“مكاسب بوتين أكبر ببقاء الوضع الراهن”.. لهذه الأسباب لن يتوسط بين سوريا وإسرائيل
تحت عنوان “روسيا وسيط وليست صانع سلام بين إسرائيل وسوريا”، نشر موقع “ميدل إيست آي” تقريراً للمحلل السياسي كريستوفر فيليبس استعرض فيه الأسباب التي تحول دون رغبة موسكو في تحقيق السلام بين سوريا وإسرائيل بعد صفقة تبادل الأسرى في شباط الفائت.
وأوضح المحلل أنّ موسكو تنصّب نفسها اليوم الوسيط الذي يمكن الاستغناء عنه في المنطقة، فهي القوة الخارجية الوحيدة التي تربطها علاقات بجميع اللاعبين الأساسيين المتمثّلين بإسرائيل وسوريا وإيران و”حزب الله”. وعلى الرغم من وساطة روسيا في الصفقة المذكورة، اعتبر فيليبس أنّ الوقت ما زال مبكراً لقبول إسرائيل سلاماً مع سوريا بوساطة روسية، معلقاً: “أولاً، يجب على إسرائيل أن تسأل نفسها عما إذا تقدر موسكو تحقيق هكذا سلام. ومن المرجح أن ترغب إسرائيل في إخراج جميع القوات المتحالفة مع إيران من سوريا بما فيها “حزب الله”، وهذه مسألة تفتقد موسكو الموارد (والإرادة) اللازمة لتحقيقها”. كما رأى المحلل أن رغبة إسرائيل في اتفاق مماثل “موضع شك”، نظراً إلى أهمية الجولان الاستراتيجية والاقتصادية الكبرى.
وإذ ذكّر المحلل بالغارات التي تشنها إسرائيل على سوريا لاحتواء الوجود الإيراني، رجح أن يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يفضّل بقاء الوضع الراهن على أن يخسر الجولان.
في ما يتعلق بسوريا، قال فيليبس إنّ الرئيس السوري بشار الأسد لا يبدي اهتماماً كبيراً باتفاق سلام مع إسرائيل، قائلاً: “على الرغم من أن روسيا تُعدّ اللاعب الخارجي المهيمن في سوريا، يجني الأسد مكاسب من إيران والمجموعات المسلحة المتحالفة معها (..)”. توازياً، شكّك الكاتب في قدرة اتفاق السلام على حلّ مشاكل دمشق، وتحديداً الاقتصادية، قائلاً: “لن يفرج سلام بوساطة روسية عن الأموال الدولية بالطريقة نفسها كما لو كان بقيادة الولايات المتحدة (..)”.
وبعدما أكّد فيليبس المخاطرة السياسية التي ينطوي عليها اتفاق السلام مع إسرائيل، قال: “يبدو أن قبول الأسد بالصفقات الأخيرة قد جاء نتيجة الضغط الروسي”. وعليه، تساءل عن الدوافع الروسية، مرجحاً أن تكون الاتفاقات الأخيرة مندرجة في إطار استمرارية استراتيجية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الشرق الأوسط منذ تدخّل روسيا في النزاع السوري في العام 2015.
وهنا ذكّر المحلل بدور موسكو في المنطقة كوسيط لا يمكن الاستغناء عنه، مؤكداً أنّه أتاح لها تعزيز صورتها ونفوذها في الإقليم على حساب الولايات المتحدة. وكتب فيليبس: “يُرجح أن تلعب روسيا الآن وليس الولايات المتحدة الأميركية دور الوسيط في حال حصول مواجهات بين إسرائيل و”حزب الله” والقوات الإيرانية والسورية في لبنان أو سوريا في المستقبل”.
فيليبس الذي أكّد أنّ بوتين تكبّد كلفة “قليلة نسبياً” نتيجة التدخل في سوريا- حيث يقع القتال على عاتق القوات الإيرانية والسورية- وأبرم صفقات أسلحة مع عدد من جيوش المنطقة، تساءل عن الأسباب التي من شأنها أن تدفع الرئيس الروسي إلى إبداء رغبة في تغيير الوضع الراهن والسعي من أجل اتفاق سلام سوري-إسرائيلي دائم.
وفي تحليله، رأى الكاتب أنّه من شأن اتفاق مماثل أن ينهي دور روسيا كوسيط، نظراً إلى أنه ينطوي على إخراج إيران و”حزب الله” من سوريا من جهة، وربما فسخ تحالف موسكو مع طهران. وتابع: “ومن شأنه أن يكون مكلفاً أيضاً، إذ سيتعيّن على روسيا ضمان التزام الطرفيْن، ما قد يعني نشر قوات لتعقّب أي عناصر موالية لإيران. كذلك، إذا حقق السلام نجاحاً كبيراً، فقد يؤدي إلى إعادة تأهيل سوريا على الساحة الدولية في النهاية، وبالتالي خفض اعتمادها على روسيا”.
وبناء على هذه المعطيات، خلص فيليبس إلى أنّ لعب دور الوسط في ظل الفوضى الراهنة يخدم أجندة بوتين أكثر من السعي إلى هندسة اتفاق سلام صعب والعمل على الحفاظ عليه، مرجحاً أن تواصل روسيا الاضطلاع بدورها الراهن على المدى المنظور.