ستتعمد الطفلة الأفغانية مريم (10 سنوات) الرسوب في امتحان الفصل السادس حتى لا تخرج من التعليم مع انتهاء هذا الفصل، رغم أنها ستعيد ما درسته.
يعكس هذا الموقف الحياة تحت حكم طالبان بعد نحو عام من استحواذها على السلطة، وفقا لما جاء في تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية الذي تحدث أيضا عن “الانهيار” الاقتصادي وعودة “العنف” إلى البلاد رغم وعود الحركة بتحسين حياة المواطنين.
وتقول مريم التي تخشى الخروج من التعليم بعد الفصل السادس:”لن أجيب على الكثير من الأسئلة بشكل صحيح. لقد قررت أن أرسب، لذا يمكنني دراسة الصف السادس مرة أخرى”.
كانت “طالبان” قد قدمت وعودا للمجتمع الدولي بتخفيف قبضتها على السكان وعدم تكرار ما فعلته عندما كانت في الحكم قبل عام 2001.
وأكد مسؤولو الحركة في المؤتمرات الدولية على حق المرأة في التعليم والعمل، ووعدوا بتحسين الاقتصاد. وبعثت هذه التصريحات بالأمل في نفوس عديدين بعد انكسار أصوات المدافع.
لكن بعد مرور عام تقريبا “تبدو هذه الرؤية جوفاء بشكل متزايد” وفق الغارديان.
وتشير الصحيفة إلى أن الأفغانيات يواجهن “قيودا أكثر صرامة من أي مكان آخر في العالم، حيث يُمنعن من التعليم والعمل خارج الرعاية الصحية والتعليم، ويجبرن على مرافقة ولي في الرحلات الخارجية”.
وتشير فرخندا (16 عاما) التي تعاني من الاكتئاب بعد أن أجبرت على عدم مواصلة التعليم أنها “شاهدت ثلاث مرات نساء يتعرض للضرب في السوق على يد طالبان لأنهم رأوا أنهن ارتدين ملابس ضيقة”.
وفي مرة أخرى “ضربوا الفتيات لمجرد الابتسام والتحدث بصوت عال”، رغم أنه “من الطبيعي أن تتحدث عن الفساتين التي تشتريها والأشياء”.
وتوقفت فرخندا “حتى عن الذهاب إلى المدرسة الدينية، لأنه من الأفضل أن أكون في المنزل بدلا من مصادفة هذه الحيوانات”.
واستعرض التقرير بعض أوجه الصعوبات الاقتصادية التي يعاني منها الأفغان في ظل حكم طالبان، ويقول إنه بعد العقوبات التجارية وتراجع المساعدات الدولية، “انهار الاقتصاد بنسبة الثلث على الأقل”، فيما بات واضحا أن طالبان غير قادرة على إدارة حكومة.
وبالنسبة للأثرياء، وضع الانكماش الاقتصادي نهاية للكماليات، أما الطبقات الوسطى فدخلت بين عشية وضحاها في براثن “الفقر والجوع”، ويعتمد حوالي نصف عدد السكان الآن على المعونات الغذائية إذا تمكنوا من الحصول عليها.
ويقول رائد أعمال إنه اضطر لتسريح حوالي 500 موظف بعد مصادرة المعدات وتعليق التراخيص، ويضيف: “لم نكن مرتبطين سياسيا بالحكومة السابقة، لكن طالبان ينتقمون فقط لأننا كنا نعمل هنا”.
أما سردار وزوجته فقد تغيرت حياتهما رأسا على عقب بعد تولي طالبان. كان الزوجان موظفين حكوميين في قوات الأمن خلال تولي الحكومة السابقة، وكسبا ما يكفي لشراء أرض وبناء منزل، لكن تم فصلهما من العمل عندما وصلت طالبان إلى السلطة.
والآن، اضطرت الزوجة للبقاء في المنزل، بينما يقوم هو بالعمل اليدوي. ويقول: “لم أفعل هذا مطلقا في حياتي. هو أمر صعب بالنسبة لي، لكن لدي عائلة أقوم بإعالتها”.
وقال محلل أفغاني على صلة بكبار طالبان طلب عدم نشر اسمه: “إنهم يفقدون الدعم المحلي وهم على دراية بذلك”.
وقال مصدر أفغاني آخر على صلة وثيقة بطالبان إن الاقتصاد “أكبر كابوس يمرون به. لقد فوجئوا بكل هذه الأحداث”. وأضاف: “إنهم قوى ريفية تقليدية جاؤوا إلى المدن، ولكن بدلا من الاندماج، يريدون أن تتكامل المدن معهم، ويريدون منا أن نبدو مثلهم.. أن نرتدي مثلهم”.
وتقول الغارديان إن هجرة الأدمغة إلى الخارج جعلت إدارة البلاد أكثر صعوبة، مشيرة إلى مصرفي أبلغ صحيفة الأوبزرفر أن البنك المركزي أبقى فقط على موظفين من الرتب المتوسطة والمنخفضة، بعد فرار كبار المديرين الأكثر خبرة إلى الخارج.
وتشير الصحيفة إلى أنه خلال عام، تم اغتيال العشرات من الأشخاص بسبب صلاتهم بالحكومة السابقة وقواتها الأمنية.
وقال عضو سابق في جهاز المخابرات لصحيفة الأوبزرفر إنه استسلم في اليوم الذي وصلت فيه طالبان إلى بلدته، ولكن تم اعتقاله ثلاث مرات بعد ذلك، والآن بالكاد يغادر منزله.
ورغم تراجع العنف في العديد من مناطق البلاد، إلا أن مناطق مثل جنوب هلمند وقندهار تشهد عودة للعنف.
وهناك أيضا أماكن كانت هادئة على مدار العقدين الماضيين “يدمرها الآن العنف ” مع التقارير الواردة عن قتل المدنيين والغارات الليلية والنهب واحتلال المؤسسات المدنية مثل العيادات والمدارس.
وأظهرت مقاطع وتقارير فظائع لقتل مدنيين واحتلال مدارس وقواعد عسكرية وتدنيس مساجد واقتحام منازل.
ويقول التقرير إن طالبان ربما تكون “مخطئة في اعتبار أن انتصارها العسكري الساحق هو تفويض سياسي للسيطرة على بلد متنوع”.
وقال المحلل الأفغاني: “لم يتم تمثيل نصف السكان في الحكومة على الإطلاق في الأشهر التسعة الماضية، مثلما كان الوضع، في عام 2001، وتم استبعاد مجتمعات عرقية ودينية وثقافية بأكملها من حكومة يهيمن عليها بشكل شبه كامل متشددو البشتون في طالبان.
وتتمتع هذه الجماعات بتاريخ طويل من القتال، وإذا لم تتمكن طالبان من تخفيف الأزمات السياسية والاقتصادية، فمن السهل أن تحمل السلاح مرة أخرى.
وقال أفغاني شارك في القتال بالعديد من الحروب الأهلية: “2 في المئة فقط من الأفغان تزيد أعمارهم عن 60 عاما، و45 في المئة تقل أعمارهم عن 14 عاما.. وفر لصبي 100 دولار وبندقية كلاشينكوف وسيكون لديك مقاتل”.
المصدر: الحرة