رندة تقي الدين: التسامح لبشار الأسد والعقاب لسعد الحريري
ها هو بشار الأسد يجلس وسط القادة العرب في جدة يوم الجمعة بعد غياب عنهم دام منذ بدأ حربه على شعبه أي لأكثر من عهد، فهو الآن مسامح على كل ما فعله ببلده وفي لبنان . كأنه لم يشن حربًا بالبراميل على شعب أسقط منه أكثر من ٥٠٠٠٠٠ قتيل وهجر أكثر من ٦ مليون منه إلى لبنان والأردن وتركيا مع نزوح ١٢ مليون وإفراغ مدن سورية باسلة .
يعود الأسد كأن لا شيء حدث. كأن سورية لم تدمر ولم يتم تعذيب من تجرأ على معارضته .كأن أوساطه لا تصنع ولا تصدر الكابتاغون وتستفيد من عائداته .
ها هو يعود وسط التصفيق له، سيستقبل بالقبلات. و تمت دعوته إلى قمة المناخ العالمية التي ستعقد في دبي في نوفمبر المقبل ويحضرها مع قادة العالم.
عودة الأسد دون أي مقابل تجعل المواطن اللبناني العادي الذي عاش ويعيش نتائج كل ما قام به نظام الأسد الأب والابن في البلد يثير مشاعر المرارة إزاء المحيط العربي .
ما هو منطق هذا التسامح العربي مع كل ما فعله الأسد . في حين ان سعد الحريري رئيس الحكومة اللبناني السابق ابن شهيد لبنان رئيس الحكومة اللبناني رفيق الحريري الذي فجره الحزب بقرار من النظام السوري ممنوع عن العودة إلى السياسة في بلده؟!
فقد منع سعد الحريري من الترشح في الانتخابات التشريعية والخوض في السياسة مع تيار المستقبل .
قد يكون الحريري الابن فشل كما العديد من الساسة في لبنان لأسباب عديدة منها هيمنة وتعطيل
الحزب وحلفائه في لبنان والنظام السوري. ولكن ليس لسعد الحريري دم على أيديه وهو ما زال يحظى بشعبية في الشارع السني في بيروت وطرابلس وهو الزعيم الوحيد في الطائفة السنية في البلد .
فالساحة المسيحية في لبنان لها قيادات والشيعة والدروز أيضا أما الساحة السنية ففارغة ومشتتة وما زالت تتساءل عن سبب معاقبة زعيمها لأنها حتى الآن تعتبره كذلك لان تركيبة لبنان الطائفية لم تتغير رغم تدهور الأوضاع فيه.
الحريري الابن نفى نفسه في أبو ظبي لأسباب لا أحد يعرفها كأنه عقاب هدفه إنهاؤه علما أنه لم يقتل ولم يدمر بلده ولم يهجر شعبه.
أجبر على المساومة مع الحزب وإلا لما استطاع أن يترأس الحكومة في بلده . فهل هو هذا السبب الحقيقي لإبعاده عن السياسة؟
المحكمة الدولية أظهرت أن عناصر من الحزب هم منفذو جريمة قتل الشهيد رفيق الحريري ورفاقه وهم فارون قد يكونون في سورية أو إيران أو في الضاحية الجنوبية من بيروت بحماية الحزب وشريكه السوري الذي يحتفل بتطبيع عدد من الدول العربية معه .
في الدبلوماسية العربية أمور كثيرة يصعب على منطق المواطن العادي أن يستوعبها.
و الحدث الأساسي في القمة العربية عودة بشار الأسد بين مجموعة القادة وهو بمثابة طعنة للشعب السوري المعارض له ولجميع الذين بكوا شهداءهم السياسيين والصحافيين في لبنان الذين سقطوا لأن هذا النظام المحتفل بعودته الآن أراد إسكاتهم بالقتل والتفجير وقد نجح وهو اليوم مجددا العائد المحتفى به كأنه بريئ من الجرائم والدمار والقتل.
المصدر الوطن