“اختلاف جذري” بين ترامب وبايدن إزاء الشرق الأوسط… وهذه “نقطة الالتقاء” الوحيدة!
رغم الاتفاق الواسع على طبيعة مواقف وأهداف واشنطن الخارجية، فإنّ رؤية مرشحي الرئاسة الجمهوري دونالد ترامب ومنافسه الديمقراطي جو بايدن لمنطقة الشرق الأوسط تبقى استثناء في معظمها.
وبحسب تقرير نشر على موقع قناة “الجزيرة”، فإنّ ترامب وبايدن يختلفان جذريا تجاه الملفين الإيراني والفلسطيني، ومستقبل الوجود الأميركي العسكري في المنطقة، وقضايا حقوق الإنسان، ويتفقان فقط بشأن ملف التطبيع العربي الإسرائيلي، وضرورة استمرار مبيعات السلاح لدول المنطقة.
إيران والخليج
يشير التقرير إلى أنّ ترامب اتبع سياسة متشددة تجاه إيران وانسحب من الاتفاق النووي منتصف عام 2018، ثم فرض عقوبات غير مسبوقة على طهران، وطالب بقية الدول الأعضاء بالانسحاب من الاتفاق النووي الموقع معها.
وتعهد أيضا بالتوصل إلى اتفاق جديد مع إيران خلال شهر في حال إعادة انتخابه، بحيث يتم وضع قيود أكثر صرامة على برنامج طهران في مجال الصواريخ الباليستية، ويحجم دورها في النزاعات الإقليمية بالوكالة.
وترتبط بذلك إعادة هيكلة علاقات واشنطن الأمنية مع دول الخليج، وزيادة الوجود الأميركي فيها ومضاعفة حجم صادرات السلاح الأميركي لدول المنطقة.
بدوره، تعهد بايدن في حال فوزه بتبني سياسة ثلاثية الأبعاد تتضمن الالتزام بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، ويقضي البعد الثاني بعرض طريق واضح للعودة إلى الدبلوماسية والتفاوض بحيث يعمل مع حلفاء بلاده على تعزيز وتوسيع بنود الاتفاق النووي.
أما البعد الثالث من رؤية بايدن لمستقبل العلاقات مع إيران فيقضي بمواصلة العمل ضد أنشطتها “المزعزعة للاستقرار التي تهدد أصدقاء وشركاء الولايات المتحدة في المنطقة”.
حروب أميركا
خلال حملته الرئاسية السابقة عام 2016 دعا ترامب إلى وقف “الحروب السخيفة التي لا نهاية لها” في الشرق الأوسط.
وانطلقت سياسات ترامب المتعلقة باللجوء للخيار العسكري من منطلق رغبته في إنهاء وجود قواته المرتبط بحروب لم تستطع واشنطن حسمها بانتصارات واضحة، سواء في أفغانستان أو العراق وحتى سوريا.
وفي وقت سابق من هذا العام، توسطت إدارة ترامب في التوصل إلى اتفاق سلام مع حركة طالبان من شأنه أن يؤذن بوقف دائم لإطلاق النار ويدفع لانسحاب القوات الأجنبية بحلول أيار 2021.
من جانبه، يمتلك بايدن الخبرة الكافية -سواء من عمله كرئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ أو كنائب للرئيس الأميركي- في إعادة تشكيل سياسة بلاده المتعلقة بالوجود العسكري في المنطقة.
ويتوقع على نطاق واسع أن يتحرك بايدن نحو الحد من المجهود العسكري في العراق وأفغانستان وسوريا أو إنهائه بالكامل، ويطرح تصورا عن ترك قوات مكافحة الإرهاب في بعض البلدان، بما في ذلك سوريا وأفغانستان والعراق.
ويتمتع بايدن بمواقف مرنة تجاه الحروب الأميركية في المنطقة، فخلال عضويته في مجلس الشيوخ أيد غزو أفغانستان عام 2001 وغزو العراق عام 2003.
من جهة أخرى، ضغط بايدن -كنائب للرئيس- من أجل خفض القوات في أفغانستان والعراق، ووصف منذ ذلك الحين غزو العراق بأنه خطأ.
وتعهد بايدن بإعادة معظم أفراد القوات الأميركية من أفغانستان إلى ديارهم خلال فترة ولايته الأولى كرئيس.
حل الدولتين
يعد ملف تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية -التي شملت حتى الآن دول الإمارات والبحرين والسودان- إحدى أهم نقاط الاتفاق بين المرشحين.
واتبع ترامب نهجا مختلفا وأحدث قطيعة جذرية مع سنوات من سياسة واشنطن التقليدية تجاه قضايا الصراع العربي الإسرائيلي، وطرح تصوره فيما عرفت بـ”صفقة القرن” التي دعمت كل الادعاءات الإسرائيلية، مما أدى لرفض فلسطيني تام لها.
وعوضا عن محاولة دفع جهود الوساطة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وضعت إدارة ترامب أهمية كبيرة على تعزيز العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج العربي.
وقد أثمرت هذه السياسة -التي اعتمدت على المخاوف الإقليمية بشأن سياسات إيران في المنطقة- عن توصل الإمارات والبحرين إلى اتفاق سلام وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، قبل أن يلحق بهما السودان، وتضغط إدارة ترامب لإبرام صفقات أخرى من هذا القبيل.
وذكر مستشارو المرشح بايدن أنه سيعيد المبادئ الحاكمة التي وجهت الدبلوماسية الأميركية تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ويشمل ذلك دعم حل الدولتين، ومعارضة عزم إسرائيل ضم الأراضي وبناء المستوطنات.
وقال بايدن إنه لن يتراجع عن قرار ترامب بنقل السفارة الأميركية إلى القدس أو الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.
وفي حين يحافظ على دعم قوي لإسرائيل فإن بايدن سيسعى أيضا إلى إعادة بناء العلاقات مع الفلسطينيين.
ومن المرجح أن يشمل ذلك إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، وإعادة تقديم المساعدات للفلسطينيين، إضافة إلى إعادة فتح البعثة الدبلوماسية الفلسطينية لدى واشنطن.
حقوق الإنسان
تجاهل ترامب ملفات حقوق الإنسان في تعامل بلاده مع الدول الحليفة لها مثل مصر والسعودية، ولم تخرج بيانات التنديد التقليدية عقب وقوع اعتقالات ذات طبيعة سياسية في القاهرة أو الرياض.
ويتوقع المراقبون أن يعيد بايدن الأخذ في الاعتبار قضايا الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية، وأن يعتبرها من أولويات إدارته كما كان كأمر متجذر وطبيعي في صنع سياساتها تجاه الشرق الأوسط.
المصدر: الجزيرة