الكويت بعد رحيل أميرها… “تغيير جذري” في الأفق؟!
بعد إعلان الديوان الأميري في الكويت وفاة أمير البلاد صباح الأحمد الجابر الصباح عن 91 عاما، يترقب الرأي العام العربي مواقف الكويت في ظل حكم الأمير الجديد نواف الأحمد الصباح، وما إذا كان سيواصل السير على نهج التوازن وعدم الدخول في خلافات خارجية.
وشغل الأمير الراحل وزارة الخارجية لما يقرب من أربعين عاما، الأمر الذي دفع للتساؤل حول ما إذا كانت سياسة الكويت الخارجية ستتأثر بغياب من مسك زمام أمورها لأربعة عقود مضت.
سياسة ثابتة
وأكد الكاتب والمحلل السياسي الكويتي داهم القحطاني أن سياسة الكويت الخارجية ثابتة طوال عقود، حيث كانت وستبقى وسطية ومتوازنة.
وأشار في حديث لـ”عربي21″ إلى أن إستمرار هذه السياسة يعود لاعتمادها على ركائز ثابتة قاومت ضغوطا كثيرة على مدار العقود الماضية، وأهمها الانحياز للقومية العربية دون تعصب، والقيام ببناء الإنسان وطرح القضايا التنموية والابتعاد عن القضايا الخلافية”.
وأوضح أن “سياسة دولة الكويت الخارجية متوازنة وهي تتبنى نهج محاربة الأزمات والبحث عن النقاط المشتركة، ولذلك عُرفت هذه السياسة بدبلوماسية الوساطة، وهذا النهج يعبر عن دولة الكويت ككل”.
ولفت إلى أن الكويت دولة مؤسسات دستورية، ولهذا فإن السياسة الخارجية لا تتحدد بحسب توجه شخص معين، وإنما تعبر عن الرأي العام الكويتي أولا، وثانيا اتجاهات الحكم في الكويت والتي تتناغم مع الشارع الكويتي، وكلا الاتجاهين الرسمي والشعبي يتبنيان نهج القومية العربية والانحياز لها دون تعصب”.
لا تغيير جذريا
من جهته يرى مدير مركز دراسات الخليج في قطر، محجوب الزويري، أن “السياسة الخارجية لدولة الكويت ستبقى ثابتة، مع ضرورة عدم استباق الأحداث والانتظار لفترة أطول حتى تنجلي الأمور أكثر”.
وعبر الزويري في حديث لـ”عربي21″، عن اعتقاده بأن الكويت ستسير في سياستها الخارجية بنفس الطريقة، وستكون حذرة في أي تغيرات يمكن أن تحصل، وبالتأكيد مع الظرف الجديد تحتاج الأمور لوقت حتى نرى المشهد كاملا ونفهمها جيدا”.
وأضاف: “بالتالي لن يكون هناك أي تغيير جذري وحتى إن كان سيحدث تغيير مستقبلي فسيأخذ وقتا طويلا… بالمحصلة نعم الأشخاص لهم دور ولكن أي تغيير يمكن أن يحدث لن يبتعد عن المبادئ الأساسية التي تلتزم بها دولة الكويت”.
وأشار إلى أن “وجود الحياة البرلمانية والمؤسسات في الكويت كما أنه ساهم في عملية الانتقال السياسي الحالية، فإنه سيساهم في عملية اتخاذ القرار وبالتالي فإنه بالتأكيد سيؤثر على عملية صنع القرار، ما سيجعل عملية التغيير محدودة إن لم تكن غير محتملة”.
مصير وساطة الكويت في الأزمة الخليجية
لعبت الكويت في عهد الأمير الراحل دورا مهما في الوساطة بين طرفي الأزمة الخليجية، فهل ستستمر هذه الوساطة مع تغيير رأس السلطة في الدولة؟
يرد الزويري على هذا التساؤل بالقول: “المؤشرات الأولية تُشير إلى أن نهج الوساطة نعم كان يتمثل في الأمير الراحل، ولكنه أيضا كان سلوك دولة وسطية، وبالتالي فإن من المتوقع أن تستمر القيادة الجديدة والتي كانت مقربة من الراحل في قيادة جهود الوساطة”.
وأضاف: “لدينا مثال سابق في دولة عُمان حيث لم تتغير دبلوماسيتها مع تغير الحاكم، وبالتالي فإنه يمكن القياس على هذا، وأقول إنه لا مؤشر على تغير السياسة الخارجية خاصة أن الأمير الجديد كان وليا للعهد ويعمل مع الأمير الراحل منذ 2006، بالتالي فهو على دراية بهذه الملفات”.
وعبر عن اعتقاده بأن الوساطة سوف تستمر، ولكن عودة تحركات الكويت فيها ستتأخر لبعض الوقت، حتى تعيد الدولة ترتيب أمورها الداخلية، ولكنها ستعود وربما بقوة دفع أكبر بالنظر إلى التغيير السياسي الذي حدث ومجيء الأمير الجديد، لهذا لا أرى أي مؤشرات على اختفاء الوساطة”.
بدوره أعاد المحلل السياسي الكويتي داهم القحطاني تأكيده على أن “السياسة الخارجية في الكويت ركائزها ثابتة، مشيرا إلى أنها غير مرتبطة بالشخوص وإنما بنهج الدولة، مضيفا أنه “في الفترة الأخيرة والتي كان يتعالج فيها الشيخ صباح، قامت الحكومة الكويتية بقيادة الأمير الحالي الشيخ نواف بمواصلة الوساطة في الأزمة الخليجية عبر زيارة لوزير الخارجية الكويتي للدوحة”.
الموقف من التطبيع
وحول موقف الكويت من التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي قال القحطاني: “أعلن رئيس الوزراء في الاجتماع الأخير ردا على تصريح ترامب حول نية الكويت تطبيع علاقاتها مع الاحتلال، بأن الكويت تؤيد القضية الفلسطينية ومتمسكة بحل الدولتين وتؤكد على أنها لن تقبل أي تطبيع ما لم يكن هناك حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية، وحتى في غياب الشيخ صباح في أزمته المرضية استمرت السياسة الكويتية برفض التطبيع والاستمرار في الوساطة بالازمة الخليجية”.
بدوره أوضح الزويري أن موقف الكويت من القضية الفلسطينية معروف منذ سنوات ولم يتغير حتى في الأوقات العصيبة في مطلع التسعينيات من القرن الماضي”، عند احتلال العراق للكويت.
وحول حديث ترامب عن نية الكويت التطبيع مع الاحتلال قال الزويري: “فليقل ترامب ما يقوله، لكن الكويتيين وحكومتهم قالوا إنه لا تغيير في مواقفهم وإنهم مع الشرعية الدولية في موضوع حل الدولتين ومع تنفيذ القرارات الدولية 338 و242 وبالتالي فإن هذا الموقف لم يتغير”.
وعبر عن اعتقاده بأنه “من المبكر التنبؤ بأي تغير، فعادة الظروف الدولية والإقليمية تجعل أي عملية تغير متأخرة، خاصة في هذه المرحلة التي تشهد فيها المنطقة عدم استقرار”.
وخلص إلى القول: “بالتالي لا أتوقع أنه سيكون هناك تغيير أو سعي للتطبيع مع إسرائيل لاعتبارات كثيرة، منها تاريخي مثل كيفية تعامل الكويت مع القضية الفلسطينية ودعمها، وأيضا فإنها لا توجد مؤشرات على تغيير النهج مع التغير الذي حصل في الحكم وفق ما هو معروف عن الأمير الذي استلم السلطة”.