هرب الرئيس السريلانكي… ودولة عربية قد تكون وجهته الأخيرة
بعد تظاهرات حاشدة مطالبة باستقالته، رحل الرئيس السريلانكي، غوتابايا راجاباكسا، عن السلطة، منهيا بذلك نحو 15 عاما من حكم عائلته، وغادر إلى جزر المالديف، ومن المتوقع أن تكون الإمارات “الوجهة النهائية” له، وفقا لصحيفة “الغارديان”.
وأعلن الخميس المتظاهرون المعارضون للحكومة في سريلانكا، والذين اقتحموا منزل الرئيس نهاية الأسبوع الماضي، أنهم سيغادرون المباني الرئاسية التي اقتحموها.
وقالت متحدثة باسم المتظاهرين “سننسحب بسلام من القصر الرئاسي وأمانة الرئاسة ومكتب رئيس الوزراء فورًا، لكن سنواصل كفاحنا”.
وتقول الصحيفة: “كان سقوط عائلة راجاباكسا مذهلا، وكان لذلك صدى في جميع أنحاء المنطقة وخارجها”. ونقلت عن محللين قولهم إن حاكم سريلانكا الهارب “كان ضحية بارزة لأزمة تكاليف المعيشة العالمية”.
وفي جنوب أفريقيا، سأل مقدم برنامج حواري عما إذا كان ارتفاع تكلفة المعيشة هناك يمكن أن يؤدي إلى نهاية الحزب الحاكم، ويسأل آخرون نفس السؤال. لكن حالة سريلانكا، تعتبر استثنائية، ولا يمكن انتقال هذه التجربة بسهولة لدول أخرى، رغم وجود دروس فيها لأي زعيم أو محتج، وفقا للصحيفة.
وتبدأ القصة بشقيق راجاباكسا، ماهيندا، الذي تولى السلطة عام 2005 من خلال إبراز نفسه كـ”رجل بسيط من الريف الجنوبي، ويقف ضد النخبة السياسية في العاصمة كولومبو. ولم يكن قريبا من الناس كما يدعي, كما وعد بإنهاء عقود من الحرب الأهلية الدموية ضد فصيل من الانفصاليين التاميل في شمال سريلانكا، وتم ذلك بوحشية”.
وسعى راجاباكسا إلى, “توجيه وتكثيف موجة الدعم بين الأغلبية السنهالية في سريلانكا, وكان هناك شعور بالتمكين دفع آل راجاباكسا إلى إنفاق مبالغ ضخمة واقتراض الأموال لتنفيذ مشاريع بنية تحتية ذات قيمة مشكوك فيها. وهو ما مهد الطريق أمام ماهيندا للفوز بولاية ثانية عام 2010”.
وفي عام 2019، كان غوتابايا هو الذي “استعاد السلطة للعائلة، وهزم حكومة ائتلافية متعثرة ومنقسمة، من خلال تقديم قيادة قوية وتكنوقراطية للناخبين, وجذب هذا جمهورا جديدا من السنهاليين القوميين، المتعلمين والمتمدنين والمتمرسين في التكنولوجيا. وتعزز حكمه بعيد تفجيرات قامت بها جماعة إسلامية متطرفة في عيد الفصح من ذلك العام”.
وما لم يتوقعه أحد هو “عدم الكفاءة خلال فترة حكمه الاستبدادي المتزايد”. وفيما يخص الوضع الاقتصادي، تقول الصحيفة إنه “تم تخفيض الضرائب، وخفض أسعار الفائدة، وكان هناك سعي للحصول على قروض ضخمة، وتمت طباعة أموال جديدة، وكل ذلك حدث في الوقت الخطأ”.
وتوضح أن, “فيروس كورونا تسبب في انهيار السياحة والتحويلات، وكلاهما مصدر كبير للنقد الأجنبي”.
وكان هناك “قرار بجعل الزراعة في سريلانكا عضوية بالكامل – للتغطية على عدم القدرة على تحمل تكلفة الأسمدة – مما أدى إلى تحطيم قطاع الزراعة بأكمله”. ونتيجة لكل ذلك “سرعان ما أصبحت سريلانكا في حالة انهيار اقتصادي كامل”.
وقال آلان كينان، أحد كبار المستشارين في سريلانكا بمجموعة الأزمات الدولية: “كان غوتابايا سياسيا ضعيفا للغاية، وأحاط نفسه بالدجالين, ولم يكن قادرا على إبهار أي شخص، أو إبرام الصفقات، أو تغيير المسار في الوقت المناسب”.
وتلفت الصحيفة إلى أن, “مزاعم الفساد” أثارت غضب الشعب، بسبب “الارتفاعات الهائلة في الأسعار، وانقطاع التيار الكهربائي، ونقص الأدوية”.
وأشارت إلى أن “رئيس الدولة ورئيس الوزراء ووزير المالية ومسؤولين آخرين، هم جميعهم من نفس العائلة، وبالتالي لا يوجد هناك سوى اتجاه واحد لتوجيه أصابع الاتهام (إلى العائلة)”.
وقد لا تكون هذه “ثورة”، بما للكلمة من معنى – لأن لدى سريلانكا “تقليد طويل وراسخ” من الديمقراطية، وإن كان “متوترا” في السنوات الأخيرة – لكنها “ثورة هائلة” من جانب آخر، فاحتمال عودة عائلة راجاباكسا إلى السلطة غير مرجح، على الأقل لسنوات عديدة، وفقا للغارديان.
وقال كينان: “لقد تم تدمير (ماركة راجاباكسا) إلى حد كبير لفترة طويلة، إن لم يكن إلى الأبد”.
وهناك مؤشرات جيدة أخرى تتمثل في أن “حركة الاحتجاج قد نجحت في سد فجوة الانقسامات المجتمعية والطبقية في سريلانكا”، وهو ما يؤشر إلى وجود “رؤية وروح وطنية جديدة”.
وغادر الرئيس غوتابايا راجابكسا، الأربعاء، سريلانكا على متن طائرة عسكرية متجها إلى المالديف المجاورة بعد احتجاجات شعبية عارمة ضده، وفق ما أفاد مسؤولون لوكالة فرانس برس.
وبحسب المسؤولين في وزارة الهجرة، فإن طائرة عسكرية من طراز أنطونوف-32 أقلعت من المطار الدولي الرئيسي وعلى متنها أربعة أشخاص، بينهم الرئيس، البالغ 73 عاما، وزوجته وحارس شخصي.
وتدفق عشرات الآلاف من المتظاهرين في شوارع كولومبو، نهاية الأسبوع الماضي، للمطالبة بالإطاحة بالرئيس راجاباكسا، بسبب السياسات الاقتصادية لحكومته.
والسبت، اقتحمت حشود غاضبة مقر الرئاسة ومكتبها، واحتفلت بالغوص في حمام السباحة والاستلقاء على سرير الرئيس، الذي وعد بعدها بقليل بتقديم استقالته إلى رئيس البرلمان.