على الرغم من الضغوط الرامية إلى تسريع مسار انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، فإن العضوية الكاملة لها أو للدول الأخرى الواقعة على أطراف أوروبا سواء في حلف شمال الأطلسي أو الاتحاد الأوروبي أمر غير مرجح لسنوات عديدة.
مع هذا، تقول صحيفة نيويورك تايمز إن القادة الأوروبيين بدأوا بالفعل في مناقشة سبل دمج هذه الدول ببطء وحمايتها.
وفي تحد للتوقعات، قدم الاتحاد الأوروبي مساعدات عسكرية كبيرة لأوكرانيا وفرض عقوبات هائلة على روسيا، وتصرف بسرعة وقوة تجاه غزو موسكو لأوكرانيا.
ولكن التكتل يواجه الآن سؤالا أكثر صعوبة – يتعلق بكيفية ربط البلدان الضعيفة مثل أوكرانيا ومولدوفا وجورجيا بأوروبا بطريقة تساعدها ولا تخلق المزيد من المخاطر الأمنية.
وتطلب أوكرانيا إجراء محادثات انضمام سريعة للانضمام إلى التكتل وهو ما قد لا يتقرر قبل اجتماع آخر لقيادة الاتحاد في أواخر حزيران.
وتحدث كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي في الأسابيع الأخيرة عن فكرة اتحاد كونفدرالي جديد مع الاتحاد الأوروبي، في مقابل الفكرة القديمة المتمثلة في مجموعة أساسية ومحيطها، أو “أوروبا بمرحلتين”، والتي يرفضها طالبو العضوية الجدد باعتبارها تخلق وضعا من الدرجة الثانية لهم.
وطرح الرئيس الفرنسي ماكرون اقتراحا أكثر تعقيدا، وإن كان لا يزال غامضا، لنوع جديد من الترتيبات.
وقال في الخامس من أيار إن “الحرب في أوكرانيا والتطلع المشروع لشعبها تماما مثل مولدوفا وجورجيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي يشجعنا على إعادة التفكير في جغرافيتنا وتنظيم قارتنا”.
وتشمل فكرة ماكرون رؤية شاملة لجماعة سياسية أوروبية جديدة – دائرة خارجية من الدول الأوروبية، بما في ذلك أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا وبريطانيا – والتي ستكون مرتبطة بالاتحاد الأوروبي ولكنها ليست جزءا منه.
وقال ماكرون إن مثل هذه الدائرة الأوسع من الدول الأوروبية ستسمح لبروكسل بجلب الدول الضعيفة على طول الحدود الروسية إلى الحظيرة الأوروبية بسرعة أكبر من العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي، والتي “ستستغرق في الواقع عدة سنوات، وعلى الأرجح عدة عقود”.
وقال إن مثل هذا “المجتمع السياسي” من شأنه أن “يسمح للدول الأوروبية الديمقراطية التي تؤمن بقيمنا الأساسية بمساحة جديدة للتعاون السياسي في مجالات الأمن والطاقة والنقل والاستثمار في البنية التحتية وحرية تنقل الناس، وخاصة الشباب”.
وقد اقترحت فكرة الحلقات متحدة المركز أو “طبقات” الدول الأوروبية، و”أوروبا متعددة السرعات”، عدة مرات من قبل، بما في ذلك من قبل الرئيس الفرنسي السابق، فرانسوا ميتران، في عام 1989.
وبعد شهر ونصف من غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا، قالت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، “عزيزي فولوديمير، رسالتي اليوم واضحة، أوكرانيا تنتمي إلى الأسرة الأوروبية”. وقالت، “هذا هو المكان الذي يبدأ فيه طريقك نحو الاتحاد الأوروبي”.
ولكن، حتى لو قرر القادة الأوروبيون فتح مفاوضات مع أوكرانيا، فإن العملية ستكون طويلة، على الرغم من دعم دول مثل بولندا ودول البلطيق للعضوية الفورية.
وفي 22 مايو، قال كليمان بون، وزير أوروبا الفرنسي، للإذاعة الفرنسية، “علينا أن نكون صادقين. إذا قلت إن أوكرانيا ستنضم إلى الاتحاد الأوروبي في غضون ستة أشهر، أو سنة أو سنتين، فأنت تكذب، من المحتمل أن يكون ذلك في غضون 15 أو 20 عاما – يستغرق الأمر وقتا طويلا”.
وقال وزير الخارجية النمساوي ألكسندر شالينبرغ إنه بالنظر إلى الصعوبات يجب أن يقدم الاتحاد لأوكرانيا “مسارا آخر” في علاقتها مع بروكسل.
ورفض زيلينسكي بشدة أي مسار آخر غير تسريع العضوية الكاملة لأوكرانيا في الاتحاد الأوروبي. لكن من غير المرجح أن يتم تلبية طلبه.
وظلت دول أخرى عالقة منذ فترة طويلة في هذه العملية. وتقدمت تركيا بطلب في عام 1987، ومقدونيا الشمالية في عام 2004، والجبل الأسود في عام 2008، وألبانيا وصربيا في عام 2009.
وقد بدأ الجميع مفاوضات الانضمام.
وحتى البوسنة والهرسك قدمت طلبا، وكوسوفو تريد ذلك أيضا.
ومع ذلك، لم يكن هناك توسيع للاتحاد الأوروبي منذ عام 2013، ويرجع ذلك جزئيا إلى مشكلة دمج الأعضاء الأكثر فقرا بالفعل مثل رومانيا وبلغاريا، ولأن معايير الانضمام مرهقة للغاية.
ونقلت الصحيفة عن روزا بلفور، مديرة مؤسسة كارنيغي أوروبا، إنها “لا تتوقع خطة.”
وقالت إن هناك مناقشات “لدمج هذه البلدان بشكل تدريجي أكثر، أو قطاعا تلو الآخر”، بما في ذلك الدخول إلى السوق الموحدة.
ولكن هناك أيضا مخاوف من أن تجزئة العضوية ستقوض القوة اللازمة للإصلاح الداخلي للدول المرشحة لتلبية معايير العضوية الصارمة للاتحاد الأوروبي، مما يضر بقوة الناعمة للكتلة.
المصدر: الحرة