السعودية والإمارات.. المنافسة “بدأت للتو”
لم يشكّل اندلاع الخلاف السعودي-الإماراتي على خلفية مستويات إنتاج النفط ضمن تحالف “أوبك” قبل شهر “البروزَ الأوّل للتوترات بين البلديْن الجاريْن والحليفيْن القديميْن”، بل يرجح خبراء يراقبون المنطقة منذ فترة طويلة أنّه “لن يكون الأخير”، بحسب تقرير نشرته قناة “CNBC” الأميركية.
عبدالخالق عبدالله، وهو أستاذ العلوم السياسية في الإمارات، يقرأ ما يحصل بين السعودية والإمارات، قائلاً إنّ البلديْن يمثلان الاقتصاديْن الأكبر في العالم العربي. ويضيف عبدالله: “ونظراً إلى أنّ السعودية تريد إصلاح اقتصادها والخصخصة وغيرها، فلا من بد من حصول منافسة بينهما”. ويتابع عبدالله: “أعتقد أنّ المنافسة بين أكبر اقتصاديْن عربييْن بدأت للتو”، قائلاً: “ومن المؤكد أنّها ستشتد في الأيام المقبلة”.
بيد أنّ التحالف الاستراتيجي بين الرياض وأبو ظبي يتجلى في جوانب عدة، يلفت تقرير “CNBC” إلى أنّ المصالح المتضاربة برزت في الأشهر الأخيرة التي سبقت خلاف “أوبك”. وفي هذا الصدد، تذكّر القناة بقرار السعودية في شباط وقف التعامل مع الشركات العالمية التي لا تتخذ من أراضي السعودية مقراً لها بحلول العام 2024، وآنذاك اعتُبرت الخطوة بمثابة استهداف لدبي. كذلك، تتوقف القناة عند تطبيع الإمارات بصفتها أول دولة خليجية مع إسرائيل من جهة، وسعي السعودية إلى التقارب المبدئي مع تركيا المتوترة علاقتها مع أبو ظبي من جهة ثانية. ويُضاف إلى هذه الملفات تباين مصالح البلديْن في اليمن.
توازياً، تذكّر القناة بقرار السعودية في أوائل تموز تعديل قواعدها بشأن الواردات من دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى لاستبعاد البضائع المصنوعة في المناطق الحرة أو استخدام المدخلات الإسرائيلية من الامتيازات التعريفية التفضيلية، في خطوة اعتبرت تحدياً لمكانة الإمارات كمركز للتجارة والأعمال في المنطقة. إشارة إلى أنّ الإمارات تُعد ثاني أكبر شريك تجاري للسعودية بعد الصين لجهة قيمة الواردات.
وتعليقاً على هذه التطورات، يقول أمير خان، الخبير الاقتصادي البارز في مصرف السعودي الوطني: “قضت الفكرة في السابق بإنشاء سوق خليجية، لكننا نشهد الآن إدراكاً أنّ أولويات السعودية والإمارات شديدة الاختلاف”.
وعلى الرغم من التوصل إلى اتفاق بين السعودية والإمارات في منتصف تموز الفائت، يستبعد خبراء أن تنتهي المنافسة الاقتصادية المتزامنة مع تذبذب عائدات الدول المنتجة للنفط بشدة. وفي هذا الإطار، يلفت توبياس بورك المحلل في معهد الخدمات الملكية المتحدة في لندن والمتخصص بالشؤون الخليجية إلى أنّه يتعيّن على الدول إيجاد طريقة للتعافي اقتصادياً بالتزامن مع الخروج من فترة جائحة فيروس كورونا. ويحذّر بورك من أنّ الوضع مختلف بالنسبة إلى أبو ظبي والرياض “بشكل خاص”، موضحاً أنّه متفاقم نظراً إلى مواجهتهما ضغوطاً لتحويل اقتصادهما ووقف الاعتماد على النفط. ويستبعد بورك أن يقيم الطرفان اعتباراً للصداقة، قائلاً: “عندما تتعلق الأمور بالشؤون الاقتصادية، تنتهي الصداقة في مرحلة ما وتصبح الأمور متعلقة بالالتفات إلى النفس”.
بالعودة إلى عبدالله، فإنّه يحذر من خروج المنافسة عن السيطرة، قائلاً: “ما زلنا في الدقائق الخمسة الأولى من المنافسة. لا نعرف كيف ستتطور- ويمكن أن تترك تأثيراً ما على المسائل الاقتصادية التي تربط البلديْن ببعضهما البعض”.
lebanon24