكفي لمدة تتراوح بين شهر ونصف الشهر وشهرين، وان لا قرار متخذا لرفع الدعم، والعمل جاري لتامين المواد من دون اي انقطاع، وبعد مرور هذه المدة فان كل المعطيات التي صرحت عنها كانت دقيقة، فالقمح لا يزال متوافرا وكل الخطوات التي تحدثنا عنها نسير بها خطوة وراء خطوة.
وقال: “الاسبوع الماضي حصلت ازمة ولكن كان لها طابع استثنائي وليس لان المواد لم تكن متوفرة او ان الكميات لم تكن دخلت الى البلد، بل لانه كان هناك إغلاق لبعض المطاحن الكبيرة بسبب متابعة قضائية لنتائج التحاليل والفحوصات، وبالتوازي كان هناك تأخير من مصرف لبنان بفتح الاعتمادات مما ادى الى تأخير في توزيع الطحين، واستغلت الأزمة وسوّقت حتى اليوم وتستعمل كورقة انتخابية، ولذلك اتمنى على الجميع عدم استغلال موضوع القمح ولقمة الناس بشعارات شعبوية وربطها بالانتخابات وبغير ذلك من الأمور”.
أضاف: “اطلعنا مجلس الوزراء على كميات القمح المدعومة الموجودة في لبنان، حيث لدينا كميات مدعومة من اخر دفعة حصلت في الأسبوع الفائت وهي بقيمة 15 مليون و399 الف دولار اميركي وقد غطت تقريبا ما بين 30 و35 الف طن موجودين حاليا ويتم استعمالهم وهم يغطون حاجة السوق الاساسية ، كما لدينا 40 الف طن حاليا موجودين في البلد وتأكدنا بوصولها من خلال المطاحن والمستوردين، والاعتماد موجود لديهم ونحن نعمل حاليا مع مصرف لبنان لفتح هذا الاعتماد مما يسمح لنا بالتغطية لمدة شهرين بدءأ من اليوم”.
وتابع: أما بالنسبة الى الاتفاق الذي يتم العمل عليه مع البنك الدولي فهو يهدف اولا الى الحرص على عدم التلاعب او وقوع ربطة الخبز في التجاذبات السياسية او تأخير الدفع من مصرف لبنان. هناك برنامج مع البنك الدولي اليوم يرصد 150مليون دولار للقمح، منها 15 مليون دولار على شكل بشكل والمبلغ الاخر هو بشكل قرض موجود للبنان، وقد حولناه الى الامن الغذائي،لأن الموضوع هو اساسي عالميا ولبنان من الدول الذي ليس لديه مخزون احتياطي، وبالتالي نحن بحاجة لتأمين شبكة أمان للأشهر الستة او التسعة المقبلة،كي لا يكون هناك اي تغييّر او بلبلة بالنسبة الى موضوع الخبز.
أضاف: المهم أنه ليس هناك من قرار متخذ في موضوع رفع الدعم عن الخبز، رغم انني ومنذ تشكيل الحكومة ،اسمع بعض الافران والمطاحن تعلن عبر الاعلام أن ربطة الخبز ستصبح بسعر 30 الف ليرة، واؤكد اننا حريصون على الحفاظ على سعر ربطة الخبز وان لا قرار برفع الدعم، بل هناك قرار بالتشدد في الرقابة والمتابعة من خلال وزارة الاقتصاد ووزارة المالية عبر الجمارك. سمعنا رئيس الحكومة الأسبوع الماضي يقول ان هناك كميات من الطحين تهرّب، وهذا موضوع امني مرتبط بالحدود والمشاكل التي تعنى بالتهريب وتتم معالجته من خلال الملاحقات ووعي من الاجهزة الامنية لنقاط الخلل.
وختم: المفاوضات مع البنك الدولي انتهت رسميا امس وستحال على مجلس ادارة البنك لأخذ جواب سريع جدا بالموافقة بالنسبة لدعم لبنان، وعندها يتم احالته الى المجلس النيابي لإقراره، ومنذ الان وحتى ذلك الوقت ولحين بدء البنك الدولي بالدفع، ستسمر الامور على ما هي عليه مع الدولة اللبنانية ومع مصرف لبنان، فالتركيز الأكبر هو على التشدد والمراقبة والتحكم اكثر بالكميات التي يتم استيرادها وكيفية توزيعها والاستفادة منها، لان الهدف الاول والاخير هو التركيز على ربطة الخبز لكي لا يكون هناك انقطاع لها.
