عرب وعالم

الانسحاب الأميركي من أفغانستان .. هل يتكرر السيناريو في سوريا؟

أثار الانسحاب الأميركي من أفغانستان، القلق العميق في المناطق الكردية والشمالية الشرقية من سوريا، التي تديرها الإدارة الذاتية من أن يتكرر السيناريو ذاته في هذه المناطق، لا سيما بعد عملية “نبع السلام” التركية التي تمت بضوء أخضر أميركي.
وفي هذا الصدد قال ألكسندر لافرنتييف، المبعوث الخاص للرئيس الروسي لسوريا: “الولايات المتحدة يمكن أن تتخذ قرارا في سحب قواتها من سوريا بصورة مفاجئة كما فعلت في أفغانستان، وهذا الأمر يعد إشارة واضحة للأكراد، الذين نبقى على تواصل وثيق معهم ونحملهم على تنظيم الحوار مع دمشق، إنها إشارة واضحة على أن هذا الحوار ليس ضروريا فحسب، وإنما يجب إنهاء هذا الحوار بالتوصل إلى حل وسط والخروج باتفاقات محددة مع الطرف السوري”.
وتعليقا على الموقف الروسي يقول مصدر سياسي رفيع في أحد الأحزاب الكردية السورية: “القلق البالغ من انسحاب أميركي في أي لحظة هو قلق واسع هنا في المناطق الكردية من سوريا، وهو مشروع ومنتشر بين الناس بشكل عام وليس فقط في الأوساط السياسية، لكن الادارة الذاتية التي وضعت بيضها كله في سلة واشنطن تحاول ايهام نفسها بأن الوجود الأميركي سيكون طويل الأمد، في حين أن المعطيات والسوابق تشير للعكس”.

ويضيف: “ثمة بصراحة اعتبارات سلطوية ومصلحية اقتصادية تدفع الادارة للجري خلف سراب الدعم الأميركي الأبدي، خاصة فيما يتعلق ببيع النفط، لكن المصلحة الفعلية والبعيدة المدى للأكراد في سوريا تكمن في محاولة التوصل لاتفاق مع دمشق، خاصة وأن الوسيط الروسي يؤكد دوما استعداده لرعاية الحوار بين دمشق والأكراد”.

ويتابع المصدر: “النظام باق رغم رفضنا له ويتمتع بشرعية دولية، وهو الآن يسيطر على نحو 70 في المئة من البلاد، وجماعات المعارضة السورية متشرذمة وهزيلة كما تعلمون، وهي تحولت لمجموعات تديرها استخبارات عواصم إقليمية”، مضيفاً: “ولهذا فمن الحكمة السياسية أن يتواصل الأكراد مع دمشق ويعملوا على حل قضيتهم هناك”.

من جهته يرى الكاتب المتخصص في الشؤون السورية سرتيب جوهر: “أن هذه التصريحات الروسية في محلها وواقعية تماما فعلى أكراد سوريا بالفعل الاتعاظ من الدرس الأفغاني”.

ويردف جوهر: “ومع الأسف يبدو واضحا تماما أن سياسة واشنطن الخارجية الآن، لم تختلف عنها في عهد (الرئيس دونالد) ترامب وهذا الانسحاب الأميركي من أفغانستان خير دليل وهو ما يقلق أكراد سوريا، وحتى في كردستان العراق يجب أن يكون هناك قلق من جراء ذلك”.

ويتابع: “تكرار سيناريو “غزو نبع السلام”- بحسب وصفه- في المناطق الحالية التي تسيطر عليها قوات قسد خاصة المحاذية للحدود مع تركيا والقريبة منها، هو أمر منطقي ووارد جدا، وأعتقد أن على الجانب الكردي تلقف هذه المبادرة الروسية الجديدة على لسان مبعوث موسكو لسوريا، والذي أشار صراحة لحل وسط بين الحكومة السورية والجانب الكردي، وهذا يعني أنه يفترض أن تكون هناك ضغوط روسية ودفع نحو تسوية وتنازلات من الطرفين، لبلورة اتفاق شامل يفضي لحل دائم، فعلى موسكو الضغط على دمشق أيضا كي تتخلى عن العقلية المركزية والشوفينية في التعاطي مع قضايا التعدد والتنوع القومي والإثني في البلاد، وليس فقط الاكتفاء بوضع اللوم على الطرف الكردي”.

ويعتقد مراقبون للمشهد أن روسيا هي اللاعب الأبقى في سوريا، لجملة عوامل تاريخية وجغرافية وثقافية، وأن السياسة الأميركية في سوريا متخبطة وغير واضحة المعالم والبوصلة، ما يحتم على قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية، البحث عن حلول وتوافقات مع الحكومة السورية.

وهم لا يخفون خيبة أملهم من أن تكون إدارة بايدن مختلفة عن إدارة ترامب في ملف السياسات الخارجية خاصة، وأن التردد والارتباك لا زالا هما سيد الموقف لدى واضعي سياسة واشنطن في سوريا.

alarabiya.

مقالات ذات صلة