عرب وعالم

بعد 10 أعوام على الثورة.. تحذيرات من مجاعة في سوريا وموجات نزوح جديدة

بعد 10 أعوام على اندلاع الثورة السورية، اضطر شخص للقتال في ليبيا ضمن قوات حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، أملا في الحصول على المال والهجرة إلى أوروبا، لكنه عاد في الأخير إلى سوريا التي تئن تحت وطأة الحرب والانهيار الاقتصادي.

في تقرير نشرته صحيفة “إندبندنت” (Independent) البريطانية، تقول الكاتبة بيل ترو، إن أحمد واحد من بين آلاف السوريين الذين اضطرتهم الأوضاع الاقتصادية الصعبة إلى القتال في ليبيا، ومثال على المأساة التي يعيشها الشعب السوري الذي كان يحلم بمستقبل مشرق عندما انطلقت ثورته ضد النظام في آذار 2011.
في الأيام الأولى من اندلاع ثورات الربيع العربي، انضم أحمد الذي كان حينها في السادسة عشرة من عمره، إلى الاحتجاجات التي اجتاحت مدن سوريا، وبينما اتجهت البلاد نحو الحرب، انضم إلى “الجيش السوري الحر”، معتقدا أنه أفضل طريقة للقتال من أجل مستقبل أفضل.
بعد مرور 10 أعوام على اندلاع الثورة، وبعد أن نزح عدة مرات، رأى أحمد الذي لا يملك أي مؤهلات دراسية أو أموال، أن أفضل شيء يمكن له فعله هو جني بعض المال من خلال القتال في ليبيا ثم ركوب أحد قوارب الهجرة غير الشرعية من هناك إلى أوروبا، لكن أحمد لم يستطع أن يحقق مبتغاه وعاد في النهاية إلى سوريا.

أوضاع مأساوية
ملايين السوريين يعيشون أوضاعا مأساوية، ليس فقط بسبب النزاع المسلح، ولكن أيضا بسبب الأزمة الاقتصادية التي تجتاح البلاد بعد عقد من الحرب، فما تزال المعارك السبب الأساسي للنزوح، لكن “المجلس النرويجي للاجئين”، يؤكد أن العوز الاقتصادي أصبح بشكل متزايد عاملا رئيسيا يجبر الناس على الفرار، سواء داخل البلاد أو إلى الخارج.

وقد فرّ ما لا يقل عن 6 ملايين شخص من سوريا، ونزح 6.5 ملايين شخص داخل البلاد، ما يقرب من ربعهم نزحوا 4 مرات على الأقل، وكشف تقرير جديد صادر عن المجلس النرويجي للاجئين أن من بين أكثر من 23 ألف نازح في كانون الثاني 2021، قال ثلثهم إن السبب الأساسي هو نقص الخدمات الأساسية، بينما نزح 28% بسبب تردي الوضع الاقتصادي.

ويتوقع المجلس النرويجي للاجئين أن يضطر عدد متزايد من السوريين إلى النزوح بسبب تراجع قيمة العملة وانهيار البنية التحتية، ويحذر من احتمال نزوح 6 ملايين آخرين إذا استمر النزاع 10 سنوات أخرى.

في هذا الصدد، يقول الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين جان إيغلاند “كلما استمرت هذه الأزمة دون حل، نتوقع أن يصبح العوز الاقتصادي العامل الرئيسي الدافع للنزوح”.

إيغلاند الذي يصف الأعوام العشرة الماضية بـ”عقد من العار على الإنسانية”، قال إن المزيد من الدول تُدير ظهرها لسوريا “يجب أن تدرك حجم التقصير وتتدخل بشكل بَنّاء من أجل دعم ملايين السوريين الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية الحيوية ويطالبون بإنهاء الصراع”.
زادت الأوضاع الاقتصادية في سوريا سوءا مع هبوط سعر الليرة السورية إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، حيث يعادل الدولار الواحد 4 آلاف ليرة، وفي لبنان المجاور، حيث يرتبط الاقتصاد ارتباطا وثيقا باقتصاد سوريا، تراجعت العملة المحلية إلى مستوى غير مسبوق، بواقع 12 ألف ليرة مقابل الدولار.

وتقول الباحثة والناشطة الحقوقية المتخصصة في الشأن السوري، إليزابيث تسوركوف، في هذا السياق “هذه كارثة لأن كلا البلدين يعتمدان بشكل كبير على الواردات، وقد دُمّرت الصناعات المحلية خلال الحرب الأهلية في البلاد”.

وكتبت تسوركوف على تويتر “هناك مجاعة تلوح في الأفق”، كما أوضحت في مقال لها نُشر في شباط الماضي أن النظام السوري لم يعد قادرا حتى على توفير الخبز المدعوم.

من جانبه، حذّر برنامج الأغذية العالمي مرارا من إمكانية حدوث مجاعة في سوريا وعمليات نزوح جماعي جديدة إذا لم يتم توفير المزيد من المساعدات الإنسانية، وقال المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، ديفيد بيزلي، الأسبوع الماضي، إن 12.4 مليون شخص في سوريا يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وهو أعلى مستوى على الإطلاق، بزيادة تُقدر بـ4.5 ملايين شخص مقارنة بالعام الماضي.

وقد اقترن تدهور الأوضاع في البلاد مع حالة ركود عالمي بسبب جائحة كورونا، وهو ما أدى إلى نقص حاد في المساعدات الإنسانية، الأمر الذي جعل الكثير من المراقبين يحذرون من تزايد عدد الجياع واحتمال حدوث مجاعة في سوريا.

وتختم الكاتبة بأن مرور الذكرى السنوية العاشرة للثورة السورية تعد لحظة مهمة لتقييم الوضع في البلاد، والانتباه إلى أن تدهور تردي الوضع المعيشي ونقص الغذاء، لا يقل خطورة عما يعانيه السوريون جراء الحرب والتفجيرات، وهو ما يُبرز الحاجة إلى تكثيف المساعدات الإنسانية قبل فوات الأوان.
lebanon24

مقالات ذات صلة