وقالت الوزيرة رياشي: “لقد اقر مجلس الوزراء اليوم “الاستراتيجية الوطنية للتحوّل الرقمي”، وهي نتيجة عمل تراكمي وتشاركي، لان العمل بوضع إستراتيجية التحول الرقمي في لبنان بدأ منذ اكثر من عقدين، وجميع الوزراء الذين تناوبوا على وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية كان همهم الوصول الى نتيجة في هذا الموضوع، وهي عمل تشاركي لان كل اطياف المجتمع اللبناني شاركت باعداد هذه الاستراتيجية،ونحن اكملنا العمل بها لكي تصبح مطابقة لوضعنا الحالي.
اليوم اقرينا هذه الإستراتيجية ونكون بذلك قد وضعنا المدماك الأساسي للوصول بلبنان الى الدولة الحديثة والعادلة التي نتمناها جميعا. أما الخطوات التالية فهي كيفية تطبيقها، والطريق ستكون طويلة لانها تمتد على عشر سنوات، ونأمل ان تتحسن الخدمات للمواطن بإقرارها وأن نلبي تطلعاته وتتعزز ثقته وعلاقته بالدولة. هذه الاستراتيجية هي الممر الالزامي لمكافحة الفساد والشفافية وهي تصب في خانة اساسية من ضمن خطة التعافي التي، عندما يصبح هناك اجماع عليها ويتم اقرارها، نكون قد وضعنا اولى الخطوات للخروج من هذا الوضع الذي نعيشه.
وكان وزير الطاقة وليد فياض سئل في دردشة مع الاعلاميين عما ذُكر عن رفض البنك الدولي تمويل عقود استجرار الغاز والكهرباء وأنه يدرس الجدوى السياسية للمشروع، فأجاب “هذا ما سمعناه والعبرة في النتائج”.
أضاف: “ان العقد مع الاردن قد ابرم سابقا لكنه يحتاج الى تصديق من مجلس الوزراء. التعاقد تم وقمنا بواجبنا، لكن التأخير في التمويل والموضوع لم يرفض كما يقال”.
وتابع: “لا اعرف ما معنى “الجدوى السياسية” التي يتحدثون عنها والتي هي حجة لهذا التأخير، وانا على تواصل مستمر مع ادارة البنك الدولي ومع السفير الاميركية دوروثي شيا والسفيرة الفرنسية آن غريو ومع إدارة البنك الدولي في المنطقة، والكرة الآن في ملعب الإدارة الأميركية والبنك الدولي لكي يدخلونا معهم في مرحلة المفاوضات الرسمية التي هي مرحلة اساسية للتمويل”.
وإذ اعلن انه لم يتبلغ رسميا من البنك الدولي أن هناك تأخيراً”، قال: “لقد عقد اجتماع يوم الجمعة الماضية ولم يسفر عن النتيجة الإيجابية المتوقعة، ونسمع مثلما تسمعون أنهم ما زالوا يدرسون الجدوى السياسية للمشروع”.
وفي النشاط إستقبل رئيس مجلس الوزراء سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري ظهر اليوم في السراي الحكومي وجرى عرض للعلاقات الثنائية بين لبنان والمملكة.
كما اجتمع رئيس الحكومة مع وزير الصحة فراس ابيض ثم وزير المهجرين عصام شرف الدين.
وإستقبل رئيس الحكومة رئيس “التجمع الوطني للمستقلين” منيب المصري الذي اشاد بدور لبنان ودعمه المستمر للقضية الفلسطينية ولصمود الشعب الفلسطيني.وعّبر عن تضامنه الكامل ودعمه للبنان وجهود الحكومة في مواجهة التحديات المتصاعدة، مؤكدا بأن لبنان سيتجاوز هذه التحديات ويخرج من ازمته اكثر قوة.
واطلع المصري الرئيس ميقاتي “على آخر التطورات في فلسطين وتواصل الاعتداءات الهمجية الإسرائيلية على ابناء الشعب الفلسطيني وعلى المقاسات الاسلامية والمسيحية في القدس”.وتمنى ان تكون القمة العربية المزمع عقدها في الجزائر قمة إنهاء الانقسام الفلسطيني والانقسامات العربية وتعزيز العمل العربي المشترك، واتخاذ قرارات تتناسب مع مستوى التحديات والمؤامرات التي تواجه الأمة العربية.