ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تقريرها الفصلي الأخير، أن مخزون اليورانيوم المخصب لدى إيران قد تجاوز الحد المسموح به (202.8 كيلو غرام) بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين طهران والمجموعة السداسية، بأكثر من 18 مرة.
ووفقا لتقديرات منتصف أيار، فإن طهران زادت إجمالي احتياطها إلى 3809.3 كيلوغرامات، مقابل 3197.1 كيلوغراما في شباط الماضي، كما ازداد مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% بمقدار 9.9 كيلوغرامات؛ ليرتفع من 33.2 إلى 43.1 كيلوغراما.
في المقابل، أعتبر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، التقرير “غير منصف ويفتقر للتوازن”. كما انتقده رئيس البعثة الإيرانية في الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد رضا غيبي، وقال إنه لم يعكس تعاون طهران المكثف مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكنهما لم يتطرقا إلى كمية مخزون بلادهما من اليورانيوم المخصب.
من جانبه، قال الباحث السياسي حسن بهشتي بور، إن المعلومات الدقيقة الواردة في التقرير الفصلي تدل على تعاون طهران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مؤكدا أن طهران تواصل تخصيب اليورانيوم في إطار معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية وبناء على سياسة خفض التزاماتها بالاتفاق النووي، ردا على انسحاب الولايات المتحدة منه.
وأوضح بهشتي بور -للجزيرة نت- أن بلاده لم تعد بحاجة إلى تكذيب البيانات الواردة في تقرير الوكالة الدولية عن مخزون اليورانيوم، لأنها تعتبر الخطوة عقابية وترمي إلى إعادة الجانب الأميركي إلى تنفيذ تعهداته في الاتفاق النووي.
وبدأت طهران بخفض تعهداتها المنصوص عليها في الاتفاق النووي المبرم عام 2015، ردا علی انسحاب إدارة دونالد ترامب من الاتفاق. وقامت برفع نسبة التخصيب من 3.67% إلى 4.5% في 7 تموز 2019، ثم إلى 20% في 4 كانون الأول 2020، إلى أن أعلنت في 13 نيسان الماضي التخصيب بنسبة 60%، ردا على الهجوم الذي استهدف منشأة “نطنز” النووية وسط البلاد، حيث وجهت أصابع الاتهام إلى إسرائيل.
وبرأي بهشتي بور، فإن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا يحمل جديدا بالنسبة لمخزون بلاده من اليورانيوم المخصب والذي يتواصل على مرأى ومسمع مفتشي الوكالة، متهما الأخيرة بتسييس الملف بعد تبدد الآمال بإحياء الاتفاق النووي.
واعتبر أن من حق بلاده رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 90%، وهي نسبة الوقود التي كانت تحصل عليه من الدول الغربية قبيل انتصار ثورتها، مستدركا أنه لا يرى إشكالية في رفع نسبة تخصيب اليورانيوم طالما أن ذلك يتم تحت إشراف الوكالة الدولة للطاقة الذرية.
والمشكلة التي من شأنها أن تفتح خلافا جديدا بين طهران والعواصم الغربية -وفقا لبهشتي بور- تكمن في التقرير الثاني للوكالة بشأن عدم تقديم طهران إجابات مرضية حول آثار يورانيوم عُثر عليها في مواقع غير معلنة.
وحث الباحث بلاده على العمل مع الوكالة للحيلولة دون صدور قرار ضد الجمهورية الإسلامية في اجتماع مجلس محافظي الوكالة، المزمع عقده الأسبوع المقبل.
وكانت الوكالة قد استنكرت في تقريرها الفصلي الأخير، عدم حصولها على “إجابات مرضية” من إيران عن آثار اليورانيوم المخصّب التي عثر عليها في 3 مواقع غير معلنة، هي مريوان (غرب) وفارامين وتورقوز آباد في محافظة طهران.
وعما إذا كان ارتفاع مخزون اليورانيوم المخصب سيمكّن طهران من إنتاج أسلحة دمار شامل، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران والباحث في الملف النووي الإيراني، محسن جليلوند، إن القنبلة أضحت في متناول إيران لكنها لم تتخذ قرارا بهذا الشأن وفقا لفتوى مرجعيتها الدينية.
وأوضح جليلوند -للجزيرة نت- أن 42 كيلوغراما من اليورانيوم المخصب بنسبة 90% كافية لإنتاج قنبلة ذرية؛ ما يعني أن هناك فائضا بمقدار كيلوغرام في المخزون الإيراني من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%. مستدركا أنه وفقا لقوانين الفيزياء فإنه من الممكن رفع نسبة اليورانيوم المخصب من 60% إلى 90% ويتم ذلك سريعا وبسهولة، على حد قوله.
وكان المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي أفتى عام 2003 بحرمة إنتاج واستخدام أسلحة الدمار الشامل، وعلى رأسها السلاح النووي.
وأشار جليلوند، إلى أن معادلة التهديد مقابل التهديد هي التي تحكم سلوك واشنطن وطهران بشأن الملف النووي الإيراني؛ موضحا أن طهران تهدّد بتطوير برنامجها النووي في حال عدم رفع العقوبات عنها وعدم عودة واشنطن للاتفاق النووي.
وبالمقابل، تهدد الولايات المتحدة بتشديد العقوبات على إيران حتى قبل عودة الأخيرة إلى تنفيذ تعهداتها في الاتفاق، ما ينذر بتصعيدٍ في هذا الملف.
وخلص الباحث الإيراني إلى أن عدم قبول واشنطن بالعودة للاتفاق سيرفع قدرة بلاده على تخصيب المزيد من اليورانيوم وبمعدلات كبرى، مؤكدا أن طهران ستُبقي عصا تخصيب اليورانيوم بنسبة 90% مرفوعة على رؤوس الأميركيين.
ولا يستبعد جليلوند تطور الخلافات بشأن النووي الإيراني إلى مواجهة مباشرة في حال أطلقت إسرائيل الرصاصة الأولى نحو إيران.
المصدر: الجزيرة