للذين كانوا يراهنون على تاريخ 20 كانون الثاني، نقول إن هذا التاريخ قد أصبح وراءنا. وقد اصبح جو بايدن الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة الأميركية خلفًا لدونالد ترامب المثير للجدل.
فما الذي يمكن أن يتغيّر بين ليلة وضحاها، وهل يمكن أن يكون لتولي رئيس من الحزب الديمقراطي أي تاثير على وضعنا الداخلي في لبنان، وهل يمكن الإفادة من هذه الفرصة، أي فرصة إنشغال الأدارة الأميركية الجديدة بترتيب أولوياتها الداخلية والخارجية، للمضيّ قدمًا في تشكيل حكومة “المهمة” وفق المبادرة الفرنسية، التي تأثرّت في وقت من الأوقات بفرض واشنطن عقوبات على عدد من المسؤولين اللبنانيين، وكان آخرهم الوزير السابق جبران باسيل، وإعلان إدارة ترامب عدم موافقتها على أن تضم الحكومة اللبنانية الجديدة وجوهًا من “حزب الله”، سواء بالمباشر أو بالإلتفاف، وهذا ما كان مثار جدل بين الأميركيين والفرنسيين، الذين لا يزالون يعتبرون أن “حزب الله” هو مكّون من بين مكّونات التركيبة اللبنانية السياسية والطائفية.
الحكومة “تنتظر رحيل” ترامب… ما العلاقة؟!
شهران صعبان بانتظارنا: أميركا لتشديد الخناق.. ولبنان لن يعود كسابق عهده
يخطىء من يظنّ أن المسؤولين الأميركيين الجدد لا ينامون الليل وهم يفكّرون كيف يمكن الضغط على لبنان أو مساعدته. لا شكّ في أن لبنان يدخل في حيز الإهتمام الأميركي من بوابة مدى تشكيله خطرًا على حليف واشنطن الإستراتيجي، سواء أكان الجمهوريون في الحكم أم الديمقراطيون، وهم يحدّدون مستوى التعاطي مع لبنان من زاوية المصلحة الإسرائيلية، سواء على الحدود الشمالية أو في ما يتعلق بترسيم الحدود البحرية المتوقفة حاليًا بسبب التعنت الإسرائيلي وثبات الموقف اللبناني.
على أي حال، فإن تشكيل الحكومة اليوم قد يكون أفضل من أي وقت مضى، خصوصًا أن “الفيتو” الأميركي على توزير أحد من “حزب الله” أو مقرّب منه، وإن كان من أهل الإختصاص، ولم يعد ثمة حجة لدى المعرقلين بأن التعطيل يأتي من الخارج. أمّا إذا أردنا إنتظار ما قد يستجدّ على مسار العلاقات الأميركية – الإيرانية في ما خصّ الإتفاق النووي، فإن اللبنانيين سينتظرون طويلًا، وستبقى البلاد، على أقل تقدير، معلقة على حبل التسويات حتى أواخر الربيع، وهذا ما لا يمكن أن يركب في رأس عاقل.
فإذا تمّ عزل التذرّع بالخارج والإنصراف إلى معالجات منطقية في الداخل قد تبصر الحكومة النور قريبًا، وبالأخصّ إذا نجحت الوساطات القائمة حاليًا على أكثر من صعيد، وقد يكون الظرف مؤاتيًا اليوم لإذابة الجليد المتراكم بين بعبدا و”بيت الوسط”. فإذا عادت مفاوضات التشكيل الثنائية بين رئيس الجمهورية والرئيس المكّلف بعد تنقية الأجواء، وهي مهمة يعترف القائمون بالوساطات بأنها غير سهلة، يمكن التركيز على نقاط الخلاف بين الرئيسين عون والحريري، وأن يصار بالتالي إلى تدوير الزوايا بالنسبة إلى مسألة وحدة المعايير والحقائب الأمنية والثلث المعطّل، وهنا قد يكون للرئيس نبيه بري، بالتوافق مع “حزب الله”، الذي من المرجح أن يكون له تحرّك ما، حركة وبركة.
أمّا إذا كانت العقدة لا تزال خارجية فإن ما على اللبنانيين سوى الإعتياد على حكومة تصريف الأعمال.
lebanon